الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في الاستنجاء
قال الماتن رحمه الله : والغسل أفضل من المسح بالأحجار، والجمع بينهما أكمل[1]، ان أفضلية الغسل دلت عليها نصوص كثيرة منها قول الصادق في الصحيح (قال رسول الله ص يا معشر الانصار ان الله قد احسن اليكم الثناء فماذا تصنعون قالوا نستنجي بالماء) فان اقصى ما نستفيده من هذا الحديث الندب والافضلية، ومنها صحيح جميل ابن دراج عن ابي عبد الله عليه الصلاة والسلام في قول الله عز وجل (ان الله يحب التوابين) قال ع (كان الناس يستنجون بالكرسف والاحجار ثم احدث الوضوء وهو خلق كريم فامر رسول الله ص وصنعه فانزل الله في كتابه ان الله  يحب التوابين ويحب المتطهرين) هذه الروايات وغيرها مما يدل على افضلية الماء على الاحجار والاجماع قائم ولا اشكال بهذا الحكم .
واما اكملية الجمع فانه مما لا ريب ولا اشكل فيه وقد وردت فيه رويتين منها علي (كنتم تبعرون بعرا واليوم تثلطون ثلطا) وهناك رواية اخرى عن الصادق عليه السلام (جرت السنة في الاستنجاء بثلاث احجار ابكار ويتبع بالماء) والسيد الماتن استعمل لفظ الاكملية فهل المراد منها اثبات الاستحباب او اثبات الجواز ولذلك استشكل السيد الخوئي على العبارة هل معنى الاكملية هل هو مطلق الجمع بينهما فهو مما لا اشكال في جوازه يجمع الانسان بين تطهيرين،واما اذا اراد من لفظ الاكملية الاستحباب والندب فلا يمكن استفادة ذلك لان الاستحباب حكم شرعي كسائر الاحكام ولابد من دليل يدل عليه وهاتان الروايتان ضعيفتا السند، فان قلنا ان اخبار من بلغ والتسامح في ادلة السنن يثبت الاستحباب في المورد فيكون صحيح، وان قلنا ان اخبار من بلغ والتسامح في ادلة السنن انما نستفيد منهما ترتب الاستحباب برجاء نيل الثواب، او لبيان حسن الانقياد فالحكم بالاستحباب في المقام من غير دليل .
ولكن يمكن القول بان هنا اجماع على الاستحباب اذ ان الفقهاء اتفقوا على اكملية الجمع بين الماء والاستجمار فان ثبت هذا الاجماع على الاستحباب فهو ضعيف وان لم يثبت فإثبات الاستحباب في المقام مشكل، ولعله لأجل هذا السيد الماتن قدس سره استعمل هذه الكلمة لكي لا يستفاد منه الاستحباب فيستشكل عليه فاكلمية الجمع بين التطهيرين افضل واكمل وجدانيا ولا اشكال في جوازه .
ثم قال الماتن رحمه الله : ولا يعتبر في الغسل تعدد، بل الحد النقاء، وإن حصل بغسلة[2]، هذا الحكم ايضا مما دل عليه النص والاجماع منها معتبرة ابن المغيرة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: للاستنجاء حد؟ قال: (لا، ينقي ما ثمة)[3]وغير ذلك مما ورد في رواية يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط، أو بال؟ قال (ويذهب الغائط)[4]  حيث ورد فيها مطلق النقاء الذي يصادق على ازالة العين ولو بغسلة واحدة، ومنها صحيحة زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال: لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأمّا البول فإنه لا بد من غسله)[5]، ومنها صحيح زرارة قال (كان يستنجي من البول ثلاث مرات، ومن الغائط بالمدر والخرق)[6] فقد ورد في مخرج البول انه يحتاج الى التعدد ولم يرد  مثل هذا التعدد في مخرج الغائط فالمناط في مخرج الغائط النقاء فاذا حصل بغسلة واحدة كفى حينئذ .
ثم قال رحمه الله : وفي المسح لا بد من ثلاث وإن حصل النقاء بالأقل[7]، هذا هو الشرط الثاني من شروط الاستنجاء بالأحجار فلابد  ان يكون بثلاثة احجار ولا يكتفى ولا اشكال في ان يكون بثلاثة احجار او ثلاثة خرق والدليل على ذلك الاجماع والنصوص الكثيرة منها قول سلمان ( نهانا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان نستنجي باقل من ثلاثة احجار) ومنها النبوي (لا يكفي احدكم دون ثلاثة احجار) منها صحيح ابي جعفر عليه السلام (جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار)[8]  ومنها موثقته الاخرى عن ابي جعفر عليه السلام (يجزي من الغائط المسح بالأحجار ولا يجزي من البول الا الماء) فهذه الرواية وان لم تقيد بلفظ ثلاثة ولك لفظ الاحجار جمع واقل الجمع ثلاثة .
لكن هذه الاخبار نوقشت اما في الاولى فالسند  فيها ضعيف واما الرواية الثانية والثالثة وان كانتا موثقة ومعتبرة سندا الا انه لا نستفيد منهما وجوب ان تكون بثلاثة احجار فان لفظ السنة يستعمل في المندوبات ولم يستعمل في الوجوب ومن قال ان الاحجار جمع حتى يقال ثلاثة بل هو جنس الاحجار ويتحقق بالواحدة او بالاثنين اذا تحقق التطهير والنقاء، ولكن هل هذه المناقشة في الروايات صحيحة او لا ؟ سيأتي الكلام فيها .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص331.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص331.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص321، باب ان الواجب في الاستنجاء ازالة عين النجاسة، ح1، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص316، باب وجوب الاستنجاء، ح5، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص315، باب وجوب الاستنجاء، ح1، ط ال البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص344، باب اقل ما يجزي في الاستنجاء، ح1، ط ال البيت.
[7] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص331.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص349، باب التخيير في الاستنجاء ازالة عين النجاسة، ح4، ط ال البيت.