الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

39/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشهرستاني في الملل والنحل: اليونسيّة: أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى ال يقطين، زعم أنّ الملائكة تحمل العرش، والعرش يحمل الربّ تعالى، إذ قد ورد في الخبر أنّ الملائكة تئط أحيانا من وطأة عظمة الله تعالى على العرش، وهو من مشبهة الشيعة، وقد صنف لهم كتبا في ذلك.[1]

أقول: قد ذكرنا سابقاً، أّنّ الغاية من التشنيع على هؤلاء الأعلام الذين هم أصحاب الأئمة (عليهم السلام) هو إسقاطهم من أعيُن الناس، وبالتالي يكون الهدف هو تشويه المذهب، وأنه مبنيٌّ على أسس غير سليمة.

ولكن الإنصاف: أنّ يونس بن عبد الرحمان هو أجلّ مما ينسب إليه، وهو من الأكابر وقد تواترت الأخبار في فضله ومدحه وبلغت ما يقارب من ثلاثين رواية، فيها الصحيح والحسَن والممدوح، ومدحه علماء الرجال مدحاً عظيماً. وأمّا الروايات الواردة في ذمِّه فكلها ضعيفة السند -إلا روايةً واحدةً صحيحةً رواها الشيخ الصدوق في أماليه- وهي ما يقرب من عشرة روايات، وهي مستفيضة وليست متواترة.

أقوال الأعلام:

قال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في الفِهرست: مولى آل يقطين له كتب كثيرة أكثر من ثلاثين كتابا، و قيل إنها مثل كتب الحسين بن سعيد و زيادة. (إلى أن قال): وقال أبو جعفر بن بابويه سمعت ابن الوليد رحمه الله يقول كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة يعتمد عليها إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس و لم يروه غيره فإنه لا يتعمد عليه و لا يفتي به.[2]

وعدّه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في رجاله: تارة من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) بقوله: يونس بن عبد الرحمان، مولى علي بن يقطين، ضعفه القميون، وهو ثقة[3] . وأخرى من أصحاب الرضا (عليه السلام) بقوله: يونس بن عبد الرحمان، من أصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام)، مولى علي بن يقطين، طعن عليه القميون، وهو عندي ثقة[4] .

وقال ابن النديم في الفهرست: يونس بن عبد الرحمن من أصحاب موسى بن جعفر (عليه السلام). من موالى آل يقطين، علامة زمانه، كثير التصنيف والتأليف على مذاهب الشيعة[5] .

وقال النجاشي (رحمه الله) خرّيت صناعة علم الرجال: يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين بن موسى، مولى بني أسد، أبو محمد، كان وجها في أصحابنا، متقدما، عظيم المنزلة، ولد في أيام هشام بن عبد الملك، ورأى جعفر بن محمد (عليهما السلام) بين الصفا والمروة ولم يروِ عنه. وروى عن أبي الحسن موسى والرضا (عليهما السلام) وكان الرضا (عليه السلام) يشير إليه في العلم والفتيا. وكان ممن بُذِلَ له على الوقف مالٌ جزيل وامتنع (فامتنع) من أَخذه وثبت على الحق. وقد ورد في يونس بن عبد الرحمن رحمه الله مدح وذم. قال أبو عمرو الكشي -فيما أخبرني به غير واحد من أصحابنا عن جعفر بن محمد عنه-: حدثني علي بن محمد بن قتيبة قال: حدثني الفضل بن شاذان قال: حدثني عبد العزيز بن المهتدي، وكان خير قميّ رأيته، وكان وكيل الرضا (عليه السلام) وخاصته فقال: إني سألته فقلت: إني لا أقدر على لقائك في كل وقت، فعمن آخذ معالم ديني؟ فقال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن. وهذه منزلة عظيمة. ومثله رواه الكشي، عن الحسن بن علي بن يقطين سواء. وقال شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في كتاب مصابيح النور: أخبرني الشيخ الصدوق أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: قال لنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري رحمه الله: عرضت على أبي محمد صاحب العسكر (عليه السلام) كتاب يوم وليلة ليونس فقال لي: تصنيف من هذا؟ فقلت: تصنيف يونس مولى آل يقطين. فقال: أعطاه الله بكل حرف نوراً يوم القيامة. ومدائح يونس كثيرة، ليس هذا موضعها، وإنما ذكرنا هذا حتى لا نخليه من بعض حقوقه رحمه الله وكانت له تصانيف كثيرة [6] .

أقول: الرواية التي ذكرها الشيخ النجاشي (رحمه الله) عن الشيخ الكشّي (رحمه الله)، هي موجودة في إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)[7] ، وهي حسنة، لأنّ علي بن محمد القتيبي وإنْ كنّا سابقاً قلنا أنه غير موثق، إلا أنّ الإنصاف أنه ممدوح، حيث قال عنه الشيخ الطوسي في رجاله: فاضلٌ. كما أنّ الكشي (رحمه الله ) أَكْثَرَ الرواية عنه.أما الرواية التي أشار إليها بقوله: ومثله رواه الكشّي، فهي صحيحة، قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك اني لا أكارد أصل اليك أسألك عن كل ما أحتاج اليه من معالم ديني، أفيونس بن عبدالرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج اليه من معالم ديني؟ فقال: نعم[8] . وأما الرواية التي نقلها عن الشيخ المفيد (رحمه الله) في كتاب مصابيح النور، فهي صحيحةٌ أيضاً.

أما تتمة الروايات المادحة ليونس بن عبد الرحمان، فتأتي في الدرس القادم، إن شاء الله تعالى.


[1] الملل والنحل للشهرستاني، ج1، ص220.
[2] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص266.
[3] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص346.
[4] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص368.
[5] فهرست ابن النديم: ص276.
[6] رجال النجاشي، أبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي، ج1، ص447.
[7] اختيارمعرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ج2، ص779.
[8] اختيارمعرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ج2، ص784.