الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة – فصل - في مكروهات التخلي
ومن المكروهات التخلي على قبور المؤمنين لانه يتخوف منه الضرر وسيأتي انه لم يكن فيه تقيد ولكن المصنف خصه بالمؤمنين فقد ورد سابقا (من تخلى على قبر أو بال قائماً أو بال في ماء قائم أو خلا في بيت وحده وبات على غمر فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله)[1] وفي بعض الاخبار النبوية (اياكم والبول على المقابر فأنه يورث البصر) ومنها (ان من جلس على قبر يبول عليه او يتغوط فكأنما جلس على جمرة من نار) وهذه الروايات لم يوجد فيها قيد المؤمن ولكن قيده السيد المصنف اما لانه القدر المتيقن واحترام المؤمن لان حرمته ميتا كحرمته حيا فلأجل ذلك قيده .
ومن المكروهات استصحاب الدرهم البيض الى بيت الخلاء لورود ذلك في عدة روايات منها خبر غياث عن جعفر عن ابيه عليه السلام (انه كره ان يدخل الخلاء ومعه درهم ابيض الا ان يكون مصرورا)[2] فان المراد من الدرهم الابيض قيل انه اسم خاص لنقد في ذلك العصر وهي نجرد دعوا وقيل انه عبارة عن الدرهم الاملس يسهل اخراجه في مقابل مالم يسهل اخراجه فيما اذا كان مصرورا وهذا القول صحيح لكنه يحتاج الى قرينه لبيانه ، ويمكن ان يكون المراد من الابيض مقابل الدينار باعتبار انها مصنوعه من الذهب وهو اصفر والدرهم مصنوع من الفضة وهي بيضاء فلذلك فأطلاق الابيض في مقابل الاصفر وهو الدينار ، او انها لما كانت منقوشة عليها اسم الله تعالى او اية من القران او أي محترم فيكره ادخاله مضنة الاهانة يشمل جميع الدراهم ولا يشمل الابيض .
ومن المكروهات الكلام في بيت الخلاء من غير ضرورة لجملة من الاخبار منها خبر صفوان عن الرضا عليه السلام قال : نهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان يجيئ الرجل اخر وهو على الغائط او يكلمه حتى يفرغ) ومنها رواية ابي بصير قال : قال لي ابو عبد الله عليه السلام لا تتكلم على الخلاء فانه من تكلم على اخلاء لم تقضى له حاجة) وفي المحاسن عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق) ، وقد استدل المحقق الهمداني في المقام بأدلة رفع الحرج ونفي الضرر فانها تشمل جواز الكلام مع الضرورة فان هذه الادلة حاكة على الادلة الاولية ، لكن ناقشه السيد الخوئي (قده) ان ادلة نفي الحرج ونفي الضرر تختص بالأحكام الالزامية ولا تشمل الاحكام الترخيصي لانه يجوز فعله ويجوز تركه فلا نحتاج لهذه الادلة ، ولكن سوف يأتي ان اطلاق هذه الادلة تشمل الاحكام الترخيصية والالزامية والامتنانيه انما هي حكمة وليست علة للتشريع .
ويكره الكلام في الخلاء لغير الضرورة الا بذكر الله لانه حسن على كل حال او يقرأ اية الكرسي لما ورد في معتبر عمر ابن يزيد قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن التسبيح في المخرج وقراءة القران قال : لم يرخص في الكنيف في اكثر من اية الكرسي وسورة الحمد) وبإزائها ما ورد في بعض الاخبار عن ابي عبد الله عليه السلام سألته اتقرأ النفساء والحائض والجنب والرجل يتغوط القران قال : يقرئون ما شاءوا) فحينئذ التعارض بين الروايتين واضح ولكن مقتضى الجمع بينهما ما زاد عن قراءة اية الكرسي وسورة الحمد على الكراهة ، او حكاية الاذان للروايات الدلالة على استحباب حكاية الاذان مطلقا فيشمل ذلك ولخصوص ما ورد في صحيح محمد ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال : يا محمد ابن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وانت على الخلاء فذكر الله عز وجل او قل كما يقول المؤذن) ورواية اخرى عن ابي بصير قال : قال ابو عبد الله عليه السلام ان سمعت الاذان وان على خلاء فقل كما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله في تلك الحال لان ذكر الله حسن على كل حال) وفي رواية سليمان ابن مقبل المديني قال قلت لابي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام لأي علة يستحب للإنسان اذا سمع الاذان ان يقول كما يقول المؤذن وان كان على البول والغائط فقال : لان ذلك يزيد في الرزق) ، وتسميت العاطس وقد فسر بتفسيرين الاول الحالة المعروفة اذا عطس احد نقول له يرحمك الله والمعنى الثاني بنفسه يقول الحمد لله فاذا كان بالمعنى الثاني فان الله حسن على كل حال وان كان بالمعنى الاول فقد وقع الكلام فيه فهل هناك فيه دليل ؟


[1]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج5، ص330، ابواب احكام المساكن، ب20، ح1، ط ال البيت.
[2]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص332، ابواب الخلوة، ب17، ح7، ط ال البيت.