الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.
كان الكلام في نقل فتاوى العامة على جواز التقية ومشروعيتها وافتائهم باستعمالها في كثير من الموارد.
ذكرنا اولا من تلك الموارد فانهم جوزوا التقية في الكفر في الله العظيم كما في آية الاكراه، وجوزوا التقية في سب النبي (صلى الله عليه وآله) اذا كان هناك اكراه وتقية، وافتوا بجواز السجود الى الصنم اذا كانت هناك تقية، ففي هذه الموارد افتوا بجواز التقية.
وهناك فتاواهم في بقية الموارد مثل الاحكام والعبادات والمعاملات وفي الآداب العامة فقد ذكروا الشيء الكثير.
واما بالنسبة للعبادات والاخلاق العامة وجواز مدارات الكافر والتبسم معه والجلوس معه فقد قال الشيخ المراغي في تفسيره (ويدخل في التقية مدارات الكفرة والظلمة والفسقة وإلانة الكلام لهم والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم لكف آذاهم وصيانة العرض منهم ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها بل هو مشروع).
وورد ايضا في بعض معتزلة اليمن قالوا بجواز المداراة وكذلك يظهر من الخوارج الاباضية.
وكذا افتاهم بجواز التقية في العبادات، ومنها التقية في الصلاة خلف الفاسق فقد قالوا بجواز الصلاة خلف الفاسق اذا كان مكرها على الصلاة خلف الفاسق وقد ذكر ابن قدامة الحنبلي (لا تجوز الصلاة خلف المتبع ولا الفاسق في غير جمعة وعيد فيصليان بمكان واحد من البلد فان من خاف منه ان ترك الصلاة خلفه فانه يصلي خلفه تقية ثم يعيد الصلاة) وهذه مسالة يأتي الكلام فيها وهي ان من يأتي بالصلاة تقية فهل يجتزئ بهذه الصلاة او يعيدها؟
وهي من المسائل الخلافية حتى عندنا وسياتي الكلام فيها مفصلاً.
بل قالوا بجواز ترك الصلاة تقية كما إتفق عليه المالكية والحنفية والشافعية فيما المسام على ترك الصلاة.
وكذا قالوا بجواز الافطار في شهر رمضان تقية وصرح بذلك المالكية والحنفية والشافعية، بل زاد بعضهم بانه لو لم يحصل اكراه فافطر ثم بعد ساعة او ساعتين اكره على الافطار سمي هذا الافطار افطار تقية لا كفارة عليه وقد روى جواز الافطار ابن زياد عن ابي حنيفة كما في قول البرغاني الحنفي (لو تفطر الصائم في يوم من ايام شهر رمضان عن عمد واصرار ثم اكرهه السلطان بعد ساعة او ساعتين على الافطار المتعمد على السفر في ذلك اليوم فانه سيكون حكمه حكم المكره وتسقط عنه الكفارة).
ومن الموارد التي افتوا بجواز التقية في المعاملات وعندهم الشيء الكثير في المعاملات ولاسيما في الطلاق ونحو ذلك.
اما العقود فقد قالوا بجواز البيع والشراء بلا خلاف بين المالكية والحنفية والشافعية فمن باع تقية او اشترى تقية قالوا بصحة بيعه وصحة شرائه تقية، وصحح البيع والشراء الظاهرية كما نقله ابن حزم في المعلى.
وكذا جوزا التقية في الهبة فلو وهب شخص ماله لشخص اخر تقية جازت هذه الهبة وصحت.
واما الايقاعات فلهم الشيء الكثير فمنها جواز التقية في الطلاق فلو طلاق الانسان زوجته تقية على سبيل فقد اختلفوا في وقوعه فمنهم من ذهب الى وقوع هذا الطلاق ومنهم من ذهب الى عدم وقوع مثل هذا الطلاق فذهب كثير منهم مثل الشعبي والنخعي والزهري وابو حنيفة وصاحباه وقالوا انه طلاق من مكلف في محل يملكه فيلفظه كطلاق غير المكره ولكن ذهب جمع اكثر من هؤلاء الى عدم وقوع الطلاق منهم امير المؤمنين علي والخليفة الثاني وعبد الله ابن عباس وابن الزبير وجابر ابن سمره والحسن البصر ومالك والاوزاعي والشافعي وغبرهم.
وكذا قالوا بجواز التقية في اليمين الكاذبة فانه لو حلف احد بالله كاذبا فلا كفارة عليه اذا كان مكرها على اليمين وله ذلك تقية على نفسه وذهب الى هذا كثير من العلماء كالشافعي وغيره.
ومن هنا حكم مالك ابن انس على اهل المدينة حين خرجوا على المنصور الدوانيقي فقال انكم لم تعطوا اليمين لهم ولم تعطوا البيعة له لان بيعتكم له كانت تقية.
وكذا جواز التقية في الاحكام فأحكام كثيرة في باب القضاء وباب اكل اللحوم ومثال ذلك ومن جملة ما حكموا به تقية افتائهم بجواز اكل الميتة واكل النجس واكل الحرام اذا كان هناك اكراه على ذلك الاكل من باب التقية.