الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الاستصحاب
كان الكلام في توجيه مقالة الاصوليين من ان من ذهب منهم الى ان الاستصحاب لا يجري في ذلك الحكم الشرعي الذي يستند الى حكم عقلي هذه المقالة تحتمل وجوه اربعة :-
الوجه الاول : لا يتصور الشك في حكم لا يمكن ان يتصور الا بعد  ان يكون موضوعه محدد ومبين مفصل، فلا يمكن ان يتصور الشك فيه حتى نقول ان فيه استصحاب لان الاستصحاب متقوم بركنين مهمين اليقين والشك فاذا لم يتطرق الشك الى الحكم المستند اليه فلا يجري الاستصحاب فيه، وقد تقدم الجواب عن هذا الوجه في ما مضى .
الوجه الثاني : ما ذكره بعضهم ما استفاده من بحث المحقق الاصفهاني في بحث المقدمية في ان الخصوصيات التي تذكر في موضوع الحكم العقلي هي من قبيل الجهات التقييدية لا من قبيل الجهات التعليلية حتى يكون نظر الحاكم فمعناها انها علة لعروض العلة على معروضه واما اذا كانت جهات تقييدية فمعناه ان الحكم يدور مدار الخصوصية فاذا وجدت يوجد الحكم واذا انتفت فالحكم ينتفي ايضا، وايضا الجواب عن هذا الوجه هو نفس الجواب عن الوجه الاول
الوجه الثالث : ما ذكره بعضهم من ان الخصوصيات متقومه عرفا وذلك لان الكلام في تلك الاحكام الشرعية المستندة الى الاحكام العقلية التابعة للتحسين والتقبيح العقليين، فالخصوصية التي يأخذها العقل في هذا لمتعلق التكليف لا ان تكون قيود  في موضوع التكليف، وقد علم ان كل قيد اذا اخذ في متعلق التكليف فمعناه لابد ان توجد تلك الخصوصية فان وجدت فالحكم يكون ثابت وان لم توجد في متعلق التكليف فالتكليف لم يتحقق بخلاف الموضوع، فمثلا العقل يحكم بحسن الاحسان وقبح الظلم وهما ثابتان بحكم العقل فلما يأتي في مرحلة خارجية فيقول الكذب من مصاديق الظلم والصدق من مصاديق الحسن، انما الكلام في ما اذا كان صدق مضر موجب لقتل انسان فهذا الصدق يكون قبيح، فبهذا العنوان انه صدق مضر وكذلك الكذب قبيح ظلم لو كان موجب لأنقاذ نفس محترمة فانه ينطبق عليه عنوان الحسن ويجب فهل ان هذا الحكم مترتب على عنوان الكذب في حال الانقاذ ام ان الحكم في حال الانقاذ مصداق للحسن فيتعلق التكليف به .
بلا فرق بين الشبهات الموضوعية المصداقية وهي ما ثبت شيء حرمته او وجوبه ثم شك في ان هذا الموضوع داخل به او لا كما اذا علم انه كذب وحرام ثم شك بعد ذلك لأجل امر هل هذا من الكذب او لا فلا يجري الاستصحاب في المقام، وكذلك الشبهات الحكمية ما اذا علم الحكم ثم عرض عليه شبهة وشك في ان هذا الحكم ثابت او لا الصدق المضر حرام فلو شك في انه صدق او لا فلا تستصحب الحرمة حينئذ فلا فرق في هذا بين الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية لان هذه الخصوصيات انما هي راجعة الى فعل المكلف وهي قيد في فعل المكلف وحينئذ لا يتصور فيه الشك وهذا ما ذكره الشيخ الانصاري رحمه الله حيث انه قال يمكن ان ترجع هذه القيود الى فعل المكلف لا الى الموضوع فجعلوا هذا الوجه هو الوجه المتين ولا يمكن رده .
ولكن يمكن الاشكال عليه : ان الاحكام العقلية واحدة حسن الاحسان وقبح الظلم الكذب من الظلم والصدق من الحسن فاذا كان قيد فهو راجع الى هذا العنوان فأما ان نقول ان المتعلق والموضوع واحد في الاحكام العقلية وان اختلفا بالنظر الدقي في الاحكام الشرعية فرق في المتعلق والموضوع فالخمر حرام وهو موضوع لهذا التكليف ومتعلقة شرب الخمر، اما في الحكم العقلي والمتعلق والموضوع شيء واحد وان اختلفا دقتا وان لم نقول متحدان لمن بالنظر العرفي انما يكون من الكلي المنطبق على افراده فالصدف في حال الضرر قبيح والكذب في حال انقاذ نفس محترمة حسن وهذا العنوان ينطبق على فعل المكلف انطباق الكلي على افراده فلا فرق ان نرجع القيود الى الموضوع او الى فعل المكلف .
نعم في الشرعية المبتنيه على الدليل والنص الشرعي المتعلق غير الموضوع فان قيود المتعلق شيء وقيود الموضوع شيء اخر، وعلى فرض التنزل ان هناك امران متعلق وموضوع فان تعلق الحكم انقاذ هذه النفس المحترمة وهذا متعلق التكليف ولكن هذا راجع الى العرف ايضا ويرى انه من قيود الموضوع لا من قيود المتعلق وعلى فرض التنزل نقول ان هذه القيود ليست حقيقية حتى نقول انه الحكم يدور مدارها .