الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :- الفصل الرابع – الاستصحاب
الاستصحاب وهو من الاصول المعتبرة عند جميع المسلمين على اختلاف طوائفهم ومن القواعد العامة في جميع ابواب الفقه فلا اشكال في ثبوت الاستصحاب في مقام الحكم ومقام العمل، ولا ريب في الاستصحاب فيه جهة حكم وجهة امارة وجهة اصل بخلاف سائر الاصول العملية التي تجري في مقام الشك الا ان الاستصحاب فيه ملاك كل واحد من باقي الاصول العملية، ولذلك ترى ان بعض الاصوليين يعدونه من الحكم الشرعي الفقهي وبعضهم يعدونه من الاصل العملي وبعضهم يعدونه من القواعد فقد عبر البعض عن تعريف الاستصحاب انه قاعدة، وقبل بيان ادلة حجية الاستصحاب لابد من تقديم امور :-
الامر الاول : عرفتم ان هناك عناوين ثلاثة الكبرى الكلي التي يستنشئ منها الحكم الشرعي والقاعدة الفقهية والمسألة الفقهية، فقد ذكرنا مرارا التميز بين هذه العناوين الثلاثة
اما المسألة هي الكبرى التي تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي وهي الكلي التي يستنتج منه الحكم الشرعي فاذا قلنا كل امر ظاهر في الوجوب وضممنا الى هذا ان هذا امر فلا محال ان هذا ظاهر في الوجوب .
اما القاعدة الفقهية هي ما يتعلق بالإنسان من حيث وظيفته الشرعية وهي تجري في جميع الابواب كقاعدة لا ضرر وقاعدة لا حرج ولكن قد تختص القاعدة الفقهية بباب دون الابواب الاخر كقاعدة لا شك لكثير الشك وكقاعدة لا تعاد الصلاة الا من خمس فانهما قاعدتان لكنهما تختصان بخصوص الصلاة او تعم الصوم، ولذلك يمكن التميز بين القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية ان القاعدة الفقهية لوحظ فيها جهة الفقهية والمسألة الفقهية لوحظ فيها جهة الجزئية في باب دون باب الا انه قد يكون في بعض الموارد القاعدة الكلية في جميع الابواب ولا ضير في ذلك اذا كان الجهة الملحوظة في الاولى الكلية والعموم والجهة الملحوظة في المسألة الفقهية التخصيص دون التعميم الا انه قد يكون الامر بالعكس في كل واحد منهما .
وقد يختلط الامر فيشتبه علينا ان هل هذا فيه ملاك المسألة الفقهية او فيه ملاك القاعدة الفقهية ولا ضير في ذلك اذا عرفنا الملاك في كل واحد منهما نعم قد يكون في مورد يجتمع فيه ملاك فيشتبه الامر على العلماء .
اما الاستصحاب فقد اجتمع فيه ملاك كل واحد من هذه فهو داخل في المسألة الاصولية وداخل في القاعدة الفقهية بلحاظ ان هذا الاستصحاب ان لوحظ فيه جهة العموم وتعين وظيفة الانسان وقد تكون فيه ملاك المسألة الفقهية اذا كان يعتمد عليه في تعين وظيفته العملية فاذا كان في طريق استنباط الحكم الشرعي فهو مسألة اصولية وان لوحظ فيها انه وظيفة للإنسان الشرعية من دون اختصاص بباب فهو قاعدة فقهية وان كان هناك اعتماد على الاستصحاب في وظيفة الانسان العملية فهو مسألة فقهية فالملاك موجود من كل واحد من هذه موجود في الاستصحاب، ولذلك ترى ان الاصوليين والفقهاء اذا اختلفوا في تعريف الاستصحاب الا ان هذا الاختلاف لا يضر بعد معرفة حقيقة الاستصحاب ولا حاجة لذكر التعاريف والاشكالات عليها، نعم يستكشف من هذه التعاريف المختلفة مباني الاعلام في الاستصحاب فبعضهم يرى ان الاستصحاب قاعدة فقهية وبعضهم يعتبره مسألة اصولية فيعرف الاستصحاب بحسب مبناه وبعضهم يجعله مسألة فقهية فيعرفه بحسب مبناه
فتبين ان الاستصحاب برزخ بين الاصول العملية والقواعد والامارات والمسألة الفقهية من أي جهة اردنا تعريفه لا يضر لان في الاستصحاب يقين وشك بخلاف بقية الاصول العملية التي فيها وظيفة عملية في مقام الشك وقد عرف السيد الوالد الاستصحاب بانه اثر ما يعتذر به سابقا الى زمان الشك فيه ولعل تعريفه اجمع التعاريف حيث يمكن تفسيره على كل واحد من هذه الامارات .
الامر الثاني : انهم قالوا ان الاستصحاب حكم ظاهري ام ان الاستصحاب حكم واقعي أي قاعدة وامارة وقبل البيان في هذا فلابد من بيان الحكم الظاهري والحكم الواقعي فقد ذكر السيد الصدر في المقام وجهان لتميز الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي :-
الجهة الاولى : ان الحكم الظاهري هو الحكم المجعول من قبل المولى في الظاهر من حيث التعلق الالزامي اذا اشتبهت الاحكام الواقعية الالزامية والاحكام الترخيصية في مرحلة الجعل والتشريع اذا كان هناك اشتباه فيجعل المولى حكم ظاهري لأجل تقديم احدهما على الاخر من حيث الاقوى ملاكا واهميتا فعبر عنه بالتزاحم الحفظي بخلاف ما ذهب اليه المحقق الخراساني بالتزاحم الملاكي وما ذهب اليه المحقق النائيني بالتزاحم الامتثالي فالكل متفقون على ان الحكم الظاهري هو ملاك الطريقي الى الواقع عند تزاحم الاحكام الالزامية والطريقية والاشتباه بينها .