الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

ذكرنا بان النية عرفا هي امر بسيط فكل احد منا يستشعر ان له ارادة نحو الفعل اذا اراد ان يفعل فعل وقوله (صلى الله عليه واله) ((انما الاعمال بالنيات)) هو يرجع الى هذا الامر الفطري المركوز في الانسان ولذا قلنا بان تعريفه بالمعنى الاصطلاحي صعب جدا لأنه من البديهيات والامور البديهية صعب ان نفسرها بتفسير الا اذا كان التفسير بالمرادف لتوضيح المطلب لا اكثر من ذلك ولغرض معين وهو انه هنا ليست عادة مرغوبة عند الشرك مطلقا بل لابد ان تكون عبادة لا مجرد صدور عادة من الانسان او لما يترتب عليه من الاثار كما سياتي بيانها.

ثم قلنا بان كل نية هي مسبوقة بتصور الفعل فلا يمكن ان تقع نية نحو فعل الا اذا تصور الانسان ذلك الفعل وهذا التصور اوجب بعض الفقهاء ان يدخله في ضمن النية فجعلوا النية خطورا في الذهن ، وذكرنا بانه ليس الامر كذلك فان النية انما هي مسبوقة بتصور الفعل والتصور شيء والنية شيء اخر وان كان بينهما تلازم في الذهن ولذا قلنا ان المتاخرين ذهبوا الى ان النية هي الداعي الى اتيان الفعل.

ثم قلنا ان هذا الفعل الذي نريد ان نأتي به في الخارج لابد ان يتصور وهذا الفعل الذي نتصوره له قيود وخصوصيات ، فما هي الخصوصيات التي لابد ان نتصورها ثم ننوي اتيان الفعل خارجا اذ القيود كثيرة فهل كل القيود يجب علينا ان نتصورها ام بعضها كاف؟ يوجد خلاف بين الاعلام في هذه القيود فهذه القيود على اقسام وذكرنا بانه لا يمكن ان يتحقق الامتثال بالأمر الا اذا بالمأمور به على وجهه المطلوب والوجه المطلوب لا يمكن الا اذا كان قبل النية تصور لذلك الفعل والتصور لا يمكن ان يتحقق الا ان نستجمع القيود التي في ذلك الفعل.

اذن يوجد خلاف بين الفقهاء في القيود التي لابد ان نتصورها حتى تقع النية على طبق ذلك الفعل المتصور ويكون الماتي به موجبا لسقوط الامر ومجزيا عنه.

قالوا ان القيود على اقسام ثلاثة.

الاول:- ما اذا كان القيد مقوما للطبيعة والماهية أي منوعا له كما اذا امر بشراء ماء الورد فان الماء طبيعة والورد مقيد ومنوع للطبيعة فلو اتى بماء الرمان ولو اتى بمطلق الطبيعة لا يكون ممتثلا اذ هنا قيد وهذا القيد منوع داخل في قوام الماهية فحينئذ اذا تعلق الامر بهذه الطبيعة مع هذا القيد فلابد ان يأتي بالفعل مع هذا القيد أي يتصوره وينوي ذلك الفعل.

الثاني:- ما اذا لم يكن القيد مقوما ومنوعا له بل القيد من القيود التي تعرض على الماهية وهذا القسم ان اخذها المولى في الامر فيجب اتيان ذلك كالصلاة فان لها طبيعة ولكن لها قيود مثل ان هذه الصلاة صلاة ظهر وهذه صلاة عصر وهذه صلاة نافلة وهكذا فهذه قيود هي من عوارض الماهية وليست هي داخلة في قوام تلك الماهية وهذا القسم اذا اخذ القيد في عناوين الادلة فيجب على المكلف ليميز هذا الفعل عن غيره سواء كان ذلك الغير مأمورا به ام لم يكن مأمورا به فلابد من تصور ذلك القيد لأنه اخذ في عناوين الادلة فلابد من تصور هذا القيد وينوي فعل هذا القيد.

واما اذا لم يأخذ في ادلة هذه العناوين فلا يجب علينا تصور ذلك العنوان وذلك القيد فهذه القيود التي هي من عوارض الماهية ان اخذت في لسان الادلة فلابد من ان يكون هناك تصور للقيد لكي يتميز هذا الفعل عن غيره لان الامتثال لا يتحقق الا اذا اتى بالفعل على طبق ذلك المأمور به.

الثالث:- ما اذا لم يكن كذلك أي لا من مقومات الماهية ولا من عوارض الماهية التي اخذت في ادلتها بل ان المولى قصد ذلك كما اذا امر باكرام رجل او امر بصيام يوم ولكن هذه الطبيعة لا يمكن ان تتحقق في الخارج الا في ضمن مصداق معين ولكن المولى لم يأخذ ذلك المصداق في نفس الامر وانما يعلم بان هذه الطبيعة لا يمكن ان تتحقق في الخارج الا في ضمن مصداق معين ففي هذه الصورة لا يجب علينا تصور ذلك القيد ولا يجب ان ننويه اذ انها قيود لا هي منوعة ولا هي من عوارضها التي اخذت في لسان الدليل.

اذن القسم الاول يجب تصورها والقسم الثاني اذا اخذت في عناوين الادلة فيجب تصورها لأنه لابد من تمييزها اما القسم الثالث فلا يجب تصورها لأنها لا هي من المقومات ولا من العوارض فلا يجب تصورها حتى ننوي الفعل مع هذا القيد.