الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

37/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفضل بن عمر

وأمّا المفضّل بن عمر فقد اختلف الأعلام في وثاقته وعدمها فذهب جماعة منهم إلى الوثاقة وذهب جمع آخر إلى ضعفه.

ولنبدأ بما دلّ على وثاقته، وهو عدّة أمور الأول: عدّه الشيخ المفيد في الإرشاد من خاصة أبي عبد الله (ع) وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين، وممّن روى النص بالإمامة منه على ابنه أبي الحسن موسى (ع). الثاني: عدّه الشيخ في كتاب الغيبة من الوكلاء الممدوحين وحسن الطريقة.

الثالث: ذكر الشيخ رواية في التهذيب في باب المهور والأجور ينتهي سندها إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر، ثم قال في آخرها:(فأوّل ما في هذا الخبر أنه لم يروه غير محمد بن سنان عن المفضل بن عمر ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جداً ...ألخ)، فتعرّضه لمحمد بن سنان وعدم تعرّضه للمفضل يكشف عن إعتماده عليه وعدم ضعفه.

الرابع: ما ذكره محمد بن علي بن شهر آشوب في المناقب في باب إمامة أبي عبد الله (ع) قال: من خواص أصحابه. وفي مورد آخر ذكر أنه من الثقات الذين رووا صريحاً النص على موسى بن جعفر (ع). وفيه ان ابن شهر آشوب من المتأخرين عن الشيخ الطوسي وهو معاصر لإبن إدريس فتوثيقاته غير معتمد عليها إلاّ أنه مؤيد للمطلب.

الخامس: وقوعه في تفسير علي بن إبراهيم. وفيه ما عرفت أنه ليس من مشايخه المباشرين. السادس: رواية الإجلاء عنه مثل ابن أبي عمير ومحمد بن مسلم وجعفر بن بشير ويونس بن عبد الرحمن وعثمان بن عيسى والحسن بن محبوب وغيرهم. وفيه ان رواية الإجلاّء عنه إذا كانت كثيرة تكشف عن وثاقته إذا لم يرد فيه ذم كما في أكثر من مناسبة.

السابع: روى عنه جعفر بن بشير. وقال النجاشي في ترجمته:(روى عن الثقات ورووا عنه). ولكن سنذكر إن شاء الله تعالى أنه لا يستفاد من هذه العبارة أنه لا يروي إلاّ عن الثقات وإنما المراد مدحه بأنه يروي عن الثقات، كما أنه يروي عن غيرهم.

الثامن: ان ابن الوليد لم يستثنه من كتاب نوادر الحكمة. ولكن الإنصاف ان عدم استثنائه لا يكشف عن وثاقته. نعم يستفاد مدحه.

التاسع: الروايات المادحة وقد بلغت ستة وعشرين رواية تقريباً، فيكون هناك تواتر إجمالي وهذه الروايات وان كان أغلبها ضعيف السند إلاّ انه يؤخذ بأخصها مضموناً وهو المدح دون التوثيق. ونحن نذكر بعضها منها:

ما رواه الكشي قال: حدثني إبراهيم بن محمد قال حدثني سعد بن عبد الله القمّي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسين بن أحمد عن أسد بن أبي العلاء عن هشام بن أحمر قال:(دخلت على أبي عبد الله (ع) وأنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر وهو في ضيعة له في يوم شديد الحر والعرق يسيل على صدره فأبتدأني فقال: نعم والله الذي لا اله إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي حتى أحصيت نيفاً وثلاثين مرّة يقولها ويكررها قال: إنما هو والد بعد والد...ألخ). ولكنها ضعيفة بأسد بن أبي العلاء فإنه غير موثق وبجهالة هشام بن أحمر.

ومنها رواية المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (ع):(اكتب وبثّ علمك في أخوانك فإن متّ فأورث كتبك بنيك فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم). وهذه رواية الشيخ الكليني في الكافي، ولكنها ضعيفة بالإرسال مع أن الراوي لها هو المفضل.

ومنها رواية موسى ابن بكر (بكير) قال سمعت أبا الحسن (ع) يقول:(لما أتاه موت المفضل بن عمر قال رحمه الله: كان الوالد بعد الوالد أما أنه قد استراح). هذه الرواية رواها الكشي. وعليه فإن كان الراوي هو موسى بن بكر فالرواية معتبرة وإن كان موسى ابن بكير فهي ضعيفة لعدم وثاقته.

ومنها صحيحة يونس بن يعقوب قال أمرني أبو عبد الله (ع):(ان آتي المفضل وأعزيه، وقال اقرأ المفضل السلام وقل له إنا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا فاصبر كما صبرنا إنا أردنا أمراً وأراد الله عزوجل أمراً فسلّمنا لأمر الله عزوجل). هذه الصحيحة رواها الشيخ الكليني وقد أستدل بها الفقهاء على استحباب الصبر عند المصيبة.

وأما ما استدل على ضعفه فعدّة أمور أيضاً. الأول: ما ذكره النجاشي في ترجمته قال:(كوفي فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به وقيل انه كان خطّابياً وقد ذكرت له مصنفات لا يعوّل عليها...ألخ).

الثاني: ما ذكره ابن الغضائري قال:(ضعيف متهافت مرتفع القول خطّابي وقد زيد عليه شيء كثير وحمل الغلاة في حديثه حملاً عظيماً ولا يجوز ان يكتب حديثه...ألخ).

الثالث: الروايات الواردة في ذمه وهي تسع تقريباً. نذكر بعضها منها صحيحة إسماعيل بن جابر قال: قال ابو عبد الله: (ائت المفضل وقل له يا كافر يا مشرك ما تريد إلى ابني تريد ان تقتله ...ألخ). وهذه الرواية رواها الكشي.

ومنها رواية عبد الله بن مسكان قال: (دخل حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة الأزدي على أبي عبد الله (ع) فقالا له: جعلنا فداك ان المفضل بن عمر يقول: إنكم تقدرون أرزاق العباد. فقال والله ما يقدر أرزاقنا إلا الله. ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت إلى الفكرة في ذلك حتى أحرزت قوتهم فعندها طابت نفسي لعنه الله وبرىء منه. قالا أفنلعنه ونتبرأ منه. قال: نعم فالعناه وابرءا منه بريء الله ورسوله منه)، هذه الرواية رواها الكشي وهي ضعيفة بعدم وثاقة الحسين بن الحسين بن بندار القمّي.

ومنها ما رواه الكشي أيضاً عن اسماعيل بن عامر قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) (فوصفت له الأئمة حتى انتهيت إليه قلت وإسماعيل من بعدك فقال: أمّا ذا فلا قال: حماد فقلت لإسماعيل: وما دعاك إلى ان تقول واسماعيل من بعدك قال أمرني المفضل ابن عمر). وهي ضعيفة أيضاً بعدم وثاقة اسماعيل بن عامر وكذا غيرهما من الروايات.

أقول إذا عرفت ذلك فالإنصاف ان الرجل ثقة. وأما عبارة النجاشي فليست ظاهرة في ضعفه في نفسه لأن الإضطراب في الرواية لا يكشف عن ضعفه في نفسه، وأمّأ تضعيف ابن الغضائري فلا يعتد به لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مع المعروف بين الأعلام أنه يسرع إلى التضعيف، وأما الروايات الذامّة فلا تقاوم الروايات المادحة لأن روايات المادحة متواترة إجمالاً كما عرفت. وعليه فتحمل الروايات الذامة على الذم من أجل نسبته إلى الغلو ونحو ذلك. وعليه فتوثيق الشيخ المفيد الصريح في ذلك هو العمدة في المقام. والخلاصة ان الرجل ثقة. والله العالم