الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة لا ضرر
والحق ان معنى الضرر هو عنوان انتزاعي مما يحصل من الحدث والخلل في الفرد في حياته وشؤونه او جاهه وعنوانه او عرضه او ماله سواء كان راجعا الى نفسه او الى احد متعلقيه .
فيشمل هذا التعريف جميع ما ورد في تعاريف القوم سواء كانوا لغويون او غيرهم ومما ذكروه عنوان ما يكرهه او ما يسوئه او تسوء به حاله او ما ينتقص منه مما هو ضد النفع ويشمل الضرر المادي وغير المادي ايضا، وبناء على ما ذكرناه تنحل معضلات شاقة بعد انفتاح العالم ودخول امور لم يكن يتوقعها الانسان قبل فترة وجيزة فتشمل الشركات وحقوقها والبنوك ومقوماتها ووسائل التواصل بأنواعها وما يترتب عليها وغير ذلك من الموارد التي ستحدث في المستقبل، فاذا اقتصرنا على الجانب الحسي الذي ذكره الفقهاء والقانون المدني الغير معاصر لخرجت موارد كثيرة عن قاعدة لا ضرر، الا ان القول بهذه التوسعة لابد لها من مقومات فاذا اساء شخص الادب لشخص فحصل له هم وغم فيقول تضررت فالقول بهذه التوسعة لمعنى الضرر بعد ذكر العلماء لصغريات خاصة لها والفقهاء انما ذكروا بعض الامثلة في كلماتهم فهي كبرى تشمل هذه وغيرها مما حصلت في هذه الاعصار ولابد من توجيه جديد ليشمل الجميع فاذا اردنا ان نقتصر على ما ذكره الفقهاء فلا يشمل ما حدث في هذه الاعصار ابدا اما اذا اردنا معنى شامل فلابد من ذكر قاعدة كبرى والتطبيق على من يريد ان يطبقها على الصغريات ويشهد لما ذكرناه العرف المعاصر الذي يختلف عن العرف القديم الذي كان محدودا بما توصل اليه من الحس ولكن لابد ان يكون لهذا العرف شاهد على صدق الضرر لانه ربما يتسامح في كثير من الموارد فنقول انه هو المراد والمطلوب، ويمكن ان نستفيد مما ذكره العلماء من الامثلة للضرر مقومات لهذا الضرر لان لكل مثال له خصوصية يمكن استفادة مقومات واساس الضرر المنفي في الاسلام وقبل بيان المقومات وقواعد هذا الضرر لابد من التنبيه على امور حتى نعرف كيف نستفيد من مما ذكره الفقهاء والعرف ايضا
التنبيه الاول : الضرر مفهوم عرفي لابد في تعينه من الرجوع الى العرف وهذا الامر مما لا اشكال عليه عند الجميع فان الشرع اوكل تعينه للعرف .
التنبيه الثاني : ربما يختلف العرف بحسب الزمان والمكان ففي زمن يكون ضرر وفي زمن لم يكن ضرر كما انه في مكان يعد ضرر وفي مكان اخر لم يعد كذلك وربما عنوان ضرري في العرف القديم لم يكن كذلك في العرف المعاصر او بالعكس .
التنبيه الثالث : العرف على قسمين فعرف دقي مبني على فهم العقلاء وعرف مسامحي ولابد لنا من تعين هذين الامرين في المفاهيم العرفية التي وردت في لسان الشرع، فهنا عرفان عرف مبني على الدقة والضوابط لدى العقلاء وعرف مسامحي لدى الجميع يرى كل هم وغم يحصل للإنسان من شخص اخر هو ضرر، والمدار في المقام هو الاول العرف الدقي المبني على ضوابط وفهم دقيق عند العقلاء .
التنبيه الرابع : يختلف نظر العرف تبعا لانتماءاتهم الفكرية فكل قوم يحكون على شيء بالضرر بحسب انتمائه وتفسيرهم يرجع الى المصالح الخاصة فما جلب لهم المادة يسمى خلقا كما في هذه الازمان فقد اعتبروا الصدق مثلا الذي يعد من اهم الافعال الفاضلة صدقا اذا عد مجلبة للماديات والكذب يعتبرونه خلق كريم اذا جلب لهم المال، فتفسير الضرر اذا كان بالتفسير المادي كل شيء يعتبر ضرر اهانة غم هم يسمى ضرر فلابد من التعويض، واما اذا كان الفكر السائد هو ثبوت قيم اخلاقية فنتبع تلك القيم .
وعلى ضوء هذه الامور يتضح عندنا مقومات الضرر واركانه هي :-
الركن الاول : ان يحكم العرف انه ضرر وليس المدار على ما يحكم به الشخص المتضرر او افراد معدودين ولا يعتبر التسامح في هذا الامر .
الركن الثاني : ان يكون الضرر مما يوجب نقصا ماديا او ما يحكم به العرف انه من قبيل الضرر المادي .
الركن الثالث : لا ينطبق الضرر على ما يوجب الغم والهم للإنسان كما عده بعض الافراد من الضرر فان عدهم هذا مبني على المسامحة والمجاز وفي الحقيقة لا يعد ضرر لعدم توفر الركنين الاوليين فيه .
الركن الرابع : لا يختص عنوان الضرر بالفرد الحقيقي بل يشمل الفرد الاعتباري كالشركات والبنوك ونحو ذلك .
فان تحققت هذه الاركان في شيء يسمى ضرر ويكون تحت عنوان الحديث الشريف فتدخل فيه كثير من المصاديق التي ذكرها الفقهاء قديما وما ادرجه بعض العلماء في وقتنا الحاضر فيشمل النقص المادي كلا او جزءا كما يشمل النقص المنفعي والنقص الانتفاعي ايضا كما يشمل النقص الناتج من تحديد سلطة المالك كما في الغاصب الذي يمنع الانسان من التصرف في ماله كما يشمل الاضرار الادبية التي توجب الإساءة الى الشخص مما يوجب سقوط شخصيته المعنوية في المجتمع فكل هذه الامور بلا فرق بين ان يكون الضرر متعلق بالنفس او بالغير فان الضرر هو ما اوجب نقص في الاشياء الحيوية اما بإزالتها او تعطيلها او اهدار نفع حاصل فعلا بحيث يحدث عمل يوجب تسبيله مما يوجب الضرر على المالك .