الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث فقه الاقتصاد

39/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : العلمانية في الاقتصاد

اختلف الباحثون في اشتقاق هذه الكلمة فبعضهم ذهب الى أن العلمانية من العلمي أي العالم بفتح العين وبعضهم ذهب إلى إن العلمانية بكسر العين من العلمي ولكل واحد من هذين الرأيين أصحاب وكل منهما يخطأ الثاني

اصحاب الرأي الاول قالوا أن العلمانية بفتح العين مشتقه من علم أي العالم ، ذهب أليه جمعا كبير من الباحثين بل قد انتهت لجنة اللهجات بمجمع اللغة العربية إلى ضبط كلمة علمانية بفتح العين وقالوا بأنه أصل العلمانية واحد في اللغة العربية كما في اللغة الأجنبية كلتا اللغتان على قراءة فتح العين

ثم ذكروا أيضا في تاريخ نشأة هذا المصطلح بهذا الشكل بفتح العيني قالوا بان دخول هذه الكلمة على المعجم العربي يرجع إلى أن بدايتها مع انتشار المسيحية في بلاد الشام وكانت اللغة الآرامية هي اللغة السائدة ويطلق عليها اللغة السريانية، وعندما نشأت الكنائس في مدينة إنطاكية نشأت معها طبقة جديدة أطلق عليها لفظ كهانه وظيفتها ممارسة الطقوس الكنسية وتقديم القداس ونشر التعاليم الدينية

الرأي الثاني بان الكلمة مشتقة من العلمي فتكون قراءتها علمانية بكسر العين لا بفتحها وقد اعتبر الشيخ محمد مهدي شمس الدين كون العلمانية بفتح العين المنسوبة إلى عالم أو العالم على غير قياس والذي يعني به بهذا المعنى هي علمانية ما يقابل روحي كهنوتية او ما يقابل دينية بوجه عام من يرتبط بدين يسمى دينيا أو لفظ اخر ومن لا يرتبط بدين يسمى علمانيا واختار هذا الرأي جمعا من العلماء فقالوا بأنها مشتقة من العلم بكسر العين وقال الشيخ الشمس الدين (قدس سره ) بان المقصود به ان يتولى قيادة الدولة والحكم وأجهزته ومؤسساته وخدماته رجال زمنيون لا يستمدون خططهم وأساليبهم في الحكم والإدارة والتشريع من الدين وإنما يستمدون ذلك من خبراتهم البشرية في الإدارة والقانون وأساليب العيش وتكون الروح العامة التي توجه الدولة والمجتمع في جميع مؤسساته الثقافية والسياسية والتشريعية وغيرها غير دينية هذا المراد من لفظ العلمانية، يقابل ذالك إن يتولى قيادة الدولة والحكم رجل يستمدون خططهم وأساليبهم في الحكم من عدة مصادر من جملتها الدين وتكون الروح العامة التي توجه الدولة والمجتمع ومؤسساتهما ذات منابع دينية أو متأثرة بالدين

ثم ذكر رحمه الله في تاريخ نشأت هذه الكلمة بان هذا المضمون المصطلح علمانية يفصل بالظروف التي نشأ فيها هذا المذهب السياسي وتطوره في أوربا في عصر النهضة الأوربية وما ولد من صراع بين الكنيسة من جهة والقوى الجديدة في حقول التجارة والعلم والفن والاجتماع والسياسة وغيرها من حقول حياة المجتمع السياسي

وفي المقابل ذلك مصطلح الفيقراطية ويعني بها دولة ينظم بها المجتمع والسلطة على أساس ديني ويقودها بشكل مباشر أو غير مباشر رجال الدين والمؤسسات الدينية وتشيع فيها روح الدين ورؤية كونية

وفسر بعضهم كلمة العلمانية بالدنيوية لأنها مشتقة من العالم أي الدنيا فكون العلماني هو الدنيوي لأنه يهتم بالدنيا بخلاف الديني والكهنوتي فأنهما يهتمان بالآخرة والأول معجما عربي أورد هذه الكلمة أي كلمة العلمانية هو (المعجم الوسيط) لا العلمنة بمعنى أخراج المجتمع من المسار الديني إلى المجتمع المدني فتكون ثلاثة أراء.

ولا يمكن لنا معرفة العلمانية إلا بمعرفة امور خاصة في أسباب هذا الغموض لحل تلك المشكلات أذا عرفناها نعرف حقيقة العلمانية وهي ستة أمور :-

الامر الاول : تصور ان العلمانية مجموعة أفكار وممارسات واضحة ام انه مذهب عملي وهل هناك تطبيق لهذا.

الامر الثاني : تصور ان العلمانية فكرة ثابتة أخذة بالتحضر كانت ولا زالت ككثير من الآراء التي وفدت او الأفكار التي حدثت ثم انتهى دورها ام هي متتالية لها تحقق في الوجود

الامر الثالث : شيوع تعريف العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة وهذا مما سطح القضية أي جعل القضية سطحية

الامر الرابع : ان الغرب الذين اتو بالعلمانية اخفقوا في تحديد معناها ومسارها وهذا الإخفاق ليس اعتباط وان وراءه قصدا إلى تعدد المصطلحات التي تصف جوانب مختلفة لنفس الظاهرة والافتقار إلى وضوح الرؤية العامة والعجز عن تحديد المعنى المحدد للعلمانية وكل أتى إلى اخذ جانبا من العلمانية هذا اخذ العلمانية بالسياسية وذاك بالثقافة وثالث بالاقتصاد ولم يبينوا معنى عام ومحدد لهذه الكلمة

الامر الخامس : استقرار معنى العلمانية في الغرب في الستينيات مما ضن الجميع ان معناها قد تحدد واستقره ولكن في الآونة الأخيرة أخذت بعض الدراسات الحديثة هذا الموضوع من منظور جديد مما زادت المصطلح إبهاما.

الامر السادس : حدوث مراجعة جديدة في العالم العربي ما أدى الى تصالح بين القوميين العلمانيين والمتدينين في العالم العربي

هذه الأسباب والمشاكل التي أدت إلى غموض كلمة العلمانية فلابد من فصلها وتحديها حتى نصل إلى مفهوم العلمانية ولأجل توضيح هذا المفهوم لابد من تناول كل واحدا من تلك الإشكاليات .