الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 37): إذا شك في الحدث بعد الوضوء بنى على بقاء الوضوء، إلا إذا كان سبب شكه خروج رطوبة مشتبهة بالبول، ولم يكن مستبرئا فإنه حينئذ يبني على أنها بول وأنه محدث وإذا شك في الوضوء بعد الحدث يبني على بقاء الحدث، والظن غير المعتبر كالشك في المقامين ، وإن علم الأمرين وشك في المتأخر منهما بنى على أنه محدث إذا جهل تاريخهما أو جهل تاريخ الوضوء. وأما إذا جهل تاريخ الحدث وعلم تاريخ الوضوء بنى على بقائه ولا يجزي استصحاب الحدث حينئذ حتى يعارضه، لعدم اتصال الشك باليقين به حتى يحكم ببقائه. والأمر في صورة جهلهما أو جهل تاريخ الوضوء وإن كان كذلك إلا أن مقتضى شرطية الوضوء وجوب إحرازه، ولكن الأحوط الوضوء في هذه الصورة أيضا)[1] .

كان الكلام في الحدث والطهارة وقلنا تارة يكون الحدث والطهارة معلومي التاريخ واخرى يكون مجهولي التاريخ وثالثة يكون احدهما معلوما والاخر مجهولا ، اما إذا كانا معلومي التاريخ فلا اشكال واما اذا مجهولي التاريخ فقد قلنا ان المعروف والمشهور بينهم هو وجوب التطهر لقاعدة الاشتغال ، اما اذا تاريخ احدهما معلوما والاخر مجهول فقلنا ان الصور ثلاثة.

الصورة الاولى:- ما اذا علمنا تاريخ الحدث وجهلنا تاريخ الوضوء ةلا نعلم انه متقدم على الحدث او متأخر وذهب الفقهاء في هذه الصورة الى جريان قاعدة الاشتغال فيجب عليه التطهر ، والاستصحاب اما انه يجري في كل مهما ولكنها يسقطان بالمعارضة واما ان الاستصحاب لا يجري في الوضوء باعتبار عدم اتصال زمان الشك باليقين ـــ كما ذهب اليه السيد الماتن (قدس سره) ــــ ولكن استصحاب الحدث يجري بلا معارض فيجب عليه التطهر.

الصورة الثانية:- ما اذا علم تاريخ الوضوء وشك في تاريخ الحدث والمعروف بينهم جريان قاعدة الاشتغال وان الاستصحاب لا يجري فيهما او يجري فيهما فيتساقطان فيجب عليه التطهر.

ولكن السيد الماتن (رضوان الله عليه) في المقام قال بانه لا يجب عليه التطهر ويمكن الاعتماد على استصحاب الوضوء المعلوم تاريخه لان شرط الاستصحاب وهو اتصال زمان اليقين بالشك موجود فيجري فيه استصحاب الوضوء فلا يجب عليه التطهر وان كان الاحوط استحبابا التطهر ، واورد على نفسه بانه لا فرق بين هذه الصورة والصورتين السابقتين فلماذا لم تجري الاستصحاب في الوضوء هناك كما اجريته في المقام ويجيب عن ذلك بانه في الصورتين السابقتين لم نجري الاستصحاب فيهما لعدم اتصال ومان اليقين بالشك وانما مرجعنا كان قاعدة الاشتغال فيهما ولكن في المقام الوضوء تاريخه معلوم والحدث نشك في تقدمه وتأخره فنستصحب الوضوء ولا يجب اعادة الوضوء وان الاحوط استحبابا التطهر لذهاب جمع من الفقهاء الى وجوب التطهر لقاعدة الاشتغال.

وهذا الذي ذكره مبني على شبهة ذكرها السيد الماتن في المقام وايضا مبحوث في علم الاصول فقالوا هناك ان من شرائط جريان الاستصحاب اتصال زمان اليقين بالشك فلو لم يتصل او شك في الاتصال فلا يجري الاستصحاب ، اما في هذه الصورة فاليقين معلوم والشك معلوم حينئذ اتصال اليقين بالشك موجود فيجري الاستصحاب حينئذ ، ولكن هذه شبهة والسيد الوالد (رحمه الله) يقول بان هذه الشبهة لم يكن لها اسم عند القدماء ابدا ولا في كتبهم وانما حدثت في الاعصار القريبة وذكروها في الكتب الاصولية وجميعا لم يرتضوا بها ولذا كانت مورد النقض والابرام ، وملخص هذه الشبهة هو انه لا ريب ولا اشكال في انه لابد في الاستصحاب ان تكون القضية المشكوكة نفس القضية المتيقنة والشك ممحضاً بالبقاء بمعنى انه هناك يقين وشك بحيث هنا ربط بينهما بحيث لو سحبنا الشك لوصل طرفه الى اليقين ولو سحبنا اليقين الى اللاحق لوصل الى الشك حينئذ وهذا معنى ان القضية المشكوكة متمحضة بالبقاء فلو تحقق هذا يجري الاستصحاب اما اذا لم يتحقق او شككنا في تحققه فلا يمكن التمسك بأدلة الاستصحاب لانه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه ، هذا اصل المطلب الذي يريده السيد الماتن وفي المقام طبق هذا.

ولكن اورد على ذلك بإيرادات متعددة خلاصة ما ذكرناه ان المعتبر في جريان الاستصحاب كون القضية المشكوكة هي نفس القضية المتيقنة لا ان تكون قضيتان اي متعلق الشك شيء ومتعلق اليقين شيء اخر وان يكون بينهما اتصال عرفي لا اكثر من ذلك اما بهذه الدقة فلا يعتبر.

مضافا الى ما ذكرنا ان المناط في الاستصحاب ان تكون حجة معتبرة شرعية خلاف الحجة السابقة سواء كانت الحجة السابقة يقينا او ظنا معتبرا فاذا لم تقم حجة معتبرة على خلاف الحجة المعتبرة فنستصحب ذلك واما اذا قامت فلا يجري لانه يكون من نقض اليقين باليقين ، وليس المناط على خصوص اليقين بل هو من باب المثال بل المناط على وجود الحجة المعتبرة سواء اكان يقينا او ظنا معتبرا.

 


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج1، ص446، ط جماعة المدرسين.