الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

38/01/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات حديث الرفع

حاصله تزول عنه بما ذكرناه أي بمجاهدة النفس التي هي الجهاد الأكبر. والخلاصة ان المبادئ لما كانت اختيارية صحّ تعلّق التكليف بالحسد من هذه الجهة. ورفع الحرمة حينئذ يكون امتنانيا حيث لم يكلفهم على نحو الالزام بمجاهدة النفس على عدم حصول هذه الصفة الخبيثة وأما الحسد من الجهة الثانية أي اظهاره باللسان أو باليد فهو محرم بلا اشكال، ولم ترفع حرمته قطعا بشهادة ما ورد في جملة من الروايات من ذّمه والنهي عنه.

ففي صحيحة محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (ع): (إن الرجل ليأتي بأي بادرة فيكفر وان الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب) ، وفي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (ع):قال: قال رسول الله (ص): ( كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر) ، الفقر كفر لأنه يفضي إلى ترك الرضا بقضاء الله، والمراد بالقدر القدرة والطاقة أي كاد الحاسد أن يخرج نفسه عن القدرة والطاقة عن فعل الخير فلا يستطيعه.

وفي صحيحة معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله (ع): (آفة الدين الحسد والعجب والفخر) ، وفي رواية داود الرقي عن أبي عبد الله (ع): (قال: قال رسول الله (ص) قال الله عزوجل: لموسى بن عمران (ع) : يا ابن عمران لا تحسدنّ الناس على ما أتيتهم من فضل ولا تمدّن عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك فإن الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك كذلك فلست منه وليس مني) ، ضعيفة بداود الرقي.

وأما الطيرة فالظاهر أنها في الأصل التشأم بالطير، قال الشيخ الأنصاري: (لإن أكثر تشأم العرب كان به خصوصا الغراب وعليه فهو وان كان أمرا غير اختياري إلا أن المرفوع هو حرمة التزام العرف بالتطير والتشأم وعدم الإقدام في أمورهم، فالحرمة التي جعلها العرف مانعة عن تمشية أمورهم وموجبة لصدّ مقاصدهم مرفوعة – أي غير ممضاة شرعا.

وهذا هو القابل للرفع فالشارع لم يمض ما عليه العرف من الالتزام بالصد عن المقاصد عند التطير والتشأم فنفاه الشارع امتنانا على هذه الأمّة كما يشهد لذلك قوله (ع): (إذا تطيرت فامض).

وأما التفكر في الوسوسة في الخلق فهو وان كان أمرا غير اختياري إلا أن مبادئه اختيارية والمرفوع فيها هو حرمة الوسوسة في الخلقة. وقيل ان المرفوع فيها هو وجوب التحفظ وصرف الذهن إلى أمر آخر غير مرتبطة بمقام أمر الخلقة، ولكنه بعيد لاحتياجه إلى التقدير، وقد ورد في جملة من الروايات انه لا شيء فيها وأنه تقول لا اله إلا الله.

منها حسنة جميل بن دراج عن أبي عبد الله قال: (قال: قلت له: إنه يقع في قلبي أمر عظيم. فقال: قل لا اله إلا الله. قال جميل: فكلما وقع في قلبي شيء قلت لا اله إلا الله فيذهب عني).

ومنها حسنة محمد بن مسلم عن أبي عبد االله (ع) قال: (جاء رجل إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله: هلكت. فقال له: أتاك الخبيث فقال لك من خلقك فقلت الله. فقال لك: الله من خلقه. فقال: أي والذي بعثك بالحق لكان كذا. فقال رسول االله (ص) ذاك والله محض الإيمان قال ابن أبي عمير فحدثت بذلك عبد الرحمن بن الحجاج فقال: حدثني أبي عن أبي عبد الله): أن رسول الله (ص) انما عنى بقوله هذا والله محض الايمان خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه).

(قوله ومنها حديث الحجب وقد انقدح تقريب الاستدلال به ممّا ذكرنا في حديث الرفع...الخ).