الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن : فصل (في أحكام الجبائر): وهي الألواح الموضوعة على الكسر والخرق والأدوية الموضوعة على الجروح والقروح والدماميل، فالجرح ونحوه إما مكشوف أو مجبور، وعلى التقديرين إما في موضع الغسل، أو في موضع المسح، ثم إما على بعض العضو أو تمامه أو تمام الأعضاء، ثم إما يمكن غسل المحل أو مسحه أو لا يمكن، فإن أمكن ذلك بلا مشقة ولو بتكرار الماء عليه حتى يصل إليه لو كان عليه جبيرة أو وضعه في الماء حتى يصل إليه بشرط أن يكون المحل والجبيرة طاهرين، أو أمكن تطهيرهما وجب ذلك، وإن لم يمكن إما لضرر الماء أو للنجاسة وعدم إمكان التطهير ، أو لعدم إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة ولا رفعها، فإن كان مكشوفا يجب غسل أطرافه ووضع خرقة طاهرة عليه، والمسح عليها مع الرطوبة وإن أمكن المسح عليه بلا وضع خرقة تعين ذلك إن لم يمكن غسله كما هو المفروض، وإن لم يمكن وضع الخرقة أيضا اقتصر على غسل أطرافه، لكن الأحوط ضم التيمم إليه ، وإن كان في موضع المسح ولم يمكن المسح عليه كذلك يجب وضع خرقة طاهرة والمسح عليها بنداوة، وإن لم يمكن سقط وضم إليه التيمم وإن كان مجبورا وجب غسل أطرافه مع مراعاة الشرائط، والمسح على الجبيرة إن كانت طاهرة، أو أمكن تطهيرها، وإن كان في موضع الغسل، والظاهر عدم تعين المسح حينئذ فيجوز الغسل أيضا ، والأحوط إجراء الماء عليها مع الإمكان بإمرار اليد من دون قصد الغسل أو المسح ، ولا يلزم أن يكون المسح بنداوة الوضوء إذا كان في موضع الغسل، ويلزم أن تصل الرطوبة إلى تمام الجبيرة ، ولا يكفي مجرد النداوة، نعم لا يلزم المداقة بإيصال الماء إلى الخلل والفرج، بل يكفي صدق الاستيعاب عرفا. هذا كله إذا لم يمكن رفع الجبيرة والمسح على البشرة، وإلا فالأحوط تعينه ، بل لا يخلو عن قوة إذا لم يمكن غسله كما هو المفروض، والأحوط الجمع بين المسح على الجبيرة و على المحل أيضا بعد رفعها)[1] .

كان الكلام في الحالة الاولى التي ذكرها السيد الماتن في المقام وهي فيما اذا تضرر المكلف من ايصال الماء الى موضع الضرر والاذية تعين عليه المسح على الجبيرة واما اذا لم يتضرر من ايصال الماء الى موضع الجرح ولكن ان امكن نزع الجبيرة فيجب عليه النزع عملا بإطلاقات الادلة الدالة على وجوب الغسل في الوضوء وان لم يمكن نزعه فلابد من ايصال الماء الى العضو اما بجعل الموضوع في الاماء والارتماس او بصب الماء الكثير عليه او بتزريق الماء في ذلك المحل حتى يصل الماء وان اقتصر السيد الماتن على الصورة الاولى وهي رمس العضو لوروده في رواية والا فالمناط على ايصال الماء الى ذلك المحل اذ المحل لا يتضرر بوصول الماء ولكن نزع الجبيرة غير ممكن فلابد ان يفعل هكذا ، وقلنا انه يوجد اتفاق بين الفقهاء على عدم تعيين طريق معين بل المناط بايصال الماء الى ذلك المحل باي طريق كان ، وقلنا ان هذا الاجماع لا حاجة اليه بعد ان كان هذا امر عرفي في ايصال الماء فان العرف يحكم به من دون الرجوع الى الشرع.

وكذا قالوا ان صحيح الحلبي وموثقة عمار التي تمسكنا بهما فان صحيحة الحلبي فيما اذا كان هنا ضرر فليمسح على الجبيرة وموثقة عما فيما اذا لم يمكن رفع الجبيرة حينئذ يستعمل الماء حتى يصل الماء الى المحل ، وقلنا ان الاخبار في المقام هي متعددة تبعا لاختلاف الاخبار اختلفت الاقوال بين الفقهاء وسياتي ان بعضهم يقول انه يجمع بينهما أي يمسح على الجبيرة ويوصل الماء الى المحل وبعضهك قال بضم التيمم ايضا ، وذكرنا صحيحة الحلبي وعرفتم ان موضعها خصوص الضرر وذكرنا موثقة عمار وقلنا ان موضعها فيما اذا لم يمكن نزع الجبيرة واما اذا امكن فلا اشكال في وجوب نزعها وايصال الماء الى البشرة.

القسم الثالث:- صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سالت أبا الحسن الرضا (عليه السلام ) عن الكسير تكون عليه الجبائر، أو تكون به الجراحة، كيف يصنع بالوضوء، وعند غسل الجنابة، وغسل الجمعة؟ فقال: يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر، ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله، ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته)[2] .

فان هذه الصحيحة تدل على انه لا يعبث بجراحه ولها من الاطلاق مما يشمل سواء امكن نزع الجبيرة او لم يمكن ولكن لابد من تقييد هذا الاطلاق بما ورد في موثقة عمار.

وهذه الصحيحة ايضا واردة في خصوص الغسل ولكن عمم الفقهاء الحكم الى الوضوء باتفاق الجميع.

القسم الرابع:- خبر عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبدالله عليه ‌السلام : عثرت فانقطع ظفري ، فجعلت على إصبعي مرارة ، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل. قال الله تعالى : ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) امسح عليه)[3] .

وهذا الحديث جعل قاعدة عامة كلية في باب الوضوء والغسل فكل موضع من اعضاء البدن اذا كان فيه هذا النوع من الاذية وجعل عليه مرارة اي جبيرة فيمسح على الجبيرة فهذه القاعدة لها اطلاق يشمل ما اذا تضرر او لم يتضرر ويشمل ما اذا امكن نزعه او لم يمكن نزعه ، وسياتي انه نوقش في سند هذه الرواية وفي دلالتها.

القسم الخامس:- خبر ابن سنان عن أبي عبدالله عليه ‌السلام قال : سألته عن الجرح ، كيف يصنع صاحبه؟ قال : يغسل ما حوله)[4] . ونفس هذا المضمون وارد في ذيل صحيح الحلبي المتقدم ، وهذا الخبر له اطلاق في الجرح المكشوف وغير المكشوف ولكن ظاهره انه يراد منه الجرح المكشوف لا الجرح المستور بالجبيرة ، وكذا ظاهر في سقوط الغَسل عن تعذره ، ولكن لابد تقييد اطلاق هذه الرواية بتلك الروايات أي يسقط الغسل فيما اذا كان يتضرر او لا يمكن نزع الجبيرة.

القسم السادس:- خبر عمار قال : سئل أبوعبدالله عليه‌ السلام عن الرجل ينقطع ظفره ، هل يجوز له أن يجعل عليه علكا؟ قال : لا ، ولا يجعل عليه إلا ما يقدر على أخذه عنه عند الوضوء ، ولا يجعل عليه ما لا يصل إليه الماء)[5] .

ايضا هذا الخبر لابد من تقييد اطلاقه بتلك الروايات المتقدمة.

القسم السابع:- الاطلاقات التي تدل على سقوط الغسل مع الجروح والقروح.

منها:- صحيح ابن مسلم أنّه سأل أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الرجل يكون به القروح والجراحات فيجنب ؟ فقال : لا بأس بأن يتيمّم ، ولا يغتسل)[6] .

فله من الاطلاق ما يشمل أي حرج على البدن انما ينتقل حكمه الى التيمم سواء كان وضوءا ام غسلا ولا يفرق في هذا بين ما اذا كان يتضرر او لا يتضرر وبين ما اذا امكن رفع الجبيرة او لم يمكن رفع الجبيرة ، ولكن هذه الاطلاقات لابد من تقييدها بتلك الروايات التي فصل في الموضوع.

اما كلمات الاعلام فسياتي الحديث عنها.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج1، ص461، ط جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص463، ابواب الوضوء، الباب39، ح1، ط آل البيت (عليهم السلام).
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص464، ابواب الوضوء، الباب39، ح5، ط آل البيت (عليهم السلام).
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص464، ابواب الوضوء، الباب39، ح3، ط آل البيت (عليهم السلام).
[5] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص465، ابواب الوضوء، الباب39، ح6، ط آل البيت (عليهم السلام).
[6] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص384، ابواب التيمم، الباب5، ح11، ط آل البيت (عليهم السلام).