الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : عموم العام أو استصحاب حكم المخصص
قال المحقق الأصفهاني للعام جهتان جهة اطلاق وجهة عموم
فمن جهة اطلاقه يثبت العموم لكل الأفراد اجمالا، إلا أن يأتي مخصص فيسقط العموم عن عمومه ؛ فلا يمكن التمسك بالعام في غير مورد التخصيص هنا ؛ لأن التخصيص ليس فيه مؤونة زائدة فلا يمكننا التمسك بالعام ؛ فإنما يمكننا التمسك بالعام عند حصول شبهة التخصيص في العام، وهنا لا شك في العموم لأن التخصيص ليس فيه مؤونة زائدة
وأما جهة اطلاقه فتدل على استمرارية هذا الحكم في الزمن، فالأفراد التي وقع عليها العموم يبقى الزمان مستمرا لها إلى أن يأتي المخصص فيخرج قطعة زمنية من ذلك الزمان المستمر ويبقى العموم الأزماني لبقية القطع الزمانية التي لم يشملها التخصيص، فنتمسك بالإطلاق في سائر الأزمنة ؛ لأن للإطلاق وحدة طبيعية لا وحدة شخصية.وأوضح المحقق الأصفهاني أنه ربما يتوهم أن الاطلاق هنا ليس كسائر الاطلاقات .
والجواب عن هذا : أن العوارض التي هي من قبيل الذكورة أو الأنوثة والايمان أو الكفر الموجودة مثلا في الرقبة المطلوب عتقها ليست موجودة في الزمان لأن الزمان وحدة طبيعية فليست فيه عوارض إلا إذا أخذ الزمان كقطع ومفردا ومقيدا وهذا خلاف ما فرضناه
إشكال : ورد ان الاطلاق حكم واحد لموضوع واحد، فإذا ورد التقييد عليه سقط هذا الاطلاق في غير مورد التقييد العموم بالتخصيص وسقط الاطلاق بالتقييد لم يمكن الرجوع للإطلاق في غير موضوع التقييد والموضوع واحد فلا موضوع آخر يرجع إليه.
والجواب : صحيح أن الاطلاق والعموم هما حكم وحد لمعنى واحد إلا أنه إذا ورد التقييد والتخصيص سقطت حجية الظهور في مورد التقييد والتخصيص إلا أن الظهور لم يسقط في بقية الأفراد فيمكن التمسك بالظهور في بقية الأفراد.
والتحقيق: نقول هل أن الاستمرارية والتفريد ( الظرفية والتقييدية) جهتان مستقلتان لا علاقة لأحدهما بالأخرى أو هما جهتان متلازمتان ؟ والجواب: هما متلازمتان، خلافا لما ذهب إليه الأعلام الثلاثة: الأنصاري والخراساني والأصفهاني فقد ذهبوا إلى أنه إن لوحظ الزمان على نحو الظرفية والاستمرارية لا يكون تقييديا ومفردا وإن لوحظ تقييديا ومفردا لا يكون ظرفيا ومستمرا؛ لكن التحقيق خلاف ذلك: فإنهما مرتبطان ومتلازمان ففي كل عام أخذ فيه الزمان مستمرا فإنه يدل على التفريد أيضا وإذا لوحظ التفريد فإنه يدل على الاستمرار أيضا بالتلازم الواقعي والعرف شاهد على ذلك ففي كل عام أخذ الزمان فيه وكان شاملا للأفراد يكون بلحاظ الاستمرار وإذا لوحظ التفريد كان بلحاظ الأفراد نفسها فكلا اللحاظين ( التفريد والاستمرار) قد لوحظ فيهما الأفراد وفي لحاظ الاستمرار لوحظ الأفراد على نحو الطولية وفي التفريد لوحظ الأفراد على نحو الاستقلالية إلا أن اللحاظ مختلف بين الاجمال والتفصيل ففي الاستمرار لوحظ الزمان مستمرا والأفراد بالتبع اجمالا وفي التفريد لوحظت الأفراد بالتفصيل والزمان بالتبع و الاجمال فالإفراد مطوي تحت الاستمرار والاستمرار مطوي تحت الإفراد، فلا ثمرة للقول أن هذا العام أخذ على نحو الظرفية أو التقييدية أي الاستمرارية أو التقييدية فكل واحد منطو في الثاني
هذا إذا علمنا أن المولى يريد التفريد أو الاستمرارية لكن إذا كان هناك شك في العام الزماني هل هو على نحو الاستمرارية أو التقييد؟ فهل هناك أصل يعتمد عليه؟ ذكر بعضهم أن الأصل أن يحمل العام على الاستمرارية إذ التفريد فيه مؤونة زائدة إذ في التفريد لا بد أن يلاحظ المولى كل الأفراد مستقلة ثم يضع لها الحكم المؤونة الزائدة منفية بالأصل لكن كما قلنا أن التفريد منطو في الاستمرارية والاستمرارية منطوية في التفريد ولا ثمرة للتفريق.ففي الأقسام الأربعة السابقة الذكر: عام استمراري وخاص استمراري وعام أفرادي وخاص أفرادي لا ثمرة في هذا التقسيم .
والسر في ذلك أنه لو جاء العام استمراريا وورد عليه خاص فلا يمكن الرجوع للعام في غير مورد التخصيص لانقطاع استمراره سواء كان الخاص استمراريا أو كان أفراديا، وأما إذا كان العام أفراديا وورد عليه خاص - سواء كان استمراريا أو أفراديا - أمكننا التمسك بالعام في غير مورد التخصيص إذ لم تنقطع حجية العام عن بقية الأفراد وإنما انقطعت حجيته في ذلك المورد الذي ورد فيه الخاص فقط، ولا يمنع من الأخذ بالعام إلا أحد أمرين :
الامر الاول : دليل خاص يمنعنا عن الأخذ بالعام، فللدليل الخاص عموم أفرادي أو استمراري أيضا ؛ لكن هذا من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه.
الامر الثاني : الرجوع للأصل العملي كأصالة العدم ولكنه محكوم بالدليل اللفظي ولا يمكن الرجوع للأصل مع وجود الدليل الاجتهادي.