الموضوع:- شرائط الوضوء.

توجد فروع.

الفرع الاول:- لو توضأ من حوض المسجد قاصدا الصلاة في المسجد فوضوؤه صحيح ولكنه بدا له ان لا يصلي في ذلك المسجد عمدا فحينئذ وضوؤه صحيح لاستصحاب الصحة ، الا انه هل تبقى ذمته مشغولة بالصلاة في هذا المسجد او لا؟ فان قلنا ان اشتراط الصلاة في المسجد هو شرط حقيقي فتبقى ذمته مشغولة فيجب عليه ان يأتي بهذه الصلاة في هذا المسجد واما اذا لم نقل بذلك فيبقى الوضوء صحيحا ولا تشتغل ذمته بصلاة في المسجد.

الفرع الثاني:- لو توضأ وكان قاصدا ان لا يصلي في المسجد ثم بدا له ان يصلي في المسجد فهل وضوؤه صحيح او لا؟ فان قلنا بكفاية الرضا التقديري الواقعي فيصح منه الوضوء لانه في الواقع هذا سوف يرضى لانه سوف يصلي في المسجد وان كان حين وضوؤه لن يقصد الصلاة فيه واما اذا لم نقل بذلك فوضوؤه باطل لان هذا الوضوء قد وقع محرما لانه كان قاصدا بان لا يصلي في هذا المسجد فيكون تصرف حرام وضوؤه باطل ، وهذا يرجع الى انه هل تحقق منه قصد القربى حين وضوئه وقصده ان لا يصلي في المسجد فهذا الفرض قد يتحقق في صورة النسيان والغفلة اما مع علمه بان هذا الحوض وقف خاص فلا يمكن ان يحصل منه قصد القربى.

الفرع الثالث:- يجب على كل من يتوضأ بماء هذا الحوض ان يصلي في هذا المسجد والمنصرف منه صلاة صحيحة فلو صلى صلاة باطلة لا تبرء ذمته ، وهذه الصلاة الصحيحة مطلقا سواء كان ادائية او قاضية بل تشمل حتى مفردة الوتر الا اذا كان قرينة صارفة عنه ، ولو صلى ثم شك في ان صلاته صحيحة او لا؟ فان وضوؤه وصولاته صحيحتان لا اشكال فيهما ، ولو علم ببطلان صلاته فالوضوء صحيح ولكن تبقى ذمته مشغولة بالصلاة.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 12): إذا كان الماء في الحوض وأرضه وأطرافه مباحا لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبي يشكل الوضوء منه ، مثل الآنية إذا كان طرف منها غصبا))[1] .

لا ريب ولا اشكال في ان حرمة التصرف في ملك الغير انما يختص فيما اذا كان هناك تصرف في المغصوب ويعده العرف بانه تصرف في المعصوب ، والرجوع في كونه تصرف او لا هو الى العرف ، وبناء على هذين المبدئين فاذا توضأ في هذا الحوض الذي يكون بعض آجره غصبي او بعض حجره غصبي فانه لا يصدق عليه تصرف عند العرف ولا تتعلق به الحرمة حينئذ فيكون وضوؤه صحيحا.

وكذا في الآنية فاذا كان الآنية هي بنفسها حلال والماء الموجود فيها مباح ولكن طرف من الآنية مغصوب فالكلام في الآنية نفس الكلام في الحوض اذا كان بعض اطرافه من آجر مغصوب او حجر غصبي.

اذن المناط في الحرمة ان يعد تصرفا والمناط في كونه تصرفا ان يعده العرف تصرفا ، وكلا الامر في المقام لم يتحققا لا في الحوض ولا في الآنية.

(مسألة 13): الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيا مشكل بل لا يصح ، لأن حركات يده تصرف في مال الغير))[2] .

والسر في ذلك يرجع الى انه لا ريب ولا اشكال في ان هذه الحركات الموجودة في الفضاء تصرف في ملك الغير والتصرف في ملك الغير بغير اذنه حرام.

ثم قالوا ان هذه الحركات في الوضوء الغسلتان والمسحتان لا اشكال في ان المسح انما يتقوم بتحريك الاصابع وامرار الماسح على الممسوح وهذه حركة فتحرم هذه الحركة فيحرم المسح فيبطل المسح من هذه الناحية.

واما في الغسل فانه لم يقل احد بانه متقوم بحركة اليد بل الغسل مناطه ايصال الماء الى البشرة فلو وصل الماء الى من دون تحريك كفى ولكن لمكان الاتحاد العرفي بينهما ايضا حكموا بحرمة مثل هذه الحركات اي الغسلات ، فان الغسلات وان لم تكن من المقومات بل من مقدمات الغسل ومقدمة الحرام لا تضر ولكن العرف يرى الاتحاد بينهما ولذا السيد الماتن قال يشكل صحة الوضوء اذا كان الفضاء غصبيا.

ويــرد عليه.

اولاً:- ان التصرف لابد ان نرجع فيه الى العرف فالعرف اذا حكم بان هذا تصرف في مال الغير فنحكم بالحرمة ، ومجرد هذه التصرفات اليسيرة لا يعدها العرف تصرفا.

ثانياً:- انه في المسح صحيح ان حركة المسح انما يكون بإمرار الماسح على الممسوح وبما ان حركة الماسح يكون في فضاء الغير فيحرم المسح ، وفي الغسل امرار اليد على الجزء المغسول لم يكن جزء مقوم فهو خارج عن حقيقة العبادة فلا تبطل لانه قد تقدم سابقا ان النهي اذا كان خارجا عن حقيقة العبادة وذات العبادة فلا يوجب بطلان العبادة الا اذا كان هناك فهم عرفي ، قمن هذه الناحية نقول ان في المسح صحيح ان حركة الماسح هي تصرف فيوجب بطلان ذلك لانه تصرف في الفضاء بناء على كون هذا تصرف في الفضاء واما في فلا تكون هذه الحركات موجبة لحرمة الغسل لان الحرمة خارجة عن حقيقة العبادة وذات العبادة وهي مقدمة ولكن العرف يرى اتحادهما ، فما ذكره السيد الماتن هو الاحوط الاولى وان امكن تصحيح هذا الوضوء بطريق آخر.

(مسألة 14): إذا كان الوضوء مستلزما لتحريك شئ مغصوب فهو باطل))[3] .

تارة يكون الوضوء علة تامة في تحريك ذلك المغصوب ولا اشكال في وجود العلية والمعلولية بينهما فيتحد عند العرف فيحرم هذا الوضوء لانه تصرف في الغصب حين الوضوء فيبطل الوضوء حينئذ ، اما اذا لم تكن بينهما علية ومعلولية بل تلازم خارجي كما اذا كان ثوبه مغصوبا ويريد ان يتوضأ فاذا توضأ تحرك هذا الثوب فان حركة اليد موجبة لحركة الثوب خارجا وليست بينهما علية ومعلولية وانما تلازم خارجي فلا نحكم ببطلان العبادة لان النهي هنا خارج عن حقيقة العبادة وذات العبادة فالنهي انما تعلق بان لا يتصرف بالمغصوب ولكن لمكان الاتحاد بينهما خارجا اوقع هذه العبادة فالوضوء صحيح لانه لم يتعلق به نهي بل النهي خارج عن حقيقة الوضوء فيمكن تصحيح الوضوء ، وقد تقد الكلام في مصب الماء حيث ذكرنا هناك فان استلزم الوضوء التصرف بذلك المصب عند العرف واما اذا لم يستلزم التصرف فليس بحرام هذا الوضوء اذ التلازم الخارجي لا يستلزم حرمة الوضوء اذا لم يتعلق النهي بذات العبادة وبحقيقة العبادة.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص411، ط جماعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص412، ط جماعة المدرسين.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص413، ط جماعة المدرسين.