الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث العاشر \ بساطة مفهوم المشتق
 كلام صاحب الفصول واختيار دخول مصداق الشيء في تعريف المشتق
 هذا تمام الكلام فيما لو اخترنا دخول مفهوم (الشيء) في تعريف المشتق، أما لو اخترنا دخول مصداقه، فيقول صاحب الكفاية نقلا عن صاحب الفصول: ( ثم قال: إنه يمكن أن يُختار الوجه الثاني أيضا، ويجاب بأن المحمول ليس مصداق الشيء والذات مطلقا، بل مقيدا بالوصف، وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة؛ لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا. ويمكن أن يقال: إن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب، فإن المحمول إن كان ذات المقيد وكان القيد خارجا، وإن كان التقييد داخلا بما هو معنى حرفي، فالقضية لا محالة تكون ضرورية، ضرورة ضرورية ثبوت الإنسان الذي يكون مقيدا بالنطق للإنسان وان كان المقيد به بما هو مقيد على أن يكون القيد داخلا... )
 يقول صاحب الفصول متمسكا بالتركيب: "إنه يمكن أن يُختار الوجه الثاني"؛ أي دخول مصداق الشيء في تعريف المشتق، دون أن يلزم إشكال المحقق الشريف، وهو انقلاب القضية الممكنة إلى قضية ضرورية؛ لأن المحمول على (الإنسان) الأول في قولنا: (الإنسان إنسان له النطق)، ليس مطلق إنسان ليقال بأنه حمل للشيء على نفسه، وهذا حمل ضروري، وإنما هو إنسان مقيد بوصف النطق، وقيد النطق إمكاني، فيصبح الحمل إمكانيا؛ إذ النتيجة تتبع أخس المقدمات، وعليه يندفع إشكال الانقلاب.
 رد صاحب الكفاية: جواب صاحب الفصول بأن المحمول المقيد بالنطق ينحل إلى حملين، لتصبح قضية (الإنسان إنسان له النطق) عبارة عن قضيتين: قضية ضرورية، وهي (الإنسان إنسان)، وقضية ممكنة وهي (إنسان له النطق)، وبانقلاب القضية الممكنة (الإنسان ناطق) إلى قضية ضرورية يبقى الإشكال واردا، وإن كان معها قضية ممكنة.
 ثم إن صاحب الكفاية موضحا كيف أن إنسان له النطق قضية خبرية ممكنة، قال:( فقضية (الإنسان ناطق) تنحل في الحقيقة إلى قضيتين: إحداهما قضية (الإنسان إنسان)، وهي ضرورية، والأخرى قضية (الإنسان له النطق)، وهي ممكنة؛ وذلك لأن الأوصاف قبل العلم بها أخبار، كما أن الأخبار بعد العلم تكون أوصافا، فعقد الحمل ينحل إلى القضية، كما أن عقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عامة عند الشيخ، وقضية ممكنة عند الفارابي، فتأمل )
 وتوضيحه: الفرق بين الجملة الوصفية (الإنسان الناطق)، والجملة الخبرية (الإنسان ناطق)، هو أن المخاطب في الأولى يعلم بنسبة النطق إلى الإنسان، وهذا معنى قول: "الأخبار بعد العلم بها أوصاف"، وفي الثانية لا يعلم بها، وهذا معنى قول: "الأوصاف قبل العلم بها أخبار".
 وعليه، حينما حللنا (ناطق) في قضية (الإنسان ناطق) إلى (إنسان له النطق)، فإن كان المخاطب لا يعلم بنسبة النطق إلى الإنسان، فيكون النطق خبرا، وإن كان يعلم بنسبته إليه، فيكون النطق وصفا.
 أما قوله: ( كما أن عقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عامة عند الشيخ، وقضية ممكنة عند الفارابي ) فهو إشارة إلى ما تقدم من ذهاب المعلم الثاني أبي نصر الفارابي إلى أن الوصف العنواني للموضوع المسمى بعقد الوضع، يكفي فيه إمكان الاتصاف في صحة الحمل، بينما ذهب الشيخ الرئيس أبو علي سينا إلى لا بدية الاتصاف الفعلي، ولكن هذا الكلام لا ربط له بمحل البحث، وإنما ذكره من باب التنظير لأصل انحلال القضيتين فقط.