الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 38): من كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي وصلى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر، فيجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت، والقضاء إن تذكر بعد الوقت. وأما إذا كان مأمورا به من جهة الجهل بالحالة السابقة فنسيه وصلى يمكن أن يقال بصحة صلاته من باب قاعدة الفراغ، لكنه مشكل ، فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضا. وكذا الحال إذا كان من جهة تعاقب الحالتين والشك في المتقدم منهما)[1] .

في هذه المسالة فروع ثلاثة.

الفرع الاول: ما اذا كان قبل الصلاة علم بالحدث وشك في الوضوء فذكرنا سابقا انه يجب عليه التطهر لاستصحاب الحدث ولقاعدة الاشتغال ، لكنه لو غفل عن حاله ودخل في الصلاة ثم بعد الصلاة التفت الى انه علم بحدثه ولكن الوضوء كان مشكوكا عنده فقال السيد الماتن 0رحمه الله9 لا اشكال في وجوب الاعادة او القضاء اذا كان خارج الوقت.

والدليل هو استصحاب عدم الوضوء لأنه قبل الصلاة كان شاكا وان غفل عن حاله ولكنه بعد الصلاة التفت الى حاله فحينئذ استصحاب عدم الوضوء وقاعدة الاشتغال تقتضي اعادة هذه الصلاة لأنه لم يصليها مع طهارة.

هذا ما ذكره ولا اشكال في المقام ولا تجري قاعدة الفراغ لما ذكرناه في بحث القاعدة ان هذه القاعدة انما تجري في الشك المتمحض بعد الفراغ من العمل اما اذا كان الشك قبل العمل وغفل عنه ودخل في الصلاة فلا تجري فيه لأنه لا اطلاق لها لشمول كل شك.

الفرع الثاني: لو كان هذا الشخص علم بالوضوء وعلم بالحدث ولكن شك في المتقدم والمتأخر وليس له حالة سابقة فقد ذكرنا ان القاعدة هي الاشتغال فهي المحكمة ولكنه لو غفل عن نفسه قبل الصلاة ودخل في الصلاة ثم بعد الصلاة تنبه الى نفسه بانه كان قبل الصلاة مشكوكا في المتقدم والمتأخر منهما وكان عليه ان يجري استصحاب الحدث وقاعدة الاشتغال ولكنه لم يجريهما لأنه كان غافلا اما الان بعد الصلاة فحينئذ استصحاب عدم الوضوء يجري وقاعدة الاشتغال محكمة فيجب عليه اعادة الصلاة مع الوضوء في الوقت والقضاء خارج الوقت.

ولكن السيد الماتن (رحمه الله) ذهب في هذه الصورة الى امكان جريان قاعدة الفراغ في حقه لحصول الشك بعد الفراغ وقد اعتمد على هذا اللفظ وهو انه كل من شك بعد الصلاة بصحة عمله الذي اتى به فقاعدة الفراغ تجري.

ولكن قلنا ان التحقيق في قاعدة الفراغ هو القاعدة لا تجري الا في الشك المتمحض حدوثه بعد الفراغ اما اذا كان الشك قبل الصلاة وغفل عنه ودخل في الصلاة ثم التفت الى حاله فلا تجري القاعدة لان دليل القاعدة مورد ما اذا كان عالما قبل الصلاة بصحة الشرائط والاجزاء وحدث له الشك بعد الصلاة وليس لنا اطلاق يشمل المقام.

الفرع الثالث: يعلم بالحدث ويعلم بالوضوء ويعلم بتاريخ الحدث وشك في تاريخ الوضوء هل هو كان قبل الحدث او بعد الحدث وذكرنا ان مقتضى القاعدة وجوب التطهر عليه لاستصحاب الحدث وقاعدة الاشتغال ولكنه قبل الصلاة كان غافلا والاصل والقاعدة لا يجريا للغفلة ولكنه بعد الصلاة تنبه الى حاله فالسيد الماتن ايضا حكم في هذه الصورة انه يمكن اجراء قاعدة الفراغ في حقه جمودا على لفظ الشك ولكن ذلك خلاف التحقيق لان القاعدة انما تجري فيما اذا كان الشك الحاصل بعد العمل متمحضا في حدوثه بعد العمل لا انه كان موجودا قبل العمل ثم غفل عنه.

هذا الذي ذكرناه لا يفرق فيه بين ان يكون القضاء بالامر الاولي او يكون القضاء بالامر الجديد ، لأنه يوجد نزاع بين الاعلام وفائدة هذا النزاع في انه اذا شككنا هل هناك امر جديد بالنسبة الى القضاء فاصالة عدم صدور الامر متحققة وجارية ولكن السيد الوالد وجمع كثير من الاصوليين والفقهاء يذهبون الى عدم الفرق بين ان يكون القضاء بالامر الاولي او بأمر جديد اما على الفرض الاول فهو واضح لأنه علم بالامر فيجب الخروج عن عهدته فما دام يشك في ذلك فقاعدة الاشتغال جارية واما على الفرض الثاني وهو ان القضاء بأمر جديد الا ان هذا الامر جديد ليس هو جديد من قبل الشارع بحيث لا ارتباط له بالامر الاول ابدا فان الامر الجديد على فرض تحققه انما هو كاشف عن الامر الاول فانه لو لم يكن الامر الاول المتعلق بالاداء لما تحقق الامر الثاني المتعلق بالقضاء وبما ان الامر الاول لم يخرج عن عهدته فقاعدة الاشتغال تجري ولا معنى للرجوع الى اصالة عدم الامر المتعلق بالقضاء.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج1، ص447، ط جماعة المدرسين.