الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام التخلي
(مسألة 13) : لو اضطر إلى النظر إلى عورة الغير كما في مقام المعالجة فالأحوط أن يكون في المرآة المقابلة لها إن اندفع الاضطرار بذلك، وإلا فلا بأس[1]، اذا قلنا بجواز النظر الى العورة بنفسها او في المرآة فحينئذ لا اشكال في الحكم لدوران الامر بين الحرمة والحلية ولا ريب ولا اشكال في تقديم الثاني على الاول فاذا قلنا بجواز النظر الى العورة في المرآة او في الماء الصافي فيتعين ذلك لأنه مباح والنظر الى نفس العورة حرام فيتعين المباح اذا دار امره بين الحرام، واما اذا قلنا بحرمة النظر الى العورة في المرآة كما اخترناه سابقا لان العرف يرى ان النظر الى العورة في المرآة كالنظر الى نفس العورة فلابد من تقديم المرآة على النظر الى نفس العورة لدوران الامر بين الحرمة الشديدة والحرمة الخفيفة اذ الصورة غير ذي الصورة فتكون الحرمة اخف في الصورة واكد في النظر الى نفس العورة فعند الدوران بين محتمل الاهمية وغير محتمل الاهمية فيتعين محتمل الاهمية ولا يجوز النظر الى العورة بنفسها الا اذا لم يفد النظر في المرآة ويتحقق الاضطرار الى النظر للعورة نفسها فيتعين لدليل الاضطرار حينئذ
(مسألة 14) : يحرم في حال التخلي استقبال القبلة واستدبارها بمقاديم بدنه، وإن أمال عورته إلى غيرهما[2]، هذا الحكم هو المشهور والمتسالم بين الفقهاء اذ لم يُنقل الخلاف الا من متأخر المتأخرين منهم صاحب المدارك حيث ذهب الى كراهة الاستقبال والاستدبار حال التخلي، لكن تسالم الحكم قديما وحديثا هو الذي ينفي هذا الرأي وهناك روايات تدل على نفي هذا الحكم حتى ولو كانت مراسيل او ضعاف السند الا انها مجبورة بعمل الاصحاب والسيد صاحب المدارك لا ينظر لذلك التسالم وهو غير صحيح عنده بل انه ناظر الى الروايات وهي من حيث الدلالة تامة ولا اشكال بها ومن حيث السند هي ضعيفة لذلك حكم بالكراهة، والروايات منها خبر المناهي (ونهى رسول الله صلى الله عليه وأله عن استقبال القبلة ببول، أو غائط)[3]، ومنها قول ابي الحسن عليه السلام (لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها)[4]، ومنها قول الامام الكاظم عليه السلام (ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول)[5] الى غير ذلك من الروايات التي هي تامة الدلالة لكنها ضعيفة السند وهي مجبورة بعمل الاصحاب حيث انهم تسالموا على ذلك الحكم وهذا واضح ولا اشكال فيه من هذه الناحية
ولما كان ظهور هذه الروايات واضح نرفع اليد عن ما استشكل على الدلالة ايضا حيث ان هذه الروايات وردت في ضمن روايات مثل حديث المناهي حيث انه بعضها محمول على الكراهة وبعضها محمول على التنزيه فلابد ان تكون قرينة في رفع اليد عن ظهورها في الحرمة، لكن وحدة السياق بحد نفسها مع وجود ظهور قوي لا يمكن المصير اليه فان وحدة السياق لابد من وضوح الظهور فيه ولذلك كثير من ابناء العامة يتمسكون في وحدة السياق في اية الخمس انها ذكرة في الحرب والجهاد واية التطهير وردة في نساء النبي فوحدة السياق تقتضي ذلك
ولكن وحدة السياق ليست دليل الا اذا ثبت له ظهور عند العرفي وفي المقام ان ظهور النص الذي دل على الحرمة هو اقوى من وحدة السياق، وثانيا ان التفكيك في متن الروايات غير عزيز في الفقه فان رواية واحدة تشتمل على احكام متعددة وهي في جملة كلام واحد فبعضها يحمله على الكراهة وبعضها على الحرمة لوجود ادلة خاصة، وفي المقام حملوا النهي على استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي على الحرمة لوجود التسالم والظهور القوي هو الذي يكون اقوى من وحدة السياق ولا يمكن رفع اليد عن هذا الظهور، وهناك رواية استدل بها على استحباب ترك الاستقبال او كراهة الاستقبال وهي رواية محمد ابن اسماعيل ابن بزيع قال دخلت على ابي الحسن الرضا عليه السلام وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول (من بال حذاء القبلة، ثم ذكر، فانحرف عنها إجلالا للقبلة، وتعظيما لها، لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له)[6] واستفادوا من هذا الن لسانه لسان استحباب وليس حكما تكليفيا والا لو كان حراما لإمره الامام بالانحراف او امره بعد الاستمرار على ذلك فعدم الامر من الامام يدل على ان الحكم تنزيهي او ندبي، لكن هذا الشيء بعيدٌ باعتبار قول الامام من ذكر وانحرف يغفر له يعني حدث له ذنب ويغفر له من فعل الحرام فالحديث مجمل من هذه الناحية فلابد من تفسيره بتلك الروايات التي تدل على الحرمة صراحةً وهذه الرواية نحملها على محمل ما
ولكن الاشكال كيف يكون في منزل الامام كنيف مستقبل القبلة ! فاذا كان استقبال القبلة محرما فكيف يفعل الامام الحرام واذا كان مكروها فان الامام لا يفعل المكروه وحتى لو فعل المكروه مرة واحدة لإثبات ان هذا الفعل لم يكن محرما لكنه لا يستمر عليه لأنه لا يفعل المكروه، لكن يمكن الجواب عن ذلك وهو عدم كون ذلك المنزل منزل الامام وكان جالس في منزل غيره او نحمله على بعض المحامل ولابد من رفع اليد عنها اذا ظهر منها ما يدل على استحباب ترك الاستقبال او كراهة الاستقبال، لكن عبارة يغفر له يعني هناك ذنب وهو لا يكون الا بفعل محرم او ترك واجب فالرواية يمكن صرفها على ما دلت عليه تلك الروايات والحكم مُسلم ولا اشكال فيه حرم في حال التخلي استقبال القبلة واستدبارها، ولكن ما هو المناط في استقبال القبلة هل البدن كله او مقاديم البدن او العورة فقط وهذه المحتملات سوف يأتي بيانها .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص325، ط ج.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص325، ط ج.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص302، ح4، باب عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص301، ح2، باب عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص301، ح1، باب عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها، ط ال البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص303، ح7، باب عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها، ط ال البيت.