الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.

ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 43): يجوز في كل الغسلات أن يصب على العضو عشر غرفات بقصد غسلة واحدة، فالمناط في تعدد الغسل المستحب ثانيه الحرام ثالثه ليس تعدد الصب بل تعدد الغسل مع القصد))[1] .

هذا الذي ذكره واضح ، فاما تعدد الصب فعدم الدليل على ذلك واصالة الاباحة تكفي في الجواز.

واما اعتبار القصد في الغسل فلا ريب ولا اشكال في اعتبار قصد الغسل للوضوء وقصد القربى لنصوصٍ واجماعاتٍ تقدم بيانها في المسائل السبقة في بحث النية.

واما كون الغسلة الثالثة حرام فقد تقدم الكلام فيها سابقا ، وانما الكلام في الغسلة الثانية المستحبة ، فيعتبر في الغسلة الاولى والثانية قصد الغسل للوضوء حتى تكون مستحبة ولذا لو حصل الغسل للثانية من دون هذا القصد (أي قصد الوضوء قربى لله تعالى) او حصل هذا الغسل رياء او حصل غفلة او قصد في ذلك ازالة الوسخ او قصد غير ذلك فحينئذ هذه الغسلة لا تعد غسلة ثانية بل لابد ان يتحقق فيه قصد الغسل لكي تكون غسلة ثانية مستحبة ، وليس المناط في الوضوء تحقق الغسل باي نحو كان كما في الطهارة الخبثية ، فلو تحقق هذا الغسل في الغرفة الواحد فحينئذ تحقق هذا الغسل واذا لم يتحقق حتى في عشر غرفات او اكثر فلا تتحقق الغسلة بمجرد الصب.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 44): يجب الابتداء في الغسل بالأعلى، لكن لا يجب الصب على الأعلى، فلو صب على الأسفل وغسل من الأعلى بإعانة اليد صح))[2] .

تقدم هذا الحكم فيما سبق وانه يعتبر في الغسل ان يكون من الاعلى ، ولكن الصب لا يشترط ان يكون من الاعلى فيجوز ان يصب على وسط اليد ويصب الماء باعانة اليد الى الاعلى.

ويدل على ذلك عدم الاشكال من الفقهاء في هذا الحكم واطلاقات الادلة ايضا ، لان المعتبر ان يكون الغسل من الاعلى اما الصب فلا يعتبر ان يكون من الاعلى.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 45): الإسراف في ماء الوضوء مكروه، لكن الإسباغ مستحب، وقد مر أنه يستحب أن يكون ماء الوضوء بمقدار مد، والظاهر أن ذلك لتمام ما يصرف فيه من أفعاله ومقدماته من المضمضة والاستنشاق وغسل اليدين))[3] .

واستدل على ذلك بالاجماع وببعض الروايات البيانية:

منها:- ما رواه علي ابن جعفر عن اخيه موسى ابن جعفر ((وغرف ملأها ماء فوضعها على جبهته او على مرفقه اليمنى)) , فان هذا فعل لا يدل على الوجوب لان الفعل اعم من الوجوب ،نعم هو من الآداب ولا اشكال في ذلك.

اما الاسراف فهو مكروه على المشهور بين الفقهاء وفيه روايتان.

الرواية الاولى:- خبر حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله ملكا يكتب سرف الوضوء، كما يكتب عدوانه))[4] .

فقد استفادوا منها كراهة ذلك ولا ريب في ظهورها في الكراهة وعدم دلالتها على الحرمة.

الرواية الثانية:- النبوي المعروف ((انه مر النبي (صلى الله عليه واله) بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا؟ أسرفٌ يا سعد؟! فقال أفي الوضوء سرف؟! فقال : نعم ولو كنت على عين جارية)).

فهذه الرواية ايضا تدل على النهي عن السرف في الضوء ، وادنى مراتب النهي هو الكراهة حيث لا دليل على الحرمة.

الا ان هذا الحكم مختص فيما اذا لم يكن للماء قيمة ، واما ذا كان للماء قيمة كما لو كان في البلد شح في الماء فحينئذ يحرم الاسراف في الماء كما يحرم الاسراف في غير الماء ولعل الرواية الثانية تشير الى هذا المطلب.

وذكر ان الاسباغ مستحب ويدل على ذلك بالاضافة الى الاجماع جملة من النصوص:

منها:- صحيح علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أسبغ وضوئه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وكف غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه، فقد استكمل حقائق الإيمان، وأبواب الجنة مفتحة له))[5] .

فهذه الرواية تدل على استحباب الاسباغ ، وكثير غيرها من الروايات تقدم ذكرها عند ذكر مستحبات الوضوء ومكروهات الوضوء.

ثم ذكر انه يستحب ان يكون ماء الوضوء بمقدار مد وقد ورد (الضوء بمد والغسل بصاع) وانما المد بمقدار ثلاثة عشر او اربعة عشر كفا وفي الوزن الحديث ثلاثة ارباع الكيلو.

ولكن هذا المد هل هو مختص بالغسلات أي غسلات الوضوء ام يشمل مقدمات الوضوء من الاستنشاق والمضمضة؟

الجواب:- ان الرواية عامة فقد ذكر الشهيد (رحمه الله) انها تشمل جميع ذلك والسيد الماتن يذكر ذلك أي هذا المقدار من الماء وهو المد يشمل جميع ما يرتبط بالوضوء من المندوبات والواجبات وتبعه غيره.

ولكنه قد ورد المد ايضا في الاستنجاء في نفس الرواية ، فهل هذا المد يشمل الاستنجاء ايضا ام يختص بالوضوء؟

الجواب:- يوجد كلام عند الفقهاء , ولكن الشهيد ذكر انه مختص بالوضوء مندوباته وواجباته اما شمول المد للاستنجاء فهو بعيد إذ ان الاستنجاء يحتاج الى اكثر من مد ، وقد تلقى الفقهاء ذلك بالقبول وذكره جميعهم.

ثم ذكر بعض المندوبات ولكن قد ذكرناها سابقا وذكرنا ادلتها فلا حاجة للتكرار.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص396، ط جماعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص396، ط جماعة المدرسين.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص397، ط جماعة المدرسين.
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص485، ابواب الوضوء، الباب52، ح2، ط آل البيت (عليهم السلام).
[5] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص487، ابواب الوضوء، الباب54، ح2، ط آل البيت (عليهم السلام).