الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجّية الشهرة الفتوائية

ومن جملة الأدّلة على حجّية الشهرة الفتوائية التعليل الوارد في آية النبأ ﴿ يا أيّها الذين آمنوا إن جائكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين [1] وجه الأستدلال بالآية الشريفة. أن المراد من الجهالة السفاهة والإعتماد على ما لا ينبغي الإعتماد عليه أي ما كان خلاف الحكمة. وعليه فيكون مفهوم الآية الشريفة ان كل ما كان فيه سفاهة لا يجوز العمل به وإذا لم يكن العمل به وبما أن الإعتماد على الشهرة الفتوائية ليس من السفاهة فيجوز العمل بها حينئذٍ.

وفيه أن أقصى ما يستفاد من التعليل هو عدم جواز العمل بكل ما يُعد العمل به سفاهة وهذا ما لا يقتضي وجوب العمل بكل ما ليس فيه سفاهة إذ ليس له مفهوم حتى يتمسك به ألا ترى أن قوله لا تأكل الرمان لأنه حامض : لا يدل على جواز أكل كل ما ليس بحامض. وكذا قوله لا تشرب الخمر لأنه مسكر، لا يدل على جواز شرب كل ما ليس بمسكر إذ قد تكون هناك علة تقتضي عدم جواز شرب بعض غير المسكرات.

هذا ولم يستبعد السيد أبو القاسم الخوئي (ره) أن يكون التعليل في الآية الشريفة يدل على العكس أي على عدم جواز العمل بالشهرة سواء أريد بالجهالة في الآية الشريفة ما يقابل العلم أم أريد بها السفاهة أما على الأول فواضح فإن العمل بالشهرة لا يكون عملاً بعلم لأنها لا توجب العلم، وكذلك على الثاني فإن العمل بها يعد سفاهة لأنه عمل بالظن ولا يأمن معه المكلف من العقاب لإحتمال عدم المصادفة وما كان كذلك فالعمل به يُعد سفاهة.

ويرد عليه أن العمل بالشهرة لا يكون عملاً سفهياً إذا السفاهة خفّة النفس لنقصان العقل مع أن الذي أخذ بالشهرة مشهور العلماء الأجلاء، وبالجملة لا إشكال في كون العمل بالشهرة ليس عملاً سفهياً. نعم هو عمل بغير علم لما عرفت من أن الشهرة لا تفيد إلاّ الظن. والخلاصة إلى هنا أنه لا دليل على حجّية الشهرة الفتوائية، والله العالم.


[1] سورة الحجرات، آية6.