الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/04/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:دلالة آية النفر

قال صاحب الكفاية:(ثم أنه أشكل أيضاً بأن الآية لو سلّم دلالتها على وجوب الحذر مطلقاً فلا دلالة لها على حجّية الخبر بما هو خبر...ألخ[1] (.

هذا الإشكال الثالث الذي ذكره أيضاً الشيخ الأنصاري، وحاصله أن الإنذار الذي رتب عليه وجوب الحذر ليس مطلق الأخبار عن الحكم، وإنما هو عبارة عن الأخبار المشتمل على التخويف الناشىء من إعمال الرأي والإجتهاد في فقه الأحكام من مفاد الأخبار الصادرة عن المعصومين (ع).

ومن المعلوم أن الحذر الواجب عقيب هذا الإنذار إنما يناسب حجّية فتوى المجتهد لا حجّية الخبر الحاكي عن قول الإمام (ع) لأن وظيفة الراوي ليست إلاّ مجرد حكاية الرواية وقضية حجيته ليس إلاّ وجوب تصديقه فيما يحكيه عن الإمام (ع) لاّ الحذر عند تخويفه وإنذاره، والتخويف ليس من شأن الراوي بل هو من شأن المفتي والواعظ، فإن الواعظ يذكر ما يترتب من العقاب على مخالفة أوامر الله ونواهيه في مقام الوعظ فيخوف الناس ويحذرهم كما أن المفتي يفتي بما استنبطه من الواجب والحرام فيخوف مقلده بالإلتزام.

وفيه أن الإنذار وان كان هو الإخبار المشتمل على التخويف إلاّ أنه اعمّ من الصراحة والضمنية فإنه يصدق الإنذار على الإخبار المتضمن للتخويف ضمناً وان لم يصرّح به المنذر وإلا لم يصدق الإنذار على فتوى المفتي فإنه ليس في الفتوى التصريح بالتخويف مع أن المستشكل سلّم صدق الإنذار على الفتوى ولا فرق بين الفتوى والرواية في أن كلاّ منهما يشتمل على التخويف ضمناً فإن الأخبار بالوجوب يتضمن الأخبار بما يستتبع مخالفته من العقاب.

والإنصاف ان الآية الشريفة دالة على حجّية خبر الواحد. وممّا ذكرنا يتضح لك عدم صحّة ما ذكره السيد محسن الحكيم(ره) حيث قال: (والإنصاف أن الآية الشريفة لا تدل على حجّية الخبر ولا على حجّية الإجتهاد بل هي أجنبيّة عنهما بالمرّة وإنما تدل على وجوب التفقه في الدين وتعلّم معالمه في الأصول والفروع لغاية تعليم الجاهلين وتفقيههم بإقامة الحجّة عليهم وإقناعهم بالطريق الذي تعلّموا به وتفقّهوا بلا دلالة لها على حجّية الإجتهاد أو الخبر أصلاً لا مطابقة ولا إلتزاماً)[2] .


[1] کفاية الاصول، الآخوند الخراساني، ص299.
[2] حقائق الأصول، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، ج2، ص129.