الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.

المقام الثاني:- في الشبهات التي اثيرت حول التقية ، ونذكر المهم منها في هذا المقام.

الشبهة الاولى:- ان التقية كذب والكذب حرام وما يستلزم الحرام محرم ، اذن التقية من المحرمات ، ولهذا وصموا الشيعة بانهم كاذبون.

الجواب:- قد تقدم سابقا ان الكذب شيء والتقية شيء اخر ، فقد يجتمعان في بعض الموارد ولكن ليس كل تقية تكون كذبا ، وذكرنا من مجموع ما سلف انه يظهر:-

اولا:- ان التقية ليست دائما متلازمة مع الكذب اذ ربما تكون التقية عبارة عن سكوت فلا يوجد فيها أي كلام حتى يقال انه كذب ، فان التقية هي انما التحفظ على الرأي المخالف من ظالم.

ثانيا:- ان التقية يستعمل فيها التورية والتورية عند الجميع لا تكون كذبا وسياتي ان التقية اذا كانت منسوبة الى الانبياء فإنما هي تورية فيوسف بالنسبة الى اخيه انما هي تورية كذا فعل ابراهيم هو تورية وهي ليست كذب ، اذن اذا كان في التقية كذب فإنما هي تورية والتورية ليست هي كذب.

ثالثا:- ان الكذب ليس دائما هو محرم وغير مباح بل الكذب يختلف باختلاف الاحكام الخمسة التكليفية فيكون محرما اذا لم يكن فيه مسوغ من المسوغات مثل اصلاح ذات البين ودفع ضرر الظالم ونحو ذلك وقد فصل الكلام في ذلك المحقق الانصاري في مكاسبة ، اذن الكذب يختلف حكمه بحسب ما يطرأ عليه من العناوين.

ومع ذلك انهم قد نسبوا الكذب الى نبيين من انبياء الله فلماذا تقولون انها محرمة؟

واذكروا رواية واحدة وهذه الرواية رواها البخاري بسنده عن ابي هريرة ((لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات ثنتين منهن في ذات الله عز وجل قوله (إني سقيم) وقوله (بل فعله كبيرهم هذا) وقال بينا هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له إن ها هنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه؟ قال أختي ، فأتى سارة قال يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخذ ، فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ، فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته ، فقال إنكم لم تأتوني بإنسان إنما أتيتموني بشيطان ، فأخدمها هاجر فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيا قالت رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره وأخدم هاجر قال أبو هريرة تلك أمكم يا بني ماء السماء)) أي امكم حفظت نفسها بهذه الكيفية.

ولكن الترمذي ينسب هذه الرواية الى الرسول ص فهذه الرواية صريحة بان ابراهيم كذب ثلاث كذبات. فهذه نسبت الكذب الى ابراهيم عليه السلام في كلامهم.

والترمذي روى هذه الرواية عن رسول الله ص قال رسول الله صلى الله عليه واله ((لم يكذب ابراهيم في شيء قط الا في ثلاث قوله اني سقيم ولم يكن سقيما وقوله بل فعله كبيرهم ولم يفعله الكبير))

وهذه الرواية صريحة في انهم نسبوا الكذب الى ابراهيم عليه السلام ويتناسون هذا ويسمون غير بالكاذبين.

مع ان علمائهم متفقون على ان انبياء الله معصومون من الكذب ولذا ارادوا تأويل هذه الرواية.

اما قولهم ان الانبياء معصومون من الكذب فقد ذكره علمين من اعلامهم وهما القاضي عياض والمبارك فوري فقالوا ان الانبياء معصومون من الكذب الا في كذب صغير فهم مختلفون في ذلك بان صغار الكذب جائز عليهم او لا.

قال النووي قال الباذري (ان الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله فالأنبياء معصومون منه سواء كثيره وقليله واما ما لا يعد من البلاغ ويعد من الصغائر كالكذبة الواحدة في حقير من امور الدنيا ففي امكان وقوعه منهم وعصمتهم منه قولان مشهوران للسلف والخلف).

وذكر القاضي عياض (الصحيح ان الكذب فيما يتعلق بالبلاغ لا يتصور وقوعه منهم سواء جوزنا الصغائر منهم ام لا واما في غيره ففيه الخلاف).

وذكروا توجيهات عديدة للتخلص من نسبة الكذب الى ابراهيم ويوسف

التوجيه الاول:- من جملة التوجيهات هو انه تورية فان ابراهيم لما قال للجبار انها اختي فانه اراد الاخوة الايمانية ولما قال بل فعله كبيرهم اراد شيء اخر وهكذا.

وبعضهم قال وجها اخر سياتي بيانه ان شاء الله.