الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في الاستبراء
(مسألة 8): إذا بال ولم يستبرئ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول والمني يحكم عليها بأنها بول، فلا يجب عليه الغسل، بخلاف ما إذا خرجت منه بعد الاستبراء، فإنه يجب عليه الاحتياط بالجمع،[1]، قلنا ان هذه المسألة اولا وقبل كل شيء ان هذا البلل لا اشكال في نجاسته انما اكلام في بقية الامور والاحكام الاخرى وفي المسألة صور :-
الصورة الاولى : ان يكون البلل المشتبه قبل الاستبراء فيشك المكلف بين كونه مني او بول فيحدث علم اجمالي هل هو مني فيجب الغسل او بول فيجب الوضوء، والنجاسة مسلمة عندهم وليس فيها كلام انما الكلام في الناقضية في ان هذا البلل قبل الاستبراء ناقض للوضوء لو كان متوضأ فحينئذ العلم الاجمالي منجز بالنسبة اليه فيجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل الا اذا كان هناك اصل غير معارض في احد الطرفين فينحل العلم الاجمالي والاصل الذي يجري في المقام هو اصالة عدم خروج المني من محله وهذا الاصل لا يجري في الطرف المقابل حتى يعارضه ويسقطان كذلك اصالة عدم بقاء البول في المجرى جارية وظاهر الحال ان الانسان لما يخرج منه البول قبل الاستبراء يبقى منه شيء ويخرج بالحركة فظاهر الحال ايضا يقتضي بقاء اجزاء البول عند ذلك ينحل العلم الاجمالي فيجب عليه الوضوء فقط ولا يجب الغسل الا ان الاحتياط هو الجمع بينهما كما سيأتي بيانه
الصورة الثانية : ما اذا كان الشك والبلل صادر بعد الاستبراء هل هو بول او مني فاصالة بقاء اجزاء البول لا مجرى لها اذ ان الاستبراء متحقق وهو امارة على نقاء المحل، اما بالنسبة الى اصالة عدم خروج البول من محله معارض بإصالة عدم خروج المني من محله فاذا كان الاصل يجري في البول ونقول بإصالة خروج البول من محله معارض بإصالة خروج المني من محله فيتعارضان ويتساقطان فيكون العلم الاجمالي منجز فيجب عليه الوضوء والغسل .
استشكل بعضهم في المقام من ان المستفاد من الروايات التي تقدم ذكرها انها وردت في البلل المشتبه بين البول وغير المني فهاتان الصورتان خارجتان عن مورد الروايات حينئذ اذا كان قبل الاستبراء يكون نجسا وناقضا اما بعد الاستبراء لا يحكم عليه انه بول وليس انه ناقض في المقام، فلابد ان نقول ان الانسان قبل الاستبراء صدرت منه رطوبة مشتبه بين البول والمني فحينئذ هذه الرطوبة المشتبهة اذا امكننا انحلال العلم الاجمالي بأجراء الاصل بطرف دون الطرف الاخر حينئذ نأخذ بذلك الطرف الذي لم ينحل فيه العلم الاجمالي ونحكم بالنسبة اليه، اما اذا انحل العلم الاجمالي بالأصل فنحكم بحسب مقتضاه ففي المقام انه بلل قبل الاستبراء فيجب عليه بمقتضى بقاء اجزاء البول الناقضية للوضوء اذا كان متوضأ والغسل ايضا لانه محكوم بالبولية اما المني فاصالة عدم الخروج من محله محكم، اما في الصورة الثانية فانه لابد ان نقول انه ايضا بعد الاستبراء وانه لم يبقى في المجرى بقايا من البول فان الاستبراء امارة على ذلك كما استفدناه من الدليل
الا ان صحيحة محمد ابن مسلم قال: قال أبو جعفر ( عليه السلام ): من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول، ثم يجد بللا، فقد انتقض غسله، وإن كان بال، ثم اغتسل، ثم وجد بللا، فليس ينقص غسله، ولكن عليه الوضوء، لأن البول لم يدع شيئا)[2] وكذلك موثقة سماعة قال عليه السلام : فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله، ولكن يتوضأ ويستنجي)[3] فلابد ان نقول انه اذا سبقت منه نجاسة ثم بال بعد ذلك فلابد ان نقول ان الرطوبة الحاصلة ليست مني لان البول لم يدع شيء فنحكم بان هذا مجرد بول يكون ناقضا للوضوء اذا كان متوضأ هذا اذا كان مسبوقا بالجنابة اما اذا لم يكن كذلك فهو لم يجنب سابقا فيكون البول بعد الجنابة لم يدع شيء فانه في المقام يجب عليه الجمع بين الغسل والوضوء هذا ما نستفيده من الاخبار الواردة في المقام
الا ان الصحيح ما ذكره السيد الماتن رحمه الله فانه اذا كان قبل الاستبراء وشك في نقاء المجرى فاستصحاب بقاء البول يجري واستصحاب عدم خروج المني من محله يجري وظاهر الحال يكون بقايا في المجرى فحينئذ ينحل العلم الاجمالي بالنسبة الى وجوب الغسل فيجب عليه الوضوء فقط اما في الصورة الثانية الذي كان بعد الاستبراء فان هنا اصالة بقاء البول لا مجرى له لان هناك استبراء والاستبراء امارة على نقاء المجرى من البولية فهذا الاصل لا يجري، يبقى الاصل في عدم خروج البول من محله والاصل في خروج المني من محله فنشك بان هذا بول جديد صدر من محله فاصالة عدم خروج البول من محله ونشك ان هذا مني صدر وخرج من محله اصلة عدم خروج المني من محله وبما ان الاصلان متكافئان فيتعارضان ويتسقطان فالعلم الاجمالي منجز في حقه فيجب عليه الوضوء والغسل فما ذكره السيد الماتن هو الصحيح وما ذكره من الاخبار لابد من تقيده .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص341، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص284، ب13، ح1، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص284، ب13، ح1، ط ال البيت.