الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

36/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :- كتاب الطهارة – الوضوء
الوضوء المستحب أقسام[1]:
أحدها : ما يستحب في حال الحدث الأصغر فيفيد الطهارة منه
الثاني : ما يستحب في حال الطهارة منه كالوضوء التجديدي.
الثالث : ما هو مستحب في حال الحدث الأكبر، وهو لا يفيد طهارة، وإنما هو لرفع الكراهة أو لحدوث كمال في الفعل الذي يأتي به، كوضوء الجنب للنوم، ووضوء الحائض للذكر في مصلاها.
أما القسم الأول: فلأمور:
الأول : الصلوات المندوبة، وهو شرط في صحتها أيضا.
الثاني : الطواف المندوب، وهو مالا يكون جزءا من حج أو عمرة ولو مندوبين وليس شرطا في صحته، نعم هو شرط في صحة صلاته .
الوضوء المستحب على اقسام وذكرنا ان الوضوء بحد نفسه من الاسباب التوليدية تترتب عليه الغاية سواء كانت مقصودة ام لم تكن مقصودة وذكرنا ان الوضوء اذا كان شرط في واجب يكون واجب وان كان شرط في مستحب يكون مستحب، ثم يقول الوضوء المستحب على اقسام :-
القسم الاول : ما يكون استحبابه في حال الحدث الاصغر ولا اشكال به اجماعا ونصوصا فان المكلف اذا كان محدثا بالحدث الاصغر يتوضأ لرفع حدثه
القسم الثاني : ما يكون مستحب لإتيان عمل مندوب وهو منصوص وعليه الاجماع فلابد ان تكون الصلاة التي يأتي بها المكلف لابد ان تكون عن طهارة وهي شرط صحة الصلاة المندوبة لما ذكره عبد العظيم الحسني عن ابي جعفر عليه السلام (لا صلاة الا بطهور)[2] وهذا من ضرورات الدين
القسم الثالث : ما يستحب في حال الطهارة كالوضوء التجديدي وهو دل عليه النص والاجماع فمن النصوص ما ورد عنهم عليهم السلام (الوضوء على الوضوء نور على نور)[3]
القسم الرابع : ما اذا كان مستحب في حال الحدث الاكبر وهذا الحكم لمن يقول ان الحدث الاكبر انما هو حقيقة مختلفة عن حقيقة الحدث الاصغر فحينئذ يكون الوضوء في هذا لأجل كمال يترتب عليه او عمل يأتي به، واما اذا قلنا ان الحدث الاكبر عين الحدث الاصغر والاختلاف بالشدة والضعف
الا ان الكلام في انه لو توضأ وفي حال احدث الاكبر هل يرتفع الحدث الاصغر فقد استدلوا على انه لا يرفع الحدث الاصغر في حال وجود الحدث الاكبر فذهب جمع من الفقهاء انه لا دليل من عقل ومن شرع على ان الوضوء في حال الحدث الاكبر لا يرفع الحدث الاصغر فاذا كانا حقيقتان مختلفتان فالوضوء يرفع هذا الحدث الاصغر وتلك الحقيقة باقية ولهذا الحدث الاكبر سبب ومختص به
واما اذا قلنا انهما حقيقة واحدة لكنهما مختلفان من حيث المرتبة شدة وضعف فيمكن القول بان الحدث الاصغر يرتفع بالوضوء وان كان الاشد باقي الا برافع يرفعه فهذا له اثره الخاص فيرتفع بالوضوء وذاك الحدث الاكبر وان كانت مرتبة اشد الا ان له اثره الخاص المترتب عليه لا يرتفع الا بما يرفعه فما هو المانع من ان الوضوء في حال الحدث الاكبر رافع للحدث الاصغر وان كان الحدث الاصغر الا برافع يرفعه ومثال ذلك المرآة الحائض انما تتوضأ في حال الحيض ثم تطهر فان قلنا ان الوضوء في حال الحيض لا يرفع الحدث الاصغر لوجود الحدث الاكبر فحينئذ لابد لها من الوضوء حتى يرتفع الحدث الاصغر وان ارتفع الحدث الاكبر بالغسل، واما اذا قلنا الحدث الاصغر يرتفع بالوضوء ويبقى الحدث الاكبر الى ان تأتي بالغسل فاذا اغتسلت يرتفع الحدث الاكبر ويصح لها ان تتوضأ حتى لو قلنا ان الغسل لا يجزي عن الوضوء
المسألة الثانية : مس الميت ان قلنا انه من الحدث الاكبر فحينئذ يتوضأ قبل ان يغتسل غسل مس الميت ولا يجزي عن الوضوء فوضوئه كافي واما اذا قلنا ان مس الميت من الحدث الاصغر كما سيأتي من المصنف ويرجح هذا القول في غسل مس الميت فيكون مرتبة شديدة ومرتبة خفيفة ايضا فلو توضأ قبل ان يغتسل غسل مس الميت فلا يحتاج الى الوضوء .
ثم قال : اما القسم الاول انما يأتي بالوضوء لآمور الامر الاول الصلاة فقد قلنا انه لا ريب ولا اشكال في ان الصلاة شرطها الطهارة سواء كانت الصلاة واجبة فشرطيتها عقلية وشرعية واما اذا كانت مندوبة فحينئذ الوضوء لإتيان الصلاة المندوبة انما يكون الوضوء مستحب لكن الصلاة لا تتحقق الا بالطهارة .
ثم قال : المورد الثاني الطواف تارة يأتيه مجرد عن حج وعمرة فيأتي بطواف مفرد فلا يشترط فيه الطهارة انما شرطه شرط كمال الا اذا اراد ان يأتي بالصلاة بعد الطواف فلابد ان يأتي بالوضوء وفي ذلك روايات متعددة منها صحيحة معاوية ابن عمار (لا بئس ان يأتي المناسك كلها على غير وضوء الا الطواف بالبيت والوضوء افضل) وهذه الرواية محمولة على الطواف المندوب بلا ريب ولا اشكال لقوله عليه السلام (لا بئس ان يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي) فيكون الوضوء شرط كمال للوضوء فيستفاد من هذا الحديث ومع سابقه ان صلاة الطواف يشترط في صحتها الوضوء اما الطواف فالوضوء شرط كمال بالنسبة اليه، اما الطواف الذي يكون جزء من حج او عمرة كانا مندوبين او واجبين فلا ريب ولا اشكال في وجوب الوضوء فيهما لان الطواف الذي هو جزء الحج او جزء العمرة يشترط فيه الطهارة لروايات متعددة منها صحيحة جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل أينسك المناسك وهو على غير وضوء ؟ فقال : نعم إلا الطواف بالبيت فإن فيه صلاة)[4] وهذه الرواية تكون دليل على ما ذكرناه سابقا وعلى ما سيأتي .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص361، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص369، ابواب الوضوء، ب2، ح3، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص377، ابواب الوضوء، ب7، ح8، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج13، ص376، ح8، ط ال البيت.