الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.

كان الكلام في ان العمل المتقى فيه هل يكون مجزيا عن العمل الصحيح التام الاجزاء ام انه ليس مجزيا.

وذكرنا انه ذهب بعضهم الى عدم الاجزاء فلابد من الاعادة او القضاء وذهب بعضهم وهو المشهور الى الاجزاء ولا يحتاج الى الاعادة او القضاء حتى مع وجود المندوحة ، وذكرنا انه يمكن الاستدلال بالروايات على كلا الحكمين.

وقلنا ان الادلة لها من العموم والشمول ما يدل على الاجزاء وعدم وجوب الاعادة او القضاء حتى مع وجود المندوحة.

القول الثالث:- وهو تفصيل المحقق الثاني (رحمه الله) انه اذا وردت الادلة في مورد خاص على مشروعية التقية وجوازها فيه فإنها تدل على الاجزاء وعدم اعتبار عدم المندوحة واما غير ذلك المورد الذي لم يرد فيه نص ويتقى فيه فهذا المورد لا يدل على الاجزاء وانما يدل على مشروعية العمل أي جواز ان يأتي بالعمل ناقصا اما ان هذا العمل يجزي عن التام الاجزاء فلم يرد فيه دليل حتى نستفيد منه شيء.

الا ان هذا التفصيل غير سديد بعد ورود تلك الاطلاقات والعمومات وتلك الروايات التي ذكرناها التي تدل على العموم والشمول سواء كانت هناك مندوحة او لم تكن وتدل على الصحة والاجزاء وعدم الاعادة وذكرنا ان لسانها في مقام البيان ولم يبين ، لا سيما تلك الرواية التي تدل على ان التقية ديني ودين آبائي فان هناك دين يعمل به هذا الشخص المتقي والعمل بالدين معناه انه صحيح ومجزي ولا حاجة الى الاعادة او القضاء.

فالحق ان المتقى فيه يصح ويجزي عن العمل التام ولا يمكن لنا الرجوع الى قاعدة الاشتغال ولا الى اطلاقات ادلة الاجزاء وادلة الشروط اذن ان اطلاقات ادلة التقية حاكمة عليها.

نعم ورد في صحيح زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : التقية في كل ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به))[1] .

ما يمكن ان نستفاد منه انه لابد ان تكون التقية في مورد الخوف فاذا كان هناك خوف فلا مندوحة حينئذ واذا كان هناك خوف فمعناه ان هذا العمل صحيح ولكن هذا يختص بمورد الخوف ولا يشمل كل مورد فلا نستفيد الاجزاء في كل الموارد حتى مع المندوحة.

ولكن هذه الصحيحة لا تقاوم تلك الروايات التي ذكرنا جملة منها والتي تدل على التعميم ولها من الاطلاق والعموم ما يشمل جميع الموارد.

مضافا الى ان هذه الرواية الاستدلال بها متوقف على مفهوم اللقب فان قلنا بثبوت وحجبة مفهوم اللقب فيمكن الاستدلال بها ولكن قد ثبت في محله انه لا حجية لمفهوم اللقب فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية.

وكذا ان الروايات التي تدل على عدم الاجزاء ولابد من اتيان العمل صحيحا وقد ذكرنا جملة منها فهذه الروايات مضافا الى ضعف اسانيدها فهي لا تدل على المطلوب ايضا فإنها وردت في مورد ترك الواجب فان الامام (عليه السلام) افطر في يوم يعلم انه من شهر رمضان وهذا معناه ان الامام ترك واجبا فانه ترك صوم يوم كامل من ايام شهر رمضان ونحن لا نقول بان ترك الواجب يكون مجزيا بل الفقهاء يقولون انه يصح لك ترك ذلك الواجب ولا تكليف عليك ولا حرمة عليك لا ان الترك يكون مبرئ ومجزيا ، بل الذي نقول به ان التقية انما تكون مجزيا اذا اتى بفعل ناقص يكون مجزيا عن الفعل التام.

واما رواية صلاة الجماعة التي نقلناها فهي لا ربط لها بالموضوع ابدا فان الشارع يهتم بالاجتماع وبحضور جماعاتهم ويثاب الذي يحضر جماعتهم ولكن لا دلالة في الرواية لا على الاجزاء ولا على الاجزاء ونظير ذلك فيمن صلى منفردا ثم اقيمت جماعة فيجوز له ان يعيد صلاته جماعة ويثاب على ذلك.

ومن هنا نستفيد في مسالة الحج فانه اذا حكم الحاكم في اليوم الثامن انه يوم عرفة فهل حجه صحيح او لا؟

قلنا ان مورد التقية فيما اذا كان هناك فعل ناقص فتدل التقية على اجزاء هذا الفعل الناقص عن العمل الكامل اما ترك العمل بالكلية فلا تشمله ادلة التقية.

فقد ذهب السيد الوالد (قدس الله نفسه) الى الاجزاء في الحج لادلة التقية.

 


[1] - وسائل الشيعة، العاملي، ج16، ص214، ابواب التقية، الباب25، ح1، ط آل البيت (عليهم السلام).