الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

36/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :- كتاب الطهارة – موارد استحباب الوضوء
تقدم الكلام في الوضوء التجديدي والروايات فيه على طائفتين وقد تقدم الكلام في الطائفة الاولى والثانية ومن جملة الروايات الواردة في الطائفة الثانية ما ورد عن المفضل ابن عمر عن ابي عبد الله عليه السلام قال (من جدد وضوئه لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار)[1] فيتوضأ ليس لأجل التطهير من الحدث وهناك روايات اخرى ومقتضى اطلاقها شمول ما ذكرناه انه يشمل التجديد ما اذا كان فصل زماني بين الوضئين او لم يكن ويشمل ما اذا اتى به لغاية ويأتي بوضوء لغاية اخرى او يأتي بالتجديد لنفسي ثم يأتي بغاية وهكذا فان هذه الاطلاقات تشمل جميع ذلك بلا تقيد، الا ان يقال انه انصراف الى الاول لكن هذا الانصراف بدوي لا اعتناء به .
ثم انه قد يستفاد من بعض الروايات خلاف ذلك من ان الوضوء التجديدي لا اعتبار به بل هو حرام وبدعة والرواية هي رواية عبد الله ابن بكير عن بيه قال : قال لي ابو عبد الله عليه السلام (اذا استيقنت انك احدثت فتوضأ واياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك احدثت)[2] فيستفاد من هذا ان احداث وضوء من دون يقين بالاستحداث ليس مشروعا وهذه الرواية معارضة ولكن لابد من حملها اذا ارت ان تأتي بوضوء بنية الوجوب فإياك ان تأتي به لأنك لم تستيقن الحدث، فان القرينة الموجودة فيها لأنك استيقنت كذا انما يدل على اتيان الوضوء بنية التجديد امر مستنكر وامر غير مشروع وليس الاتيان به بنية الندب .
ذكر رحمه الله : اما اعادة الغسل بعد الغسل وكذا الوضوء بعد غسل الجنابة مشكل، فقد وقع الخلاف في انه هل يجوز الاتيان بالغسل بعد الغسل كما لو اغتسل غسل الجنابة واتى به مرة اخرى فان هذا الحكم لم يرد في كلمات الفقهاء غسل تجديدي فقد ورد في كلماتهم الوضوء التجديدي ومقتضى الاصل عدمه ولم يرد نص يدل عليه كما ورد في الوضوء على وضوء نور على نور، الا ان يتمسك بالرواية السابقة (الطهر على الطهر عشر حسنات)[3] الا انه يمكن ان نقول بانصراف هذه الرواية الى الوضوء، نعم اذا اتى بالغسل بنية الرجاء فلا اشكال بذلك اما بنية الاستحباب فلم يرد فيه نص ولم يرد في كلمات الاصحاب .
كذلك الوضوء بعد غسل الجنابة فلا ريب ولا اشكال اذا كان الاتيان به بقصد التطهير حرام لورود نص (لا وضوء بعد غسل)[4] ولكن هل يمكن استفادة لا وضوء بعده عدم مشروعية الوضوء فحينئذ اذا لم يكن مشروعا فلا يجوز اتيانه ويكون بدعة، واما اذا استفدنا من هذه الرواية الحرمة فقط فحينئذ اذا اتينا بالوضوء بقصد التجديد يمكن ان نقول بالصحة فالأمر مبني على هذا هل ان قول الامام عليه السلام يدل على عدم المشروعية فالوضوء التجديدي بعد غسل الجنابة غير ثابت اما اذا قلنا انه مجرد حكم تكليفي لا وضعي في البين فحينئذ حرام ولكن لو اتى به بقصد التجديد فتشمله الروايات المتقدمة وسيأتي .
ثم ذكر السيد الوالد رحمه الله فروع :-
الفرع الاول : ان التجديد تارة يكون قصدي مرة وكثر وتارة يكون انطباقي قهري كما اذا ظن انه محدث وتوضأ لرفع حدثه وتبين انه لم يكن محدث وصار هذا الوضوء تجديدي فيكون مشمول بالأدلة الدالة على استحباب تجديد الوضوء لا نحتاج الى التفصيل .
الفرع الثاني : قد يجب التجديد بالنذر وغيره ويتبع صيغة النذر فتارة ينذر ان يجدد الوضوء كل وقت مطلقا او ينذر بتقيد كل فعل ان يصدر منه يكون على وضوء فيجب التجديد حينئذ
الفرع الثالث : ان مقتضى الاطلاق صحة التجديد بعد الفراغ من الوضوء الاول، فهل يعتبر الفصل بين زمان الوضوء الاول وبين الثاني وهكذا فمقتضى الاطلاق يشمل كل ذلك سواء كان بفصل او بدون فصل ولكن الاولى التأخير والفصل لاستفادة ذلك من الطائفة الاولى المستفاد من قول الامام موسى ابن جعفر عليه السلام لسماعة .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص377، أبواب الوضوء، ب8، ح7، ط آل البیت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص472، أبواب الوضوء، ب44، ح1، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص376، أبواب الوضوء، ب8، ح3، ط آل البیت.
[4] التنقيح في شرح العروة الوثقى، السيد أبوالقاسم الخوئي - الشيخ ميرزا علي الغروي، ج7، ص60.