الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام الاواني - انية الذهب والفضة
(مسألة 12): ذكر بعض العلماء أنه إذا أمر شخص خادمه فصب الچاي من القوري الذهب أو الفضة في الفنجان الفرفوري، وأعطاه شخصا آخر فشرب، فكما أن الخادم والآمر عاصيان كذلك الشارب لا يبعد [1]
لا ريب ولا اشكال في ان الاثم هو الذي امر لأنه سبب الحرام والمباشر بالصب وهو الخادم لأنه مباشر للاستعمال واما الشارب لهذا الاي الذي صب في الفنجان الفرفوري غير ذهبي هل يصدق عليه اثم او لا يصدق ؟، ذكر بعضهم ان بشربه للشاي وان كان من فنجان فرفوري فانه استعمل اناء القوري فيكون اثما ايضا، لكن صدق كونه مجرد شربه من الفنجان الفرفوري انه استعمال القوري الذهبي فان هذا عند العرف صدقه بعيد الا على نحو المجاز ان هذا الشاي كان في القوري الذهبي ثم صب في فنجان فرفوري ثم ذلك الشخص شرب منه فيحرم لان اصله كان من القوري الذهب فان هذا النحو من المجاز والعرف لا يعد عندهم استعمال، فنحن نستقي الموضوعات من العرف فانه لا ينسب لذلك الشارب انه استعمال فمقتضى الاصل يقتضي بعد عدم انطباق عنوان الاستعمال عليه لا يصدق عليه الاثم، الا اذا قلنا ينطبق عليه اثم باعتباره انه متعاون على الحرام مع الامر والمباشر، ولعل سكوت جملة من المحشين على ما ذكره الماتن في المقام لأجل عنوان التعاون لا لأجل انه استعمال قوري الذهب اذ انه لم يشرب منه ولم يكن صاب انما شرب من الفنجان الفرفوري فان نسبة الاستعمال بحقه بعيد الا انه ينطبق عليه عنوان التعاون وهذا ما جعل الكثير من الفقهاء يسكتون على كلام الماتن، لكن عنوان التعاون ايضا بعيد واستشكل عليه جمع من الفقهاء ومنهم السيد عبد الاعلى السبزواري قدس سره
ثم ذكر الماتن قدس سره : (مسألة 13): إذا كان المأكول أو المشروب في آنية من أحدهما ففرغه في ظرف آخر بقصد التخلص من الحرام لا بأس به، ولا يحرم الشرب أو الأكل بعد هذا [2]
الاقسام في المقام اربعة : الاول ما اذا كان ابقاء الطعام في هذه الانية من الذهب والفضة وملئه ايضا باختياره كلاهما باختياره، القسم الثاني ما اذا كان الابقاء باختياره لكن املائه بيد شخص اخر ليس هو من املاه، الثالث انما املاه شخص اخر وابقاه شخص اخر، الرابع ما اذا كان الابقاء من نفس هذا ولكن ملئه كان من شخص اخر، هذه هي الاقسام الاربعة
اما القسم الاول : وهو ما اذا كان املاء الطعام من نفس هذا الشخص وابقائه ينطبق عليه استعمال اذ بإمكانه ان يخلص من بإخراج الطعام من انية الذهب والفضة ولكنه يبقيه فعند العرف يعد استعملا، فاذا افرغها صحيح انه يخرج من الحرام لكنه يقع في حرام اقل من ذلك، وهذا نظير من توسط الدار المغصوبة باختياره فقد فعل محرما بتوسط الدار المغصوبة وخروجه ولو كان بقصد الحرام يكون محرما لأنه تصرف في المغصوب، كذلك في المقام ان الشخص قد ملئ انية الذهب او الفضة باختياره وكان ابقائه ايضا باختياره وعد عند العرف تصرفا وافراغه صحيح انه يريد التخلص من الحرام لكنه يتخلص من حران شديد الى حرام اضعف .
اما القسم الثاني : وهو في ما اذا كان ملئ الطعام من الغير لكنه ابقاه فهو ا يعد عند العرف استعمال له وهو محرم، الا انه لو قصد الفرار من الحرام بإفراغه في اناء اخر كان هذا صحيح لأنه فرار من الحرام الى الحلال اذ لم يكن الملء باختياره انا الابقاء كان باختياره والان يريد ان يتخلص من هذا الحرام بالإفراغ بأناء عادي وكلام المصنف يشمل هذه الصورة
اما القسم الثالث والرابع : وهو ان يكون ملئ من غيره وابقاء من غيره ويريد ان يفرغه في اناء اخر، فذكروا في هذا القسم والقسم الاخر انه يتطبق عليه استعمال بالإفراغ وهو استعمال محرم لكنه اذا تخلص من اناء الذهب او الفضة وافرغه في اناء اخر، فينطبق عليه استعمال فيحرم حينئذ ففي هذا الافراغ محرم لأنه استعمال في كل الاقسام، الا انه في القسمين الاخيرين انما يكون افراغ للتخلص من الحرام لان الاملاء ليس باختياره والابقاء ليس باختياره، هذا ما ذكروه
لكن الحق هو الرجوع الى العرف ايضا في ان استعمال انية الذهب والفضة هل يشمل كل استعمال او يختص ببعض الاستعمالات، الروايات الواردة في المقام على قسمين : قسم منها تعلق بالأكل والشرب فاذا صدق على انه اكل وشرب من انية الذهب ومنه وبه فيحرم فلا يشمل الافراغ لأنه لا يسمى اكل ولا شرب، اما القسم الثاني من الاخبار ما تعلق النهي بنفس انية الذهب والفضة من دون ان يكون اكل وشرب، فان النهي متعلق بالذات وهذا ايضا المنصرف منها الاستعمالات المتعارفة لا انه يشمل كل استعمال، فالمنصرف من هذه وان لم يرد فيها لفظ الاكل ولفظ الشرب بل يشمل مطلق الاستعمال لكن الاستعمالات المتعارفة لا يشمل الاستعمالات البعيدة، فلو وضع المكلف انية الذهب او الفضة على الورق لكي لا تذهب به الرياح هل يسمى عند العرف استعمالا او طرق به الباب، فان الاستعمال لأنية الذهب والفضة هو المتعارف في الاكل والشرب، اما اذا عد انتفاع فلا يوجد دليل على حرمة مطلق الانتفاع عن انية الذهب والفضة كما مر من الادلة هناك انتفاع وهناك استعمال وهناك اكل وشرب، فانه قد عرفنا ان مورد الروايات هو الاكل والشرب، الاستعمال ايضا استفدناه من هذا نهى رسول الله صلى الله عليه واله عن انية الذهب والفضة، أي نهى عن استعمال انية الذهب والفضة لكن مصداقه لابد ان يكون عرفي فلا يشمل مطلق الانتفاع، ولا دليل على انه اذا حرم الاستعمال حرم الانتفاع فلا تلازم بينهما وعلى فرض التلازم فان دل الدليل على حرمة احد المتلازمين لا تسري الحرمة الى الملازم له فالمرجع اصالة الحلية، فان الاستعمال المحرم هو الذي ينطبق عند العرف انه استعمال اما الافراغ لا يسمى استعمالا فاذا افراغ ما في الاناء في اناء اخر سواء كان بقصد التخلص من الحرام او بغيره فلا يكون هذا الافراغ محرما وان كان يصدق عليه انتفاع لكن عند العرف لا يسمى استعمالا
اذاً في هذه الاقسام الاربعة قسم واحد هو الذي يحرم في ما اذا كان ملئ انية الذهب والفضة بالطعام باختياره وابقائه باختياره وافراغه ايضا باختياره، ففي هذه الصورة الافراغ حرام ملئه استعمال وابقائه استعمال لكن الافراغ لا تكون حرمته نفس الاملاء والابقاء فانه اقل واضعف حرمة، وهذه هي الاقسام التي وردة وعلى جميع الاحتمالات لو افرغ الطعام في اناء اخر فانه لا يدل على حرمة ذلك الطعام اذا كان بغير اناء غير الذهب والفضة فانه وان كان سابقا فيهما والان افراغ منها فلا يكون ذلك المأكول محرما
ثم ذكر السيد السبزواري رحمه الله في المقام فروعا يتبين حكمها وموضوعها مما سبق ذكره : الفرع الاول : قال ان الادوات الكهربائية المستحدثة في هذه الاعصار المصنوعة من الذهب والفضة هل يحرم استعمالها، الا اذا قلنا بحرمة استعمال اثاث البيت اذا كان من الذهب او الفضة فاذا قلنا بهذه المقولة يحرم استعمال هذه الادوات أيضا اما اذا قلنا ان الحرمة مختصة بالأنية لا كل اثاث فحينئذ لا يصدق عليها انها نية ذهب وفضة وامثال ذلك كثير
الفرع الثاني : القلم المصنوع من الذهب وقاب الساعة او النظارات المصنوعة من الذهب فهذه لا تصدق عليها انية ذهب وفضة حتى نقول بحرمتها وايضا لا يصدق عليها اثاث ولا نقول باستعمال الاثاث الذهبي مطلقا، لكن اذا كان الذهب يجعل القلم او يلبس النظارة فانه لبس للذهب وسيأتي انه يحرم لبس الذهب بالنسبة للرجال باي نحو
الفرع الثالث : ان قاب الساعة ان كان لاصق بالساعة فهو جزئها لا يصدق عليه انية الذهب فلا يحرم استعمالها، اما اذا انفصلت وصدق عليها انية فيحرم استعماله لكن يحرم استعماله يحرم اذا كان للرجل كما سيأتي في لباس المصلي .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص311، ط ج.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص311، ط ج.