الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في ان اباحة الماء والمكان والظرف والمصب هل هي شروط واقعية او شروط ذكرية؟ وذكرنا ان في المسالة اربعة اقوال وتقدم ذكرها ووصل بنا الحديث الى القول الرابع وهو التفصيل فاذا كان جاهلا فلا يكون معذورا واما بالنسبة الى الناسي فيختلف ما اذا كان النسيان عن تفريط او غير تفريط.

والكلام في هذا القول يقع في موارد ثلاثة.

المورد الاول:- ما اذا كان المكلف جاهلا مقصراً.

المورد الثاني:- ما اذا كان المكلف جاهلا قاصراً.

المورد الثالث:- ما اذا كان المكلف ناسياً.

اما المورد الاول حيث قال ان الجاهل المقصر لا يصح منه الوضوء ابداً فهو وان كان يتمشى منه قصد القربى كما استدل به القول الاول فانهم قالوا بصحة الوضوء وقالوا اننا لا نريد منه الا ان يتمشى منه قصد القربى والا فسائر الشروط متوفرة فاذا تحقق منه قصد القربى لأجل جهله وعذره صح هذا الوضوء.

فان صاحب القول الرابع يقول نعم فانه وان تمشى منه قصد القربى الا ان العمل مبغوض في نفسه واقعا لأنه تصرف في ماء الغير من دون اذنه فيكون العمل بحد نفسه مبغوض واقعا فاذا كان مبغوضا واقعا فكيف يمكن التقرب بما هو مبغوض واقعا؟! بل يستحق هذا الشخص العقاب على فعله وان كان جاهلا للحديث ان الجاهل يؤتى به ويسال فان قال لا اعلم قيل له هلا تعلمت فيذهب به الى النار.

واما المورد الثاني وهو ما اذا كان الجاهل قاصرا فان اصحاب القول الاول ايضا قالوا انه اذا تمشى منه قصد القربى وكان الفعل جامعا للشرائط صح وضوئه.

الا ان هذا القائل استشكل على ذلك من انه اذا كان صحة وضوء هذا الشخص من ناحية الاجماع على صحة عمل الجاهل القاصر فهذا الاجماع ليس تعبديا وليس كاشفا عن رأي المعصوم اذ انه مدركي.

وان كان دليلهم اجتماع الامر والنهي في المقام فحينئذ يمكن تغلب جانب الامر لأجل العذر فيصح منه الضوء ولكن هنا لا تجري مسالة اجتماع الامر والنهي كما ذكرنا سابقا لان مسالة اجتماع الامر والنهي موردها فيما اذا كان هناك امر وله متعلق وهناك نهي وله متعلق اخر وكان متعلق النهي ومتعلق الامر قد اتحدا في مورد ، اما في المقام فان الاتحاد تركبي فان نفس هذا الفعل الذي يفعله المكلف وهو الوضوء هو منهي عنه لا انه شيء اخر حتى انهما يتحدان.

اذن ليس عندنا اجتماع للأمر والنهي بل هو نهي واحد فقط وهو هذا الفعل أي التصرف في ماء الغير.

الا انه فصل في المقام فقال ان صحة الوضوء انما باعتبار ان الجاهل معذور فحينئذ نقول هذا الجهل اما ان يثب حكما ظاهريا او يثبت حكما واقعيا ، فان اثبت حكما ظاهريا بمعنى صحة وضوئه ظاهرا واما في الواقع فوضوئه باطل باعتبار ان هذه الغسلات الثلاث هي نفس التصرفات المنهي عنها فيبطل الوضوء واقعا ولكن الشارع الاقدس باعتبار جهله اثبت صحة وضوئه ظاهرا ، وبناء على ثبوت الحكم الظاهري فانه اذا انكشف الخلاف ظاهرا فيجب عليه اعادة الوضوء واعادة الصلاة التي صلاها بهذا الوضوء اذ لم يقل احد بانه بعد انكشاف الخلاف ان يكون هذا الغير مأمور به مجزيا عن المأمور به.

وان لم يثبت حكما ظاهريا بل الحكم الواقعي يثبت في حقه وفي الواقع ان الغسلات التي كانت بالماء الغصبي مورد لاجتماع الامر والنهي واجتماع الامر والنهي في مثل هذا لا يمكن ان يحصل به التقرب.

اما المورد الثالث وهو الناسي فتارة يكون نسيانه عن عذر كما اذا جاء شخص ورأى ماء وتخيل ان هذا الماء مباح وتوضأ ثم تذكر انه هذا الماء مغصوب واطلاق حديث الرفع يشمل ذلك ، واخرى يكون الناسي لا عن عذر بل الفعل مبغوض بحد نفسه فهو غاصب للماء ونسي وتوضأ بهذا الماء فان هذا الوضوء باطل لان الفعل مبغوض بنفسه فلا يمكن التقرب به ولا يشمله حديث الرفع اذ انه كما سياتي ان حديث الرفع انما يتبع الحكم الظاهري واما غير ذلك فلا ، الا ان المحقق النائيني (قدس سره) فصل في هذا وسياتي بيان كلامه والاشكال عليه.