الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة – فصل - في مستحبات التخلي ومكروهاته
ان المستحبات المذكورة في هذا الفصل لم يرد فيها نص معتبر وحتى وان ورد فيها فلا تخلوا عن المناقشة في دلالتها فانها متفاوتة بل ورد في بعضها مطلق الاثر، فاستفادة الاستحباب والكراهة مبني على قاعدة التسامح في ادلة السنن فان قلنا بان هذه القاعدة تثبت الاستحباب فيؤتى بهذه الامور بداعي الاستحباب وان قلنا بان هذه القاعدة تثبت الاستحباب ولا تثبت كراهة وانما هي مطلق الارشاد الى هذا فلا يمكن ان يؤتى بهذه الامور بنو الاستحباب او بنحو الكراهة بل يؤتى بها بقصد رجاء المطلوبية .
ثم قال رحمه الله : أما الأول: فأن يطلب خلوة، أو يبعد حتى لا يرى شخصه، وأن يطلب مكانا مرتفعا للبول، أو موضعا رخوا،، وأن يقدم رجله اليسرى عند الدخول في بيت الخلاء، ورجله اليمنى عند الخروج، وأن يستر رأسه، وأن يتقنع ويجزي عن ستر الرأس[1]
ان طلب الخلوة والمكان البعيد للتخلي تأسيا بالرسول صلى الله عليه واله وسلم أنه لم ير على بول ولا غائط ويدل على ذلك جملة من الروايات منها عن الصادق عليه السلام (ما أوتي لقمان الحكمة لحسب، ولا مال، ولا بسط في جسم، ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكنا، سكيتا ـ وذكر جملة من أوصافه ومدائحه إلى أن قال ـ ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط قط، ولا اغتسال، لشدة تستره، وتحفظه في أمره)[2] ومنها رواية جنيد في حديث ورد علي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أخا الأزد، معك طهور؟ قلت: نعم، فناولته الإداوة، فمضى حتى لم أره، وأقبل وقد تطهر، فجلس في ظل الترس)[3]، ومن المستحبات ان يطلب مكانا مرتفعا للبول فان الاعتبار يقتضي ذلك مطلقا سواء كان تسريحي او كان هناك تراب حتى يدخل فيه البول من دون نضح وقد دل على ذلك جملة من الروايات جملة من الروايات منها مرسلة الجعفري قال بت مع الرضا ( عليه السلام ) في سفح جبل، فلما كان آخر الليل، قام فتنحى، وصار على موضع مرتفع، فبال وتوضأ ـ وقال: من فقه الرجل أن يرتاد لموضع بوله)[4] ومنها روايات ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه واله) أشد الناس توقيا عن البول، كان إذ أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض، أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير، كراهية أن ينضح عليه البول)[5] وهذا الحديث يبين حكمة طلب المكان البعيد او المرتفع وان يطلب المحل الرخو فان رواية ابن مسكان المتقدمة تدل على ذلك وايضا رواية الجعفري عن الرضا عليه السلام قال: ان من فقه الرجل ان يرتاد موضعا لبوله) والمراد من الموضوع المرتفع الرخو كما تقدم ان لا يكون هناك حجر بحيث ينضح منه البول، وان يقدم رجله اليسرى عند الدخول في بيت الخلاء ورجله اليسرى عند الخروج وهو المشهور بين الفقهاء وفي الغنية الاجماع عليه ولم يرد فيه نص انما استفيد ذلك عكس المسجد الذي ورد فيه نص فعند دخول المسجد يقدم رجله اليمنى وعند الخروج يقدم رجله اليسرى فاخذوا عكس ذلك في بيت الخلاء، وان يستر رأسه فانه بهذا اللفظ لم ترد رواية انما ورد تغطية الرأس وهو بمعناه لجملة من الروايات بل ادعي الاتفاق عليه منها ما ورد في المقنعة ان تغطية الرأس ان كان مكشوفا عند التخلي سنة من سنن النبي صلى الله عليه واله، ولعله يشير الى الروايات الاخرى الواردة في خبر الدعائم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان اذا دخل الخلاء تقنع او غطى رأسه ولم يره احد وفي خبر ابي ذر عن رسول الله (صلى الله عليه واله) ـ في وصيته له ـ قال: يا أبا ذر، استحي من الله، فإني ـ والذي نفسي بيده لأظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي، استحياء من الملكين اللذين معي)[6] وهذه الرواية تبين الحكمة في تغطية الرأس وقد ذكر العلامة في بعض كتبه حكمة اخرى وهي مردودة اليه انما الحكمة ما ورد في خبر ابي ذر، وفي خبر علي ابن اسباط عن ابي عبد الله ع انه اذا دخل الكنيف يقنع رأسه ) هذه هي الروايات الواردة في تغطية وستر الرأس ولكل واحدة من هذه الروايات حكمة وان كان هناك حكمة فهي ترجع الى الاستنباط وليس الى الرواية .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص342، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص305، ب4، ح2، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص306، ب4، ح5، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص339، ب22، ح3، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص338، ب22، ح2، ط ال البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص304، ب3، ح3، ط ال البيت.