الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.
القسم الثاني:- ما ورد من السنة من الروايات التي وردت عن الائمة الطاهرين (عليهم السلام) في مشروعية التقية، ولا اشكال في ان هذه الروايات قد بلغت حد التواتر اما ان يكون تواترا لفظيا في بعضها او تواتر معنوي.
وحينئذ المناقشة في اسانيدها لا ثمرة فيه الا اذا اردنا ان نستفيد حكما شرعيا بخصوص رواية فلابد حينئذ من ان نثبت سندها.
وهذه الروايات بمجموعها، اما ان تحث على التقية وتوجبها على المؤمنين قولا وعملا من الائمة الطاهرين (عليهم السلام) او من اصحابهم او من شيعتهم على مر الزمان.
واما ان تبين الآثار الحسنة المترتبة على التقية، واما تبين الآثار السيئة التي تترتب على ترك التقية.
اذن هذه الروايات بمجموعها تدل على مشروعية التقية وان التقية مثل سائر الموضوعات يترتب عليها الاحكام الخمسة كما سياتي.
وهي على اصناف نشير الى بعضها للدلالة على ذلك:-
اولاً:- ما رواه الشيخ الكليني بسنده الصحيح  عن محمد ابن يحيى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ، ((قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه ‌السلام) عَنِ الْقِيَامِ لِلْوُلَاةِ، فَقَالَ : « قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ (عليه‌ السلام) : التَّقِيَّةُ مِنْ دِينِي وَدِينِ آبَائِي، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ))[1].
فانه جعل التقية جزء من الدين وجزء من الايمان، والشيخ المحدث العاملي (قدس سره) جمع هذه الروايات في كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانياً:-  ما رواه الكليني بالسند الصحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، ((قَالَ :سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) يَقُولُ : التَّقِيَّةُ تُرْسُ الْمُؤْمِنِ، وَ التَّقِيَّةُ حِرْزُ الْمُؤْمِنِ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ ؛ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقَعُ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِنَا، فَيَدِينُ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَيَكُونُ لَهُ عِزّاً  فِي الدُّنْيَا، وَنُوراً فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَقَعُ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِنَا، فَيُذِيعُهُ، فَيَكُونُ لَهُ ذُلًّا فِي الدُّنْيَا، وَيَنْزِعُ  اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ ذلِكَ النُّورَ مِنْهُ))[2].
ثالثاً:- ما رواه الكليني بسنده ((عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) قَالَ : «بِمَا صَبَرُوا عَلَى التَّقِيَّةِ»، (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) قَالَ : «الْحَسَنَةُ : التَّقِيَّةُ، وَالسَّيِّئَةُ : الْإِذَاعَةُ))[3].
رابعاً:- ما رواه في الصحيح عن ابن مسكان عن حريز: ((وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالصتموهم ونازعتموهم الكلام ؛ فإنه لابد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم))[4].
خامساً:- ما رواه الشيخ الصدوق في العلل ((قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبى نصر قال: حدثني احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبى بصير، قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية دين الله عز وجل، قلت من دين الله؟ قال: فقال أي والله من دين الله. لقد قال يوسف: أيتها العير انكم لسارقون، والله ما كانوا سرقوا شيئا))[5].
سادساً:-  ما رواه بسنده في صفات الشيعة عن ابن عثمان ((عن الصادق (عليه السلام) انه قال لا دين لمن لا تقية له، ولا ايمان لمن لا ورع له)).
سابعاً:- محمد ابن ادريس في اخر السرائر نقلا  من كتاب مسائل الرجال ومكاتبات مولانا علي ابن محمد الهادي (عليهما السلام) من مسائل داوود الصرمي ((قال لي يا داوود لو قلت ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا)).
ثامناً:- مجالس ابن الشيخ الطوسي عن ابيه عن الفحام عن المنصوري عن ابيه الامام علي ابن محمد الهادي (عليه السلام) عن آبائه ((قال: قال الصادق (عليه السلام) ليس منا من لم يلزم التقية ويصوننا عن سفلة الرعية)).
تاسعاً:-  الحديث الذي ذكره في تفسير العياشي عن حذيفة ((عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة) قال هذا في التقية)).
عاشراً:-  الكليني في الكافي عن زرارة ((عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه ‌السلام)، قَالَ : « التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ، وَصَاحِبُهَا أَعْلَمُ بِهَا حِينَ تَنْزِلُ بِهِ))[6].
الحادي عشر:- عن وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَزُرَارَةَ، ((قَالُوا :سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ (عليه ‌السلام) يَقُولُ : « التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ شَيْ‌ءٍ يُضْطَرُّ إِلَيْهِ ابْنُ آدَمَ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ))[7].
الثاني عشر:- ما رواه الطبرسي في الاحتجاج ((عن ابي محمد الحسن ابن علي العسكري  (عليه السلام) في ان الرضا (عليه السلام) جفى جماعة من الشيعة وحجبهم فقالوا يا ابن رسول الله ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد الحجاب والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب، أي باقية تبقى منا بعد هذا ؟ فقال الرضا عليه السلام: اقرؤا: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)  والله ما اقتديت إلا بربي عزوجل وبرسوله وبأمير المؤمنين ومن بعده من آبائي الطاهرين عليهم السلام، عتبوا عليكم فاقتديت بهم. قالوا: لماذا يا بن رسول الله ؟ قال: لدعواكم انكم شيعة أمير المؤمنين ! ويحكم ان شيعته: الحسن والحسين وسلمان، وابو ذر، والمقداد، وعمار، ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون، وتقصرون في كثير من الفرائض وتتهاونون بعظيم حقوق اخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية، وتتركون التقية حيث لابد من التقية))[8].
وغيرها من الروايات وسياتي في انواع التقية نذكر تفصيل اصناف هذه الروايات


[1] - الكافي، للشيخ الكليني، ج3، ابواب التقية، الباب79، ح12، ص555، ط دار الحديث.
[2] - الكافي، للشيخ الكليني، ج3، ابواب التقية، الباب79، ح23، ص560، ط دار الحديث.
[3] - الكافي، للشيخ الكليني، ج3، ابواب التقية، الباب79، ح1، ص548، ط دار الحديث.
[4] - الكافي، للشيخ الكليني، ج15،كتاب الروضة، ح1، ص9، ط دار الحديث.
[5] - علل الشرايع، للشيخ الصدوق، ج1، الباب43،ح2، ص51.
[6] - الكافي، للشيخ الكليني، ج3، ابواب التقية، الباب79، ح13، ص556، ط دار الحديث.
[7] - الكافي، للشيخ الكليني، ج3، ابواب التقية، الباب79، ح18، ص558، ط دار الحديث.
[8] - الاحتجاج، للطبرسي،ج2، ص237.