الأستاذ السيد علي سبزواري

بحث الفقه

35/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام الاواني - انية الذهب والفضة
كان الكلام في الاكل من انية الذهب والفضة وقلنا بان الاكل حرام اما بنفس الاكل والشرب كما ذهب له بعض الفقهاء او انهما من مصاديق الاستعمال، واستعمال انية الذهب والفضة في الاكل والشرب محرم والاخبار بذلك متفاوته ومقتضى الجمع بينهما ان استعمال انية الذهب والفضة محرم سواء كان في الاكل والشرب او غيرهما
الا ان النزاع في ان هذا الاكل وهو التناول من انية الذهب والفضة ان كان محرما هل يسري الى المأكول فيصير ذلك الطعام والشراب الموجود في تلك الانية من الذهب والفضة بنفسه محرم او لا يسري، وتقدم ان العناوين المتقدمة في الاخبار وفي كلمات الفقهاء ثلاثة، الاكل والشرب وهو العنوان الاول ولا اشكال في ان الاكل والشرب يعني التناول فانه حرام، اما الثاني وهو عنوان استعمال فهو يصدق على الاكل وهو التناول والشرب وهو التناول ايضا فيصدق عليهما انه حرام فالحرمة تعلقت بهذا العنوان أي عنوان الاكل وعنوان الشرب وهو عنوان الاستعمال، والعنوان الثالث المأكول والمشروب ل يكون بحد نفسه محرما او لا ؟، لا يوجد دليل على سراية الحرمة من التناول الى المأكول فيصير مثل اكل النجس او الميتة فينقلب لا يوجد دليل على ذلك وعند الشك نرجع الى اصالة البراءة الا ان يتمسك بالنبوي المعروف (الذين يشربون في آنية الفضة، انما يجرجر في بطونهم نار جهنم)[1] فيستفاد منه نفس المأكول نار ونفس المشروب نار يجرجره في بطنه فيكون نفس المأكول ونفس المشروب محرم، لكن هذا النبوي قاصر سندا ومحمول على المجاز وانما يستفاد منه عقاب الاستعمال لا ان نفس المأكول انه صار محرما وكذا المشروب بل ان ذلك كما ذكر صاحب الجواهر ان هذا الحديث استعماله مجازي لاستفادة العقاب الاخروي بالنسبة له
ثم ذكر الماتن قدس سره : المحرم هو استعمال السماور في طبخ الشاي دون نفس شربه[2]، لو كان السماور من الذهب او الفضة وصب الماء منه في القوري حرم هذا وحرم شرب الماء ايضا، بناء على ما ذكره ان المأكول والمشروب يكون محرما فهذا الماء المصبوب حرام وشربه يعد انه مشروب منه الا ان نفس الماء يكون محرما على مبناه، لا يوجد دليل على ان هذا المشروب صار بنفسه محرما انما الاستعمال حرام والشرب من السماور محرم لأنه من انية الذهب فيحرم اما انه يشرب الماء الموجود في وعاء اخر ليس من ذهب ولا من فضة فالمأكول والمشروب لا يكون محرما الا على مبنى الماتن قدس سره وما ذكرناه سابقا يعرف به هذا الفرع ايضا، فلا يوجد دليل اذا تلازم محرم بشيء اخر تنتقل الحرمة منه الى الاخر، ثم رتب على هذا الامر وقال لو كان هذا الاناء الذي اخذه من انية الذهب والفضة وصبه في اناء اخر نفس المأكول يكون محرما، بناء على رأيه وبناء على ما ذكرناه فلا دليل على الحرمة فلو اخذنا طعام من انية الذهب والفضة فانه استعمال بلا شك فاذا افرغناه في اناء من غير الذهب والفضة فلا يكون المشروب والمأكول محرما، فالمصنف رتب على رأيه اذا افطر في نهار شهر رمضان على ذلك المأكول يكون من الافطار على محرم فيجب عليه كفارة الجمع لأنه اكل شيء محرما فان المأكول او المشروب صار محرما ففي نهار شهر رمضان يكون محرما كالإفطار على النجس او الميتة فيجب عليه كفارة الجمع
الاشكال في المقام : ان الفقهاء اختلفوا في انه لو اخذنا الطعام من نية الذهب والفضة وافرغناه في اناء اخر فهل المحرم ينتقل الى المأكول والمشروب اين ما حل او ان الحرام نفس الاستعمال ونفس الاكل، فذهب الشيخ المفيد قدس سره وابي الصلاح ومال له المحقق البحراني ان المأكول والمشروب يصير محرما، وذكر المحقق البحراني ان هذا هو المستفاد من ظاهر النصوص لان الحرمة التي تعلقت بالتناول تتعلق بالمأكول والمشروب ايضا للملازمة بينهما فذهب الى ذلك جمع من الفقهاء، لكن المشهور على خلاف ذلك فان الحرام هو الاستعمال وتناول الطعام من انية الذهب والفضة اما نفس المأكول والمشروب اذا افرغناه في اناء اخر لا يكون محرما لان الادلة التي وردة في باب الصوم قالوا الافطار على محرم تارة تكون الحرمة ذاتية كحرمة النجس والميتة فأنها حرمة ذاتية والافطار على هذه المحرمات الذاتية توجب كفارة الجمع فان الافطار حرام وكان على ومحرم فصار موجب لكفارة الجمع، وتارة تكون الحرمة عرضية كوطء الحائض في شهر رمضان فان هذه الحرمة حرمة عرضية فان وطئ الحائض حرام وهو افطر في شهر رمضان وهو محرم ولكن افطر الجماع لكن افطاره على حرمة عرضية، وهذا بحث عند الفقهاء ان دليل كفارة الجمع يشمل الحرمة العرضية وان ذهب بعض الفقهاء منهم السيد الخوئي على انه لا تشمل الادلة الحرمة العرضية، الا ان المعروف يشمل الحرمة العرضية فلا تختص كفارة الجمع بالإفطار على المحرم الذاتي بل حتى المحرم العرضي
اما اذا لم تكن من الحرمة الذاتية ولا من العرضية وانما الحرمة اتت من ناحية المتعلق وصف بحال المتعلق ان هذا المأكول لما كان اكل من انية الذهب والفضة اصبح حرام فانه متعلق الحرام فهل تشمل الادلة مثل ذلك في ما اذا كان وصف بحال المتعلق ؟، قالوا ان الادلة قاصرة عن شمول ذلك لان المأكول والمشروب لم تثبت حرمتهما الا اذا قلنا انه حرام لكن كان بوصف حال المتعلق ولا دليل على ان ادلة الافطار على محرم يشمل هذا القسم فيقتصر الافطار على المحرم بالصورة الاولى، اما المحرم بوصف حال المتعلق فلا يشمله دليل الافطار المحرم فنرجع الى اصالة عدم وجوب الكفارة
فالمقام ان المأكول والمشروب الذي افرغ من انية الذهب والفضة في اناء اخر لم يثبت حرمة ذلك المأكول والمشروب واذا اثبتت انما كانت بوصف حال المتعلق فاذا صار هكذا فلا دليل على ان الافطار به موجب لكفارة الجمع وان الافطار المحرم يقتصر على المحرم الذاتي او المحرم العرضي ولا دليل للشمول ما ذكره السيد الماتن في المقام .


[1] مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي، ج2، 598.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص310، ط ج.