الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/02/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : بحث التقية

لازال كلامنا في الاستدلال بالآية الثالثة وهي قوله تعالى (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[1] فقد ذكروا في جواز اظهار كلمة الكفر في حالة الاكراه وهو ان يخاف على نفسه او بعض اعضائه التلف ، وقال الماوردي ان الاية نزلة في عمار ابن ياسر وابويه وصهيب وخباط اظهروا الكفر بالإكراه وقلوبهم مطمئنة بالإيمان واحكام الاكراه نفس احكام التقية وان اختلف اللفظ .

ومنها قوله تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ...... المصير) وهذه الاية الوحيدة التي ورد فيها لفظ التقية ولا ريب ولا اشكال في مشروعية التقية عندما يضطر المؤمن في مصاحبة الكافرين والتقية والتقاة لفظ واحد وقد قرأ كثير من المفسرين لفظ التقية (الا ان تتقوا منهم تقية) والآية لم تنسخ ولم يرد في هذا الخصوص شيء لا من القران ولا من السنة المطهرة فمن يتولى الكفار لأجل دفع الضرر عن نفسه فلا اشكال والتولي تارة يكون بالمصاحبة او بالقول ونحوه

ومن جملة ما ذكره العامة في التقية قال السرخسي في المبسوط معقبا قول الحسن البصري ان التقية جائزة الى يوم القيامة ، ثم قال السرخسي وبه نأخذ يعني بقول الحسن البصري والتقية ان يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وان كان يضمر خلافه

وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) الا ان تخافوا امرا يجب اتقائه تقية ورخص لهم في موالاتهم اذا خافوا والمراد بها مخالقة ومعاشرة ظاهرة والقلب بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع

وقال الرازي في احكام التقية وبسط الكلام في هذه الاية وقال ان للتقية احكام كثيرة وظاهر الاية ان التقية تحل مع الكفار الغالبين الا ان مذهب الشافعي ان الحالة مع المسلمين اذا شاكلة بين المسلمين والمشركين حلة التقية محاماة على النفس ، ثم قال التقية جائزة لصون النفس وهل هي جائزة لصون المال ؟ يحتمل القول بالجواز لقوله صلى الله عليه واله وسلم حرمة مال المسلم كحرمة دمه وقوله ص من قتل دون ماله فهو شهيد ، وبهذا قول الحسن البصري التقية جائزة للمسلمين الى يوم القيامة .


[1] سورة النحل، اية 106.