الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: شرائط الوضوء.

كان الكلام فيما ذكره السيد الماتن (رحمه الله) وهو لو توضا وضوئين وصلى بعد كل وضوء ثم علم بحدوث حدث بعد احدهما فقال يجب الوضوء للصلوات الاتية ويجب عليه اعادة الصلاتين سواء كانتا ادائيتين ام قضائيتين ام مختلفتين الا انه اذا كانت مختلفتين بالعدد اعادتهما معا واما اذا كانت متحدتين بالعدد فيجب اعادة صلاة واحدة بقصد ما في الذمة فان كانتا جهريتين فيأتي بها جهرية وان كانتا اخفاتيتين فيأتي بها اخفاتية وان اختلفتا فيتخير بين الجهر والاخفات.

انما الكلام فيما ذكره بعض الفقهاء في المقام من ان العلم الاجمالي منجز فلا يمكن اجراء الاصول في اطراف العلم الاجمالي المنجر اما لعدم جريانها اذ ادلة الاستصحاب لا تشمل اطراف العلم الاجمالي او يجري الاصل في كل طرف ويتعارضان فيتساقطان كما تقدم بيانه مفصلا وحينئذ قاعدة الاشتغال هي المحكمة.

ولكن بعضهم في المقام قال يمكن الرجوع الى الاستصحاب في المقام لانه توضا اولا وعلم بالطهارة ثم صلى بعد الوضوء ولكن الشك في ان هذا الوضوء هل انتقض قبل الصلاة الاولى او كان بعد الصلاة الاولى فاستصحاب الطهارة التي علم بها الى زمان الصلاة الثانية يقتضي صحة الصلاة الاولى ولا يجري الاستصحاب بالنسبة الى الصلاة الثانية وذلك لانه لما توضا ثانيا وصلى ثم علم بتحقق الحدث فانه علم بالوضوء وعلم بالحدث ويجهل تاريخ الحدث فيدخل في المسالة السابقة فلا يمكن اجراء استصحاب الطهارة بالنسبة الى الصلاة الثانية فالمرجع الاشتغال فيكفي اعادة الصلاة الثانية ولا حاجة الى اعادة الصلاة الاولى.

ثم ذكر انه وان كان هذا مخالف للمشهور في هذه المسالة ـــ لان المشهور يذهبون الى اعادة الصلاتين بل ادعي الاجماع عليه ـــ فان المشهور ليس مستنده النص الشرعي وانا مستنده القواعد وتطبيق القواعد والكبريات ولا يضر ذلك.

ويرد عليه انه عندنا صلاتين ونعلم ببطلان احدى الصلاتين وهذا علم اجمالي منجز ومردد بين متباينين واستصحاب الطهارة لتصحيح الصلاة الاولى نفسه يجري بالنسبة للصلاة الثانية فحينئذ الاستصحاب في اطراف العلم الاجمالي المنجز اما لا يجري كما ذهب اليه الشيخ الانصاري (رحمه الله) لان دليل الاستصحاب لا يشمله واما انهما يجريان ولكنهما يتساقطان بالمعارضة فان استصحاب الصلاة الاولى معارض باستصحاب الصلاة الثانية.

واما ما ذكره من ان الاستصحاب لا يجري في الطهارة الثانية فان هذا لا يرفع الغائلة في المقام لان هذا الاشكال نفسه في الطهارة الاولى.

واما ما ذكره من مخالفة المشهور فانه لا يفرق في الدليل ان يكون نصا او قاعدة او اصلا شرعي فهو واحد ، مع اننا ذكرنا مرارا ان المشهور لم يكن دليلا مستقلا في قبال الادلة الاربعة فان المشهور انما يقرب الظن الى مراد الائمة ومقصودهم (عليهم السلام) لا اكثر.

اذن الحق ما ذكره السيد الماتن في هذه المسالة فيجب عليه اعادة الصلاتين وكذا يجب عليه الوضوء للصلوات الاتية.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 42): إذا صلى بعد كل من الوضوئين نافلة، ثم علم حدوث حدث بعد أحدهما، فالحال على منوال الواجبين، لكن هنا يستحب الإعادة إذ الفرض كونهما نافلة.

وأما إذا كان في الصورة المفروضة إحدى الصلاتين واجبة والأخرى نافلة فيمكن أن يقال بجريان قاعدة الفراغ في الواجبة، وعدم معارضتها بجريانها في النافلة أيضا، لأنه لا يلزم من إجرائهما فيهما طرح تكليف منجز، إلا أن الأقوى عدم جريانها للعلم الاجمالي ، فيجب إعادة الواجبة، ويستحب إعادة النافلة)[1] .

 

يوجد عندنا فرعان.

الفرع الاول:- ما اذا توضا وضوئين وصلى بعد كلٍ من الوضوئي صلاتين ولكن كانت كلتا الصلاتين نافلة فالكلام الذي ذكرناه هنا يجري هنا بلا تفاوت فكما ان هنا لا تجري قاعدة الفراغ لأنها اذا جرت في احدهما فتجري في الاخر فتتعارضان فيتساقطان فتجري قاعدة الاشتغال فيجب عليه الوضوء للصلوات الاتية بلا فرق بين ان يكون الاثر اثرا الزاميا أي تكليف منجز او يكون الاثر اثرا ندبيا.

الفرع الثاني:- اذا كانت احدى الصلاتين واجبة والاخرى نافلة معينة والكلام نفس الكلام لان الكلام في مطلق الاثر لا خصوص الاثر الذي يكون فيه تكليف منجز فقاعدة الفراغ لا تجري في الواجبة ولا تجري في النافلة لترتب الاثر على النافلة وان كان الاثر في الواجبة هو تكليف منجز والاثر في النافلة هو تكليف غير منجز الا ان القاعدة تجري لما ذكرناه سابقا من ان القاعدة تجري في كل مورد اذا ترتب عليه اثر سواء اكان ذلك الاثر اثر وجوبي او كان الاثر اثر ندبي فتجري القاعدة فيهما فيتعارضان فيتساقطان فحينئذ نرجع الى الادلة الاخرى.

ولكن السيد الماتن في هذه الصورة قال يمكن القول بجريان القاعدة في الصلاة الواجبة دون الصلاة المندوبة ولا تعارض بينهما لان اجراء القاعدة في الصلاة المندوبة لا يثبت تكليفا منجز بينما في الصلاة الواجبة جريان القاعدة يوجب تكليف منجز فلذا تجري القاعدة في الصلاة الواجبة ولا تجري في الصلاة المندوبة الا انه بعد ذلك قال والاحوط اعادة الصلاتين.

ويرد عليه.

اولاً:- في الصورة الاولى التي تكون نافلتان حكمة بالجزم انه تجري قاعدة الفراغ في الصلاتين وتسقطان بالمعارضة وهنا تستشكل في جريانها في النافلة.

ثانياً:- من قال انه يعتبر في اجراء قاعدة الفراغ ان يكون هناك تكليف منجز في البين بحيث اذا اجرى قاعدة الفراغ يثبت تكليفا منجزا فان المستفاد من قاعدة الفراغ هو الاثر الشرعي المترتب عليه مطلقا سواء اكان واجبا او مندوبا.

هذا كله فيما اذا كان النافلة التي ثبتت بدليل كنافلة الظهرين والمغرب اما اذا كانت الصلاة يريد ان يصليها باعتبار ان الصلاة خير موضوع او الصلاة قربان كل تقي فلا حاجة الى هذا التفصيل الذي ذكروه في المقام فانه مخير يريد ان يأتي بها او لا هو مخير.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج1، ص451، ط جماعة المدرسين.