الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال الماتن (رحمه الله): (مسألة 3): إذا كان في بعض مواضع وضوئه جرح لا يضره الماء ولا ينقطع دمه فليغمسه بالماء، وليعصره قليلا حتى ينقطع الدم آنا ما، ثم ليحركه بقصد الوضوء مع ملاحظة الشرائط الأخر والمحافظة على عدم لزوم المسح بالماء الجديد إذا كان في اليد اليسرى بأن يقصد الوضوء بالإخراج من الماء))[1] .

اذا كان هناك جرح على بعض اعضاء الوضوء فان امكن قطع الدم فلا اشكال فيه وان لم يمكن قطع الدم دخل في احكام الجبيرة وسياتي بيانها.

ان امكن قطع الدم باستعمال الدواء مقدمة فيجب قطع هذا الدم لتحقيق شرط طهارة العضو قبل غسل الوضوء اذا ذكرنا بانه يشترط طهارة العضو قبل غسل الوضوء ومقدمة لتحقيق هذا لابد من قطع الدم وازالة النجاسة فاذا امكن ذلك ولو باستعمال دواء فيجب استعماله لقطع الدم.

واما اذا لم يمكن قطع الدم فلابد من التوسل لتحقيق غسل الوضوء وقد ذكر السيد الماتن طريقة وهي ان يغمس ذلك العضو في الماء المعتصم ويعصره قليلا حتى ينقطع الدم آن ما فاذا انقطع الدم آن ما يحرك اليد بقصد الوضوء مع تحقق جميع شرائط الوضوء التي تقدمة ويخرجها ناويا الوضوء بالخروج حتى لا يستلزم المسح بالماء الجديد اذا كانت اليد اليسرى.

والملاحظ على هذه الطريقة:-

اولاً:- لا حاجة الى العصر في الماء المعتصم لقطع الدم اذ لا حكم للنجاسة في الماء المعتصم الا ان يكون الدم مانعا عن وصول الى البشرة فلابد من ازالة ذلك من هذه الجهة لا من جهة تحقيق طهارة العضو.

ثانياً:- لا حاجة الى التحريك في الماء اذا قصد الغسل الوضوئي اذ اننا تقدم سابقا في الوضوء الارتماسي اشكال لان بعضهم قال بان المراد من غسل الوضوء احداث الغسل لا ابقاءه وقد قلنا ان هذا خلاف ظاهر الادلة ، وهذا هو رأي السيد الخوئي وقد ناقشناه في ذلك ، فحينئذ لا حاجة الى التحريك.

نعم في مورد الاخراج لابد من ملاحظة ان لا يكون هذا الماء الذي يبقى على اليد اليسرى مختلطا بماء خارجي بحيث لا يصدق على البلة انها بلة الوضوء فيمسح بماء جديد فيبطل من هذه الجهة.

اذن طريقته صحيحة الا ان فيها ما ذكرنا من الاشكالات.

وهناك طريقة اخرى وهي ان يضع موضع الجرح فقط في الماء ويزيل الدم في الماء ثم يخرجه ويقصد غسل ذلك الموضع ثم يخرج تلك اليد ويغسلها خارج الماء.

وهذه الطريقة يراد بها التخلص من اشكال ان الوضوء لابد فيه من الاحداث لا الابقاء ن ولكن الاشكال السابق يأتي في المقام بانه لا حكم للنجاسة في الماء المعتصم.

اذن كيفما كان اذا امكن ان يزيل الدم آن ما ليتحقق الغسل مع شرطية طهارة العضو صح ذلك سواء كانت بطريقة السيد الماتن او بطريقة اخرى مع ملاحظة ما ذكرنا.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): الثالث: أن لا يكون على المحل حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة، ولو شك في وجوده يجب الفحص حتى يحصل اليقين أو الظن بعدمه ، ومع العلم بوجوده يجب تحصيل اليقين بزواله))[2] .

فيجب ايصال الماء الى البشرة اذا انكم عرفتم ان في الوضوء غسلتان ومسحتان وظواهر الادلة التي دلت على وجوب هاتين الغسلتين وهاتين المسحتين وجوب ايصال الماء الى البشرة ، ولكن هذا من مقومات الوضوء وليس هو من الشرائط الخارجية فذكر السيد الماتن (رحمه الله) هذا على نحو الشرطية في مسامحة لان الشرط هو ما كان خارجا ولكن ايصال الماء الى البشرة من مقومات الوضوء لا خارج عنه.

ثم قال (رحمه الله) لو تيقن بوجود الحاجب فيجب ازالة الحاجب ولو شك في وجود الحاجب فيجب عليه الفحص حتى يحصل له العلم او الظن بعدمه ولو كان هناك حاجب فلابد من ازالته وتحصيل العلم بإزالته.

وهذا الذي ذكره صحيح فيما اذا كان شك في وجود الحاجب او شك في رافعية الحاجب فقد تقدم الكلام ايضا فيه مفصلا ، الا ان الكلام في انه لابد من تحصيل الحجة المعتبرة على زوال الحاجب حينئذ او تحصيل الاطمئنان او تحصيل الظن الذي قامت عليه الحجة كالامارة ن اما مطلق الظن فلا دليل على اعتبار مثل هذا الظن وقاعدة الاشتغال تقتضي اما حصول العلم او الاطمئنان بزوال الحاجب اذا شك في وجوده.

اذن ما ذكره السيد الماتن من كفاية الظن غير تام بل لابد من تبديل الكلام بان يقول بتحصيل الحجة المعتبرة على زوال الشك وتحصيل الحجة المعتبرة على زوال الموجود حينئذ اذا كان الشك بعد وجود الحاجب ، وهذه الحجة تارة تكون علما واخرى تكون اطمئنانا وثالثة يكون امارة معتبرة.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله) الرابع : أن يكون الماء وظرفه ومكان الوضوء ومصب مائه مباحا ، فلا يصح لو كان واحد منها غصبا، من غير فرق بين صورة الانحصار وعدمه ، إذ مع فرض عدم الانحصار وإن لم يكن مأمورا بالتيمم إلا أن وضوئه حرام من جهة كونه تصرفا أو مستلزما للتصرف في مال الغير فيكون باطلا، نعم لو صب الماء المباح من الظرف الغصبي في الظرف المباح ثم توضأ لا مانع منه، وإن كان تصرفه السابق على الوضوء حراما، ولا فرق في هذه الصورة بين صورة الانحصار وعدمه، إذ مع الانحصار وإن كان قبل التفريغ في الظرف المباح مأمورا بالتيمم إلا أنه بعد هذا يصير واجدا للماء في الظرف المباح، وقد لا يكون التفريغ أيضا حراما، كما لو كان الماء مملوكا له، وكان إبقاؤه في ظرف الغير تصرفا فيه، فيجب تفريغه حينئذ فيكون من الأول مأمورا بالوضوء ولو مع الانحصار))[3] .

والكلام في هذه المسالة يقع في نقاط اربعة ، ولابد من تقديم امور:-

الامر الاول:- لا اشكال في حرمة التصرف في مال الغير وهذا من الاصول العقلائية المعتبرة وقد تسالمت عليه جميع الشرائع الالهية بل العقل يحكم بذلك ، اذن يقبح عقلا ويحرم شرعا التصرف في ما يتعلق بالغير سواء كان عينا او منفعة او حقا.

الامر الثاني:- ان العبادة من حيث كونها عبادة لابد ان يكون فيها رضا الله تبارك وتعالى فاذا لم تكن العبادة فيها رضا الله فلا يمكن التقرب بتلك العبادة ، فلا يمكن التقرب بما هو مبغوض لدى الله سبحانه وتعالى اذ يستلزم الجمع بين المتنافيين ، فاذا كان المورد غصبياً فلا يمكن التقرب به لله تعالى لأنه مبغوض له.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص400، ط جماعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص400، ط جماعة المدرسين.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص401، ط جماعة المدرسين.