الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في الاستنجاء
قال الماتن رحمه الله : وفي مخرج الغائط مخير بين الماء والمسح بالأحجار أو الخرق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، وإلا تعين الماء[1]، وفي هذا القول احكام اربعة :-
الحكم الاول : وجوب الاستنجاء في مخرج الغائط لضرورة المذهب بل الدين واخبار مستفيضة ان لم نقل انها متواترة .
الحكم الثاني : لابد ان يكون الاستنجاء بالغسل بالماء ودلت على ذلك روايات متعددة منها صحيحة بن أبي محمود قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول ـ في الاستنجاء ـ : يغسل ما ظهر منه على الشرج، ولا يدخل فيه الأنملة)[2]، ومنها معتبرة عمار عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث قال (إنما عليه أن يغسل ما ظهر منها ـ يعني المقعدة ـ وليس عليه أن يغسل باطنها)[3] هاتان رويتان معتبرتان وهناك روايات اخرى تدل على ان الاستنجاء يقع بالماء وقد تقدم بعضها .
الحكم الثالث : يتحقق الاستنجاء بالاستجمار بالأحجار والخرق وتدل عليه جملة من الروايات منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال: لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأمّا البول فإنه لا بد من غسله)[4]، ومنها صحيح زرارة قال (كان يستنجي من البول ثلاث مرات، ومن الغائط بالمدر والخرق)[5] وهذه ايضا تدل على جواز الاكتفاء بالتمسح بالأحجار والخرق .
الحكم الرابع : التخيير بين الغسل بالماء او الاستجمار بالأحجار او الخرق ويدل على ذلك روايات متعددة منها موثق يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط، أو بال؟ قال (ويذهب الغائط)[6] أي ينقي هذا سواء كان بالماء او كان بالأحجار فهو اطلاق يشمل كلا الموردين، ومنها معتبرة ابن المغيرة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: للاستنجاء حد؟ قال: (لا، ينقي ما ثمة)[7] والنقاء يشمل النقاء بالماء وبالأحجار كذلك نقاوة المحل كما تتحقق بالماء تتحقق بغيره، حتى اذا قلنا (ينقي ما ثمت) منصرفة الى التنقية بالماء فتلك الروية، ولكن هذا الانصراف بدوي لا اعتناء به بل يشمل التنقية بالأحجار كما تمت بالماء، كذلك مما يدل على التخيير مقتضى الجمع بين الروايات التي ورد فيها لفظ الغسل والروايات التي ورد فيها التمسح بالأحجار والخرق فان الجمع بين هاتين الطائفتين مما يقتضي التخيير
والروايات التي اشتملت على لفظ الغسل كثيرة منها عن هارون بن حمزة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بلت يمينك)[8]، وايضا ما ورد في رواية عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه واله) قال لبعض نسائه: مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن، فإنه مطهرة للحواشي، ومذهبة للبواسير)[9]، واما الروايات التي دلت على الاكتفاء بالاستجمار كثيرة منها صحيح ابي جعفر عليه السلام (جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار)[10] ذكر فيها مجرد التمسح بالأحجار وتلك ذكر فيها الغسل ولا ترجيح في البين ومقتضى الجمع بين الروايتين التخيير، وكذلك عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن التمسح بالأحجار؟ فقال: كان الحسين بن علي (عليه السلام) يمسح بثلاثة أحجار)[11]، ولا ريب في ظهور الطائفتين في التخيير اذا لم يكن في احدهما ما يقتضي الترجيح على الاخر، حينئذ التخيير لا اشكال فيه انما الكلام انه وردت رواية معتبرة تدل على خلاف ذلك وهي موثق عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى صلى، إلا أنه قد تمسح بثلاثة أحجار، قال: إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة، وليعد الوضوء، وإن كان قد مضى وقت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته، وليتوضأ لما يستقبل من الصلاة)[12] فهذه الرواية مخالفة فلابد ان نحملها محمل فيشترط في التمسح بالأحجار شروط منها ان لا يتعدى عن المخرج هذا المورد يحمل على ان هناك تعدي عن المخرج وحينئذ لا ينقى بالأحجار فلابد من الغسل بالماء فأمره الامام بالرجوع لان بدنه نجس، ويحمل الوضوء في هذه الرواية ليس على الوضوء المتعارف بل على التطهير او نحمله على الندب فلا تنافي بين الروايات .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص331، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص347، باب الوجوب في الاستنجاء، ح1، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج3، ص438، باب وجوب غسل ظاهر البدن، ح6، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص315، باب وجوب الاستنجاء، ح1، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص344، باب اقل ما يجزي في الاستنجاء، ح1، ط ال البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص316، باب وجوب الاستنجاء، ح5، ط ال البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص321، باب ان الواجب في الاستنجاء ازالة عين النجاسة، ح1، ط ال البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص241، باب يجزي من الغسل مسماه، ح5، ط ال البيت.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص316، باب وجوب الاستنجاء، ح3، ط ال البيت.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص349، باب التخيير في الاستنجاء ازالة عين النجاسة، ح4، ط ال البيت.
[11] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص348، باب التخيير في الاستنجاء ازالة عين النجاسة، ح1، ط ال البيت.
[12] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص317، باب حكم من نسي الاستنجاء حتى توضأ، ح1، ط ال البيت.