الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
الاعتراض الثاني : قال المحقق الاصفهاني (رحمه الله) ان ما ذكره صاحب الكفاية خلاف ما ذكره في تبديل الامتثال بالامتثال وان العمل علة اعدادية لترتب الملاك وليس علة تامة لذلك ورد في الصلاة التي اذا اتى بها شخص منفردا ثم اقيمت جماعة ويعيدها مع الجماعة، عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : اصلي ثم ادخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت ؟ فقال (صل معهم، يختار الله أحبهما إليه)[1] ففرضية المحقق الخراساني في المقام تنافي ما ذكره في تبديل الامتثال بالامتثال من ان العمل الصادر من المكلف علة اعدادية لترتب الملاك وليس علة تامة .
يورد عليه ان ما ذكره المحقق الخراساني صحيح من ان العمل علة اعدادية لترتب الملاك وليست علة تامة ولكن في المقام نفس العمل علة تامة لسقوط العقاب فهما امران مترتبان العمل علة اعدادية لترتب الملاك وبنفسه علة تامة لسقوط العقاب فجهة تنظر الى تبديل الامتثال بالامتثال ولم تنخرم هذه القاعدة التي اسسها المحقق الخراسان ولكن في المقام علة تامة لسقوط الاعادة او القضاء وسقوط العقاب
الاعتراض الثالث : ما ذكره السيد الخوئي وهو على قسمين
الاول : ان الفرضية التي فرضها المحقق الخراساني لا مبرر لها، لكن هذا الاعتراض غير سديد فهو يريد ان يبرر كيف يكون في المقام صحة وثبوت عقاب وهو ان المصلحة في الجامع قد اتى بها وترك المصلحة الالزامية الموجودة في الخاص فلذلك صح العمل وعوقب على ترك هذه المصلحة الخاصة فالمبرر موجود في المقام فكيف تقول انه لا مبرر لهذه الفرضية .
الثاني : قد ذكر في التقريرات ان هاتان المصلحتان المصلحة في الجامع والمصلحة الخاصة ان كانت مرتبطتان بحيث لا يمكن التفكيك بينهما فاذا اتى بالتمام فلا مصلحة في القصر حينئذ، وان كانت المصلحتان مستقلتان فسيستلزم تعدد العقاب وهذا لا يقول به احد بل هو خلاف فتوى الفقهاء
اجيب عنه : ان تعدد العقاب تارة يكون من ناحية الكم كما اذا فرضنا ان هناك عقاب واحد فأتى بعمل اخر عوقب بعقاب ثاني وهكذا، وتارة يكون العقاب من حيث الكيف فقتل النفس المحترمة حرام وعليه العقاب اما اذا كان قتل نفس معصوم فعقابه اشد، وهنا ايضا يعتبر في الكيف فاذا فرضنا انهما مصلحتان مستقلتان فانه عقاب واحد فان المحقق الخراساني لم يفرض هناك ملاكان مولويان الزاميان ملاك في التمام وملاك في القصر بل هو ملاك واحد ذو جزئيين جزء في مصلحة الجامع وجزء في المصلحة الخاصة فلا يكون عقابان حينئذ بل هو عقاب واحد، وعلى فرض تعدد العقاب لكن العقاب المتعدد هنا ليس في الكم وانما هو في الكيف يعاقب على ترك صلاة القصر فيما اذا تركها عمدا، يعاقب بعقاب من ترك صلاة القصر عمدا في السفر وهذا هو العقاب الشديد .
الاعتراض الرابع : ما ذكره المحقق الخراساني ايضا حيث قال (قدس سره) اذا كان هناك في مصلحة خاصة و اتى بالمصلحة الجامع جهلا سقط عنه التكليف وصح العمل لكنه معاقب لأجل ترك تلك المصلحة الخاصة فهذا الامر اذا جرى وصح يكون في الترك العمدي ايضا كذلك فلو ترك القصر واتى بالتمام فقد اتى بصلاة صحيحة مع انهم لا يقولون بذلك
اجاب بنفسه عن ذلك وقال ان هذا الاعتراض صحيح لكن في صورة العمد مقيد بان يأتي بصلاة القصر في السفر ولو لم يأتي بصلاة القصر تكون صلاته باطلة فهنا مصلحة في الجامع لكن مقيدة ان تكون في صورة الجهل لا في صورة العمد .
الاعتراض الخامس : ان هذه الفرضية تحتاج الى تعدد الخطاب فلا يكون خطاب واحد موجه الى المكلف فان المسافر لابد ان يأتي بالصلاة قصرا ونقسم هذا الخطاب الى خطابين ما يتعلق بالجامع وما يتعلق بالمصلحة الخاصة، وهذا هو الصحيح في المقام وهناك ردود اخرى وهي تطويل بلا طائل، والسيد الصدر رحمه الله في مقام رده على السيد الخوئي اتى بكلام طويل لا محصل له الا ان الجواب ما ذكرناه .
الوجه الثاني : ان ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله من ان هنا واجبان مستقلان واجب مستقل متعلق بالصلاة قصرا في حال السفر وواجب اخر متعلق بأصل الصلاة، هذا الامر صحيح في صورة الجهل ولكن في صورة العمد ايضا لابد ان يكون هناك واجبان مستقلان واجب متعلق بأصل الصلاة وواجب متعلق بالقصر في السفر او الجهر في الصلاة الجهرية او بالاخفات بالصلاة الاخفاتية فلو ترك هذه الخصوصية عمدا فصلاته ايضا صحيحة لكنه يقول رحمه الله انه في صورة العمد الواجب الاستقلالي ينقلب الى الواجب الضمني وهذا الواجب الضمني صحيح ولا اشكال في اننا نأخذ العلم بالحكم قيدا في موضوع علم اخر -كما تقدم سابقا في بحث القطع- يمكن ان يؤخذ العلم بالحكم قيدا في معلوم حكما اخر في المقام ايضا كذلك فحينئذ يكون العلم بالحكم مـأخوذا في موضوع حكما اخر وهو صحيح، هذا ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله وقد استشكل عليه بإشكالات عديدة تأتي انشاء الله .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص403، باب اعادة المنفرد صلاته اذا وجدها جماعة، ح10، ط ال البيت.