الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
الاعتراض الثاني : ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من ان هذه الدعوى ان هذا العلم الاجمالي لا يفي بالدعوى ودعونا هي عدم جواز التمسك بالبراءة قبل الفحص لوجود العلم الاجمالي لان هذا العلم الاجمالي قد انحل بسبب التكاليف ووجود الروايات فان العلم التكليفي الالزامي بعد التفحص او وجود  رواية معتبرة مما اوجب انحلال هذا العلم الاجمالي فاذا انحل يكون موجبا للرجوع الى البراءة حتى قبل الفحص لان هذا العلم الاجمالي هو الذي كان مانعا وقد انحل بالعثور على التكاليف الالزامية فاذا انحل العلم الاجمالي لا يكون مانعا من التمسك بدليل البراءة قبل الفحص ايضا
الجواب : قال المحقق النائيني ان هذه التكاليف المعلوم بالإجمال تفصيلا بالرجوع الى الروايات والأمارات لإثباتها وهي ذو علامة متميزة فان المعلوم بالإجمال من التكاليف ذو علامة متميزة لا يمكن ان توجب انحلال ذلك العلم الاجمالي في سائر الشبهات اذ يوجد عندنا شبهات اخرى غير التي علمنا بها التكاليف على الاجمال تفصيلا فيها بسبب الرجوع الى الروايات الا انه في باقي الشبهات لا يوجب سقوط العلم الاجمالي في باقي الشبهات فيبقى العلم الاجمالي متحققا ولا يمكن لنا الرجوع الى البراءة فيها، وهذا نظير من علم باشتغال ذمته بدين ولكنه مردد بين الاقل والاكثر وهو يعلم تفصيلا اذا رجع الى دفتر الديون المقدار الذي بذمته، فلا يتوهم احد بانه يرجع الى البراءة في الزائد ويأخذ بالمتيقن فان العلم الاجمالي يرتفع بالرجوع الى ذلك الدفتر فيتعين ذلك العلم ويتحقق حينئذ، وفي المقام ان العلم الاجمالي قد تنجز بعد التفحص والعثور على جملة من التكاليف في جملة من الشبهات لكن في باقي الشبهات لا يسري ويبقى العلم الاجمالي منجزا في سائر الشبهات وحينئذ يكون الرجوع الى البراءة قبل الفحص غير صحيح وهذا ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله
استشكل عليه : اولا - لا يوجد عندنا ميزة وعلامة متميزة بين ما علمناه اجمالا من التكاليف تفصيلا، ثانيا- ان هذا المقدار من العلم كافي في انحلال ذلك العلم الاجمالي ولو انحلالً حكمياً
والصحيح ان اعتراض المحقق الخراساني غير وارد فننا لو علمنا التكاليف بالرجوع الى الادلة في جملة من الشبهات وعثرنا على جملة من التكاليف على الاجمال فهذا العلم الاجمالي صحيح انحل في تلك الموارد التي تفحصنا بها وعثرنا على تلك الاحكام بنحو الاجمال تفصيلا الا انه لا يوجب رفع اليد عن قاعدة عدم الرجوع الى البراءة قبل الفحص في الشبهات الاخرى التي يحتمل فيها تكاليف الزامية فلو دخلنا في باب كبير من ابواب الفقه وشككنا في جملة من التكاليف الالزامية فنقول ان في باب الطهارة انحل ذلك العلم الاجمالي ففي الباب الثاني ايضا ينحل فليس الامر كذلك لأنه في حتى لو انحل في شبهة لكن لا يوجب انحلال العلم الاجمالي في الباقي ولا يمكن لنا الرجوع الى البراءة قبل الفحص وهذا لا اشكال به، فالذي ذكره المحقق النائيني رحمه الله ان اراد به هذا المعنى فهو صحيح واما ان يجعل للمعلوم التفصيلي الاجمالي علامة مميزة فلا يوجد عندنا مثل هذه العلامة فان المعلوم بالإجمال والمعلوم بالتفصيل ليس فيهما اختلاف وبناءً على هذا فلا يمكن لنا الرجوع الى البراءة في سائر الشبهات قبل الفحص .
الاعتراض الثالث : عرفتم في باب ملاقي احد اطراف الشبهة المحصورة قلنا هناك ان الاصول المتسانخة تتعارض وتتساقط ويبقى الاصل الغير مسانخ باقي والعلم الاجمالي لا ينافيه مثلا لو كانت هناك شبهة حكمية من حيث الطهارة فإصالة البراءة واصالة الاباحة هما اصلان متسانخان يتساقطان بسبب هذا العلم الاجمالي لكن اذا تساقط هذين الاصلين نرجع الى الاصل الغير مسانخ لهما وهو اصالة الطهارة وقد تقدم تفصيل هذا الكلام، وفي المقام ان العلم الاجمالي اذا اوجب سقوط الاصول المتسانخة وتتعارض وتتساقط لكن العلم الاجمالي لا يوجب سقوط الاصل الغير مسانخ في المقام وهو كافي، ففي أي مورد اذا كان اصول متسانخة تسقط لكن الاصل الغير مسانخ يبقى على حاله فنرجع الى ذلك الاصل حينئذ، فالعلم الاجمالي لا يوجب سقوط الاصل الغير مسانخ وان اوجب سقوط الاصول المتسانخة وهذا ما تقدم في بحث ملاقي احد اطراف الشبهة المحصورة
والجواب عنه : اذا كانت هناك اصول متسانخة في موارد العلم الاجمالي وتعارضت هذه الاصول وتساقطت فالعلم الاجمالي لا ينافي الاصل الغير المسانخ ويبقى سالما ولا يسقط، لكن في قاعدة عدم الرجوع الى البراءة قبل الفحص لا يمكن لنا قول ذلك لان اصل البراءة قبل الفحص لم يتحقق موضوعه وهو الشك المستقر وقد تبين ان مع احتمال التكليف الالزامي لا يمكن ان يستقر ذلك الشك فموضوعه قبل الفحص لم يتحقق ولذلك لا يمكن الرجوع الى البراءة قبل الفحص مع احتمال تكليف الزامي فيوجب عدم استقرار الشك الذي قيد موضوع البراءة بالشك المستقر فلم يتحقق موضوعه .
الوجه الثامن : قالوا اننا نرجع الى الاستظهار العرفي من دليل التكليف الالزامي فان الشارع الاقدس يهتم بتكليفه ويرى ان تكليفه اذا كان في موارد العلم الاجمالي بنحو الشبهة المحصورة فلابد من الاعتناء به وكذلك في موارد الشبهات قبل الفحص لابد من الاعتناء به وهذا الاستظهار العرفي هو في حاق العقل يمكن ان يكون المولى لا يهتم بالغرض الالزامي اذا كان هناك شك وتردد الا ان الاستظهار العرفي من دليل التكاليف يرى بالاهتمام في موارد الشبهات المحصورة وفي موارد الشبهات قبل الفحص لابد من الاعتناء بالتكليف الالزامي وهو المستفاد من الدليل، فمن دليل التكليف الالزامي نستفيد منه دلالة التزاميه وهذه الدلالة الإلزامية العرفي تقضي بانه قبل الفحص لا يمكن الرجوع الى البراءة وهذا هو المستفاد من الاستظهار العرفي فهناك مانع لو ثبت اطلاق دليل البراءة فهو لا ينفي التكليف الالزامي انما يثبت وظيفة عملية في مرحلة الشك ليس اكثر من ذلك واطلاق دليل البراءة يشمل ما قبل الفحص لكن يمنع هذا الاطلاق الدلالة الالتزاميه العرفية التي تكون مستفادة من دليل الخطاب الالزامي فان المولى يهتم بهذا الخطاب فلابد ان لا يرجع الى البراءة قبل الفحص سواء كانت البراءة عقلية ام شرعية فان في موارد قبل الفحص لا يمكن لنا الرجوع الى البراءة وهذا مانع في البين، وهذه الوجوه الثمانية بعضها يرفع المقتضي عن دليل البراءة حتى لا تشمل الشبهات قبل الفحص وبعضها تثبت المانع لعدم شمول دليل البراءة ولو كان لها اقتضاءٌ، فبعضها كان قابل للمناقشة وبعضها لم يكن قابل والبعض منها راجع الى ما ذكره السيد الوالد من دليل الاصول المؤمنة ان المناط فيها وموضوعها هو الشك المستقر فقبل الفحص لا يكون الك مستقر فقبل الفحص لا يتحقق موضوع هذه الاصول
الوجه التاسع : التمسك بالأخبار التي تقدم ذكرها في بداية البحث من ان هناك اخبار مثل طلب العلم والحث عليه والتوبيخ على تاركه تدل على انه لا يجوز لنا الرجوع الى البراءة قبل الفحص، استشكل المحقق العراقي رحمه الله على التمسك بالأخبار بوجوه :-
الاشكال الاول : ان المنصرف منها انها في موارد العلم اجمالي لا الشبهات قبل الفحص فاذا علمت بالتكليف اجمالا فحينئذ يجب عليك الرجوع الى العلم والسؤال عن اهل الذكر والرجوع الى الروايات التي تشير الى هذا المطلب في موارد العلم الاجمالي يجب التعلم واما في الشبهات البدوية التي لم تكن مقترنة بالعلم الاجمالي فالروايات منصرفة عنها
ويمكن رده اولا -انه خلاف الاطلاق فمن قال ان هذه الروايات منصرفة لهذا مع ان فيها اطلاق فان الروايات التي تدل على وجوب طلب العلم والحث عليه والذم بالنسبة لتاركه فاطلاق هذه الروايات يشمل موارد العلم الاجمالي ويشمل الشبهات البدوية بل ظاهرها خلاف ما يريده المحقق العراقي فالخطاب للإنسان اذا لم تعلم بالتكاليف فعليك التعلم فظاهرها انه لا علم في البين لا انه هناك علم ويكون مجملا
الاشكال الثاني : الذي ذكره المحقق العراقي رحمه الله ان هذه الروايات ارشاد الى حكم العقل وليس اكثر من ذلك فان حكم العقل في موارد الشك عليكم ان تتفحصوا وترجعوا الى الروايات، لكن هذا الحكم العقلي تعليقي بعدم وردود الاذن من الشارع وقد ورد الاذن بالترخيص بدليل البراءة فحينئذ هذا الروايات ارشاد الى هذا الحكم العقلي والعقلي تعليقي وقد ورد الاذن والاباحة من قبل الشارع الاقدس فاذا ورد الاذن يسقط الحكم العقلي
واجبنا عن ذلك في ما سابق حيث استدل بعضهم بالعقل البديهي الذي يقضي بعدم الرجوع الى البراءة قبل الفحص واشكلوا عليه انه تعليقي وقلنا انه حتى لو كان تعليقي لكن في موارد الفحص لا قبل الفحص هو تعليقي لان دليل البراءة لا يشمل ما قبل الفحص لان موضوعه مقيدا بالشك المستقر وقد تقدم الجواب عن ذلك
الاشكال الثالث : ان هذه الروايات لا تشملنا نحن انما تشمل الذي يجهل الحكم بحيث لو اراد ان يسأل لتبين الحكم له وهو مختص بعصر المعصومين ولا يشمل زماننا فبيننا وبين المعصومين بون بعيدٌ فاذا اردنا ان نسأل فنرجع الى الروايات وهي مختصة لمن كان قادرا على التماس الجواب وهو يختص بعصر المعصومين ولا يشمل زمننا لكن الجواب عن ذلك يظهر بعد بيان الروايات هل انها مختصة بعصر المعصومين او انها شامل حتى بغير عصرهم عليهم السلام ؟