الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/11/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : خاتمة في النسبة بين الأمارات والأصول

كان الكلام في النسبة بين الأصول والأمارات، وتقدم الكلام في تقدم الأمارات على الأصول بالتخصص والتخصيص والورود، والكلام الآن حول الحكومة .

والحكومة : هي نظر أحد الدليلين إلى الآخر نظر تفسير وشرح فالمفسر يسمى بالدليل الحاكم والمفسر بفتح السين يسمى بالدليل المحكوم فهو تفسير دليل لدليل آخر ، لا تعارض بينهما ، وليس الأمر كذلك في التخصيص والتخصص والورود فإن الدليلين في هذه الثلاثة بينهما تعارض فالدليل المخصص يخرج أحد الأفراد من حكم العام والتخصيص يخرج فردا من موضوع الدليل الآخر تكوينا وذاتا والورود يخرج فردا من موضوع الدليل الآخر بالتعبد الشرعي.ولا بد في الحكومة من نصب قرينة عامة نوعية أو شخصية على توضيح الدليل للدليل الآخر .فالدليل الحاكم هو القرينة فتارة يكون المتكلم قد وضع قرينة شخصية في كلامه على تصرف الحاكم في المحكوم وتقدم القرينة على ذي القرينة مسلم ولا نحتاج لاقامة دليل على تقدم القرينة على ذي القرينة فهو من القضايا التي قياساتها معها .والقرينة النوعية قرينة عامة عند العرف العام وهذه القرينة تارة تكون موسعة للموضوع وتارة مضيقة وتارة مبينة .والقرينة الشخصية على ثلاثة أنحاء :الأول : قد تكون تفسيرية أي يضع المتكلم في كلامه كلمة أي أو أعني ، أو يضع في كلامه أن الرجوع لهذا دون ذاك خلاف مراده ﴿ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ [1] فالرجوع للمتشابه دون المحكم خلاف المراد ممن أعد كلامه ونظمه بهذه الطريقة وهو الله تعالى الذي قال لا تأخذوا بالمتشابه دون المحكم.الثاني : وقد تكون الحكومة تنزيليه أي ينزل شيئا منزلة شيء كقوله ص الطواف بالبيت صلاة .الثالث : الحكومة المضمونية وهي نظر دليل إلى مفاد الدليل الآخر فيرفع الحكم أو الموضوع كما في رفع أدلة العسر والحرج للأحكام الأولية فماد الدليل الحاكم نظر إلى مفاد الأحكام الأولية فقيدها بأنها ليست على نحو الاطلاق ففي موارد العسر والحرج ترتفع هذه الأحكام وكذلك في موارد الضرر حيث يرفع الضرر الحكم الأولي . وهذه المصطلحات مما ذكره السيد الصدر ولم يذكرها السابقون ولا بأس بها.والكلام في الحكومة المضمونية فهل بين الدليلين تعارض كما بين أدلة رفع العسر والحرج والضرر وبين الأحكام الأولية أو ليس هناك تعارض ؟ذهب بعضهم إلى وجود التنافي والتعارض وذهب بعضهم إلى عدم وجوده إذ الدليل الحاكم ينظر إلى عقد موضوع الدليل المحكوم ويثبت له حكما آخر بالنظر إلى الأحكام الثانوية .والحق : أنه لا تنافي بين الحاكم والمحكوم إذا كان معنى الحكومة التفسير والتبيين .ثم إن الملاك والنكتة في تقدم الحكومة والورود والجمع العرفي على الطرف الآخر هو وجود القرينة .وأما القرينة العامة في العرف المحاوري فهو كالتخصيص للعام فالعرف يرى أن الخاص مقدم على المخصص لأنه قرينة والقرينة مقدمة على ذي القرينة.ولو دار الأمر بين تقديم القرينة العامة أو الخاصة قدمت القرينة الخاصة لأنها أقوى.لذلك كانت الحكومة أقوى من التخصيص والجمع العرفي. لكن هل تقديم القرينة الخاصة على العامة بشكل كلي عند التعارض أو هناك حالات تقدم فيها القرينة العامة ؟قد يقال بتقديم القرينة العامة إذا كانت أقوى .


[1] سورة آل عمران، الآية7.