الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في الاستبراء
كان الكلام الاستبراء وهو تنقية مجرى البول من بقاياه وهذا الغرض لا يختص بالشرع فان العرف ايضا هذا مرادهم، ولم ترد فيه طريقة معينة فان الغرض اذا تحقق باي وجه فلا اشكال فيه ولا يوجد فيه شرط معين انما قالوا اولا غسل مخرج الغائط ثم يعمل بالاستبراء وذكرنا ان غسل مخرج الغائط لم يرد فيه نص بحيث يكون قوام الاستبراء غسل مخرج الغائط انما استفيد ذلك من موضوع اخر فانه وارد استحباب غسل مخرج الغائط ابتداءً، وثانيا الاعتبار يدل على ذلك ايضا فانه قبل غسل مخرج الغائط تتلوث اليد فتوجب تلويث غير الموضع فيحتاج الى تطهير زائد .
ثم ذكر رحمه الله : ثم يضع إصبعه الوسطى من اليد اليسرى على مخرج الغائط، ويمسح إلى أصل الذكر ثلاث مرات، ثم يضع سبابته فوق الذكر وإبهامه تحته ويمسح بقوة إلى رأسه ثلاث مرات، ثم يعصر رأسه ثلاث مرات[1]، فانه قد عين الوسطى من يده اليسرى لورود ذلك في الروايات وان كان في بعضها ضعف من حيث السند منها ما ورد في النبوي (من بال فليضع أصبعه الوسطى في أصل العجان ثم ليسلها ثلاثا)[2] والاعتماد على هذا الحديث تسامحا في ادلة السنن، واما كونه اليد اليسرى فلما ورد من النهي في الاستنجاء باليد اليمنى وانها وضعت للطعام وغير ذلك من اعالي الامور واليد اليسرى وضعت للاستنجاء والاستبراء الامور الدانية وقد وردت في ذلك روايات منها ما رواه العلامة في كتاب المنتهى وعن عائشة قالت كانت يد رسول الله صلى الله عليه واله اليمنى لطعامه وطهوره، ويده اليسرى للاستنجاء) . (وكان النبي صلى الله عليه واله استحب أن يجعل اليمنى، لما علا من الأمور واليسرى لما دنا)[3] هذه الرواية وان كانت ضعيفة الا ان العمل بها تمسك في ادلة السنن، واما المسح الى اصل الذكر فلما ورد في روايات متعددة ايضا منها معتبرة عبد الملك بن عمرو، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في الرجل يبول، ثم يستنجي، ثم يجد بعد ذلك بللا، قال: إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرات، وغمز ما بينهما، ثم استنجى، فإن سأل حتى يبلغ السوق فلا يبالي)[4] فاستفيد من هذا الحديث ان يكون المسح من بين المقعدة الى اصل الانثيين ولكن بعد ذلك قال انه ثلاث مرات فقد اختلف الفقهاء في عدد المسحاة فالمشهور ان المسحاة تسعة ثلاث من المقعدة الى اصل الانثيين وثلاث من اصل القضيب الى الحشفة وثلاثة مرات نتر الحشفة فيكون تسعة، وذهب السيد علم الهدى وابن الجنيد الى انه ستة من اصل القضيب الى الحشفة ثلاثة ونتر الحشفة ثلاثة، وبعضهم ذهب الى انه ثلاثة فقط واما الشيخ المفيد فلم يعتبر عددا في ذلك، ومنشأ اختلافهم يكون لاحد الامرين : الاول ان الروايات مختلفة في العدد وانهم اختلفوا من اجل ذلك ومن تلك الروايات معتبرة عبد الملك المتقدمة، وثانيا اختلفوا نظرا الى تنقية المحل فباي وجه حصلت يتحقق المراد فلو كانت حاصلة بتسع فلابد منها وان كانت تحصل باقل فلا كلام، وذكرنا ان طول المدة من غير مسحاة هو ايضا من موجبات التنقية وسحب ما موجود في المجرى بالة ايضا يوجب النقاء ولا اشكال فيه، والرواية الواردة في الامر الاول تعين من المقعدة الى الانثيين ولا اشكال به عند الجميع الا ان النزاع في (وغمز ما بينهما) فان صاحب الجواهر رأى ان الغمز بين الانثيين ليس واجب ولم يقل به احد فلابد من طرح هذه الرواية لوجود هذه الجملة، وذهب بعضهم الى ان الغمز اصل القضيب الى الحشفة فما بينهما أي بين الانثيين والقضيب فانه ارجع الضمير الى ذلك والظاهر هو ذلك ولعله لم يذكره في المقام لمعلومية مبدئه ومنتهاه فانهم اختلفوا في تفسير الغمز في المقام فان ارجعناه الى ما ذكره صاحب الجواهر فلابد من طرح الرواية وان ارجعناه الى الذي ذكرناه فيمكن تصحيحه فالرواية ورد فيها ثلاثة مسحاة مُسَلَمة وهي بين المقعدة والانثيين وهناك روايات اخرى سيأتي بيانها .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج1، ص338، ط ج.
[2] بحار الانوار، المجلسي، ج77، ص209.
[3] منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج77، ص250، ط ج.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص283، ب13، ح1، ط ال البيت.