الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث الحادي عاشر \ الفرق بين المشتق ومبدئه
 المبحث الحادي عشر: الفرق بين المشتق ومبدئه
 قال صاحب الكفاية: ( الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوما، أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ، ولا يعصى عن الجري عليه؛ لما هما عليه من نحو من الاتحاد، بخلاف المبدأ، فإنه بمعناه يأبى عن ذلك ... وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما، من أن المشتق يكون (لا بشرط) والمبدأ يكون (بشرط لا)؛ أي يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل، ومفهوم المبدأ يكون آبيا عنه )
 نقول: المبدأ من المقولات التسع العرضية، وهو حدث موجود لنفسه في عالم التصور واللحاظ، لكنه كبقية الأعراض لا بد له من موضوع في عالم الأعيان، فإن لاحظناه من حيث إنه ماهية مستقلة في قبال الجوهر، أبى بنفسه عن الحمل على الذات؛ لأنه ماهية في قبال ماهيتها، فهو مباين لها مباينة تامة، وعليه لا يمكن حمله عليها؛ لاشتراط الاتحاد الوجودي بين الموضوع والمحمول في صحة الحمل. ومن هنا قال أهل المعقول: المبدأ (بشرط لا)؛ أي بشرط عدم الحمل.
 وإن لاحظناه من حيث إن وجوده لنفسه عين وجوده لموضوعه؛ بمعنى أنه حاك عن موضوعه ومظهر له، أمكن حمله على الذات، ومن هنا قال أهل المعقول: المشتق هو المبدأ (لا بشرط).
 إذا عرفت ذلك، فنسأل: بناء على القول ببساطة مفهوم المشتق، هل بين المشتق ومبدئه مغايرة حقيقية أم اعتبارية؟
 ذهبت جماعة إلى المغايرة الاعتبارية، وأن المشتق ومبدأه شيء واحد، وإنما الفرق بالاعتبار، فمر يعتبر المبدأ (بشرط لا)، وأخرى (لا بشرط).
 وفيه: لو كان المشتق ومبدؤه شيئا واحد، والفارق بينهما اعتباري، والاعتبار مهما كان لا يغير الواقع، فلماذا صح حمل الأول على الذات دون الثاني، والحال أنه يشترط في صحة الحمل أمر واقعي، وهو الاتحاد الوجودي الواقعي بين الموضوع والمحمول؟
 فالإنصاف: أن التغاير بينهما حقيقي، فإنهما يختلفان باختلاف حيثية اللحاظ المتقدمة، وهو أنه إن لاحظنا المبدأ من حيث إنه ماهية مستقلة في قبال الجوهر، أبى بنفسه عن الحمل على الذات، وإن لاحظناه من حيث إن وجوده لنفسه عين وجوده لموضوعه، أمكن حمله على الذات، وحيثيتا التغاير هاتان واقعيتان لا اعتباريتان، وعليه فالتغاير حقيقي أيضا.
 إشكال صاحب الفصول:
 أورد صاحب الفصول على كون الفارق بين المشتق ومبدئه فرقا واقعيا لا اعتباريا، أن الماهية في الخارج مرة تكون (لا بشرط)، وهو حال كونها مطلقة، وأخرى (بشرط لا)، وهو حال كونها مقيدة بعدم الخصوصية، وأخرى بشرط شيء، وهو حال كونها مقيدة بخصوصية ما، إلا أن هذه الفوارق مجرد فوارق اعتبارية؛ ذلك أن الماهية في الخارج شيء واحد، فلم تحدث هذه الفوارق تغايرا حقيقيا في الماهية. وعليه، فالفارق بين المشتق ومبدئه اعتباري كذلك.
 جوابه: هذه المقايسة مع الماهية في غير محلها؛ لأن حيثيات اللحاظ في الماهية هي العوارض الخارجية، بلا نظر إلى الذات؛ لذلك كانت الفوارق اعتبارية، بينما النظر في حيثيتي اللحاظ في المشتق ومبدئه إلى الذات بقطع النظر عن العوارض الخارجية؛ فإن كان المبدأ من حيث ذاته مباينا للذات، فهو آب عن الحمل، وإن كان من حيث ذاته متحدا معها وجودا، فهو قابل للحمل.