الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة – فصل - في مستحبات التخلي ومكروهاته
قال الماتن رحمه الله : وأن يتقنع ويجزي عن ستر الرأس، وأن يسمي عند كشف العورة، وأن يتكئ في حال الجلوس على رجله اليسرى، ويفرج رجله اليمنى، وأن يستبرئ بالكيفية التي مرت، وأن يتنحنح قبل الاستبراء[1]، من مستحبات التخلي التقنع فانه ورد عن النبي صلى الله عليه واله كان يتقنع استحياءً من ربه ويجزي عن ستر الرأس لانه اخص واذا عمل احد بالأخص يجزي عن الاعم ويحصل الغرض به، ومن المستحبات التسمية عند كشف العورة لمرسلة الصدوق عن جعفر (عليهم السلام ) قال: قال النبي (صلى الله عليه واله): إذا انكشف أحدكم لبول، أو غير ذلك، فليقل: بسم الله، فإن الشيطان يغض بصره)[2] وهناك روايتان مطلقتان من حيث كشف العورة وهي رواية ابي اسامة عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ أنه سئل وهو عنده: ما السنة في دخول الخلاء؟ قال: يذكر الله، ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فرغت قلت: الحمد لله على ما أخرج مني من الأذى في يسر وعافية)[3] فلم يرد  فيه كشف العورة للبول بل وردت مطلقة، والثانية المرسلة  المروية عن الصادق عليه السلام إذا دخل الخلاء يقنع رأسه، ويقول في نفسه: بسم الله، وبالله، ولا إله إلا الله، رب أخرج مني الأذى، سرحا بغير حساب، واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الأذى والغم، الذي لو حبسته عني هلكت، لك الحمد، اعصمني من شر ما في هذه البقعة، وأخرجني منها سالما، وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم)[4] هاتان الرويتان تدلان على الدخول وهو مع كشف العورة امران متغايران فاشكل على ذلك، ولكن الجواب عنه ان تلك الرواية (اذا دخل احدكم الكنيف) مطلقة في حال الكشف او مجرد الدخول فنقيد هذا الاطلاق بمرسلة الصدوق او نقول انه امر تعدد في البين وهو امر ندبي عند الدخول يسمي وعند كشف العورة يسمي فلا اشكال لورود الروايات في كل واحد منهما .
ومن المستحبات ان يتكئ في حال الجلوس على رجله اليسرى وهذا هو المشهور بين الفقهاء، وذكر العلامة ايضا ان ذلك مما علمه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لإصحابه، وذكر الشهيد في الذكرى رواية عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ولكن في رواياتنا لم يرد هذا الحكم انما ورد في رواية نبوية رواها الشهيد  في الذكرى وهي ما رواه عن سراقة ابن جشعم علمنا رسول الله صل الله عليه واله وسلم (اذا دخل احدنا الخلاء ان يعتمد اليسرى وينصب اليمنى) وهذه الرواية كافية في الاستحباب كما ذكرنا انه تسامح في ادلة السنن وتقدم الكلام فيه ولعل العلامة او غيره اخذ الكلام من هذه الرواية والا كما ذكره صاحب الحدائق لم يوجد هذا في رواياتنا، ومن المستحبات ان يفرج رجله اليمنى فهو أيضا لم يرد في رواياتنا لكنه ملازم لمن يتكئ على اليسرى، وان يستبرئ بالكيفية التي مرت لما تقدم من النصوص التي استفاد منها البعض الاستحباب بالكيفية المتقدمة وادعي عليه الاجماع ولكن ذكرنا سبقا ان الروايات لا تدل على الاستحباب فضلا عن الوجوب انما هي ارشاد الى تنقية المحل فقط، وان يتنحنح قبل الاستبراء وهو وارد عن العلامة والشهيد وغيرهم ولكن المحقق البحراني رحمه الله ذكر انه لم يرد في رواياتنا الا انه في الجملة صحيح باعتبار ان التنحنح يجمع البول في المجرى ثم يستبرئ من البقايا فان كانت فتوى الاعلام كافية في الاستحباب نقول بصحته بناء على التسامح في ادلة السنن والا لم يرد نص خاص في هذا .
ثم قال رحمه الله : وأن يقرأ الأدعية المأثورة، بأن يقول عند الدخول: " اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم أو يقول: " الحمد لله الحافظ المؤدي "والأولى الجمع بينهما[5]، ومن المستحبات ان يقرأ الادعية المأثورة وان الروايات الواردة في ذلك مختلفة فبعضها يقتصر على بعض الجملات وبعضها تذكر جملة اخرى وتحذ كلمة او حرف مما ذكر في الجملة الاخرى وبعضها لم يذكره المصنف رحمه الله ومن الروايات ما ورد عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إذا دخلت الغائط فقل: أعوذ بالله من الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم، وإذا فرغت فقل: الحمد لله الذي عافاني من البلاء، وأماط عني الأذى)[6] هذه الدعاء ورد في خبر ابي بصير الى اخر، لكن ما ذكره السيد الماتن حذف في قوله (اعوذ بالله) وهي قد وردت في رواية اخرى ولم يرد فيها (اللهم اني) فزادها السيد الماتن، وفي رواية اخرى هي مرسلة الصدوق قال كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا دخل المتوضأ قال اللهم اني اعوذ بك الى اخر ما نقله السيد الماتن رحمه الله لكن هذه المرسلة موجود فيها بعد ذلك (اللهم امط عني الاذى) فزاد على ذلك الدعاء وفي رواية معاوية ابن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام (اذا دخلت المخرج فقل بسم لله اللهم اني اعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم) فقدم به وزاد فيه (بسم لله)، او يقول (الحمد لله الحافظ المؤدي) يعني المعين كما ورد  في مرسلة الصدوق قال كان عليه الصلاة والسلام اذا دخل الخلاء يقول (الحمد لله الحافظ المؤدي)، والاولى الجمع بينهما، لان ذكر الله حسن على كل حال بل ورد دعاء اخر في رواية اخرى (ذكر الله حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر لله)[7] وانه اذا عملنا بهاذين الدعائيين فقد اتينا بكل الروايات التي وردت في المقام وهناك روايات اخرى فيها دعاء اطول (بسم لله وبالله ولا اله الا الله ربي اخرج عني الاذى سرحا بغير حساب واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الاذى والغم الذي لو حبسته عنه هلكت لك الحمد اعصمني من شر ما في هذه البقعة واخرجني منها سالما وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم) فاذا اراد الانسان ان يأتي بالأولى يأتي بكل ما ذكر في هذه الروايات، وعند خروج الغائط يقول الحمد لله الذي اطعمنيه طيب في عافية واخرجه خبيث في عافية) وهذه وردت في مرسلة الصدوق ايضا قال كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا أنزحر قال (اللهم كما اطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه مني خبيثا في عافية)[8] لكن الماتن ذكر (الحمد لله الذي اطعمنيه طيب) فاختلاف بينهما في كيفية الدعاء ولا اشكال فيه من هذه الناحية لانه ذكر الله وهو حسن على كل حال .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص342، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص307، ب2، ح4، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص309، ب2، ح10، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص308، ب2، ح7، ط ال البيت.
[5] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص343، ط ج.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص307، ب2، ح2، ط ال البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص311، ب3، ح3، ط ال البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص308، ب2، ح5، ط ال البيت.