46/03/12
الموضوع: کتاب البیع/بیع الثمار/
قول الماتن: (هذا، ويجوز اشتراط المُتجدّد من الثَّمرة في تلك السَّنة، وفي غيرها، مع حصر السِّنين، سواء كان المشترط من جنس البارز أو غيره)
كان الكلام فيما سبق في ضمّ الثَّمرة الظَّاهرة قبل بدوّ صلاحها إلى الثَّمرة الَّذي بدا صلاحها، بناءً على اشتراطه، وإلَّا فقد عرفت أنَّه لا يشترط في صحَّة البيع بدوّ الصَّلاح.
وأمَّا الكلام هنا، فهو في جواز شراء الثَّمرة الظَاهرة، وما يتجدَّد في تلك السَّنة وفي غيرها.
قال العلَّامة (رحمه الله) في القواعد: (ولو ظهر بعض الثَّمرة فباعه مع المُتجدِّد في تلك السَّنة صحّ، سواء اتّحدتِ الشَّجرة أو تكثَّرت، وسواء اختلف الجنس أو اتّحد...)[1]
وبالجملة، فالمشهور بين الأعلام شهرة عظيمة جواز ذلك، ومنهم المُصنِّف (رحمه الله) هنا، وفي اللُّمعة.
ومنهم الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة، حيث قال: (لأنَّ الظَّاهر منها بمنزلة الضَّميمة إلى المعدوم، سواء كانت المُتجدِّدة من جنس الخارجة، أم غيره)[2] .
ومنهم العلَّامة (رحمه الله) أيضاً في التَّذكرة: (يجوز عندنا بيع الثِّمار بعد بدوّ صلاحها مع ما يحدث بعدها في تلك السَّنة أو سنة أُخرى، وبه قال مالك...)[3] .
أقول: ما ذكره الأعلام هو الصَّحيح؛ إذ لم أجد مخالفاً معتدّاً به.
وتدلُّ عليه أيضاً: ما تقدَّم من الرِّوايات، مثل صحيحة يعقوب بن شُعيب، ومعتبرة إسماعيل بن الفضل الهاشميّ، وغيرها من الرِّوايات.
ويدلُّ عليه أيضاً: أنَّ الظَّاهر منها بمنزلة الضَّميمة إلى المعدوم، وقد عرفت صحَّة بيع ذلك.
* * *
قول الماتن: (ولو شرط ضمّ ما يتجدّد من بستان آخر عاماً أو عامَيْن احتمل الجواز)
جعل المُصنِّف (رحمه الله) جواز ذلك احتمالاً، وفي الجواهر: (إلَّا أنَّه ينبغي الاقتصار في ذلك على المتيقّن، وهو البستان الواحدة، أمَّا المُتعدِّدة فالأحوط إن لم يكن الأقوى عدمه، للأصل وغيره...)[4] .
ولكنَّ الإنصاف: هو الجواز بلا تردُّد؛ وذلك لصدق كون الظَّاهر منها بمنزلة الضَّميمة إلى المعدوم، وإن كان في بُستان آخر، والله العالم.
قول الماتن: (ولا يحمل مطلق البيع قبل الصَّلاح على القطع، بل يصحّ على قول، أو يُراعى، ويبطل على آخر)
إذا باع الثَّمرة بعد ظُهورها، وقبل بدوّ صلاحها، وأطلق، فهل يُحمل على القطع -أي قطع الثَّمرة-.
المعروف بين الأعلام أنَّه لا يحمل على القطع، وإن توقَّفت صحَّة العقد عليه، بل مع الإطلاق يصحّ العقد عند مَنْ لم يعتبر بدوّ الصَّلاح -كما هو الصَّحيح عندنا-، ويبطل العقد عند منِ اعتبر البدوّ، كما ذهب إليه جماعة من الأعلام، أو يُراعى في الصِّحّة وعدمها السَّلامة وعدمها، كما عن سلَّار (رحمه الله).
والخُلاصة: أنَّه مع الإطلاق لا يحمل على القطع، بل هو صحيح عندنا، وإن لم يحمل على القطع، والله العالم.
* * *
قول الماتن: (وبدوّ الصَّلاح في الثَّمرة زهوه، أي تلونّه، وفي العنب انعقاد حصرمه لا ظُهور عنقوده، وإن ظهر نَوْرُه، وفي باقي الثَّمار انعقاد حَبِّه بعد نَثْر وَرْدِه، وروى أبو بصير اشتراط الأمن من الآفة)
قد عرفت سابقاً أنَّه لا يُشترط في صحَّة بيع الثِّمار بدوّ الصَّلاح، بل هو عندنا شرط لانتفاء الكراهة.
نعم، بدوّ الصَّلاح شرط في صحَّة بيع الثِّمار عند جماعة من الأعلام.
وعليه، فالبحث عن معنى بدوّ الصَّلاح إنَّما هو شرط للصِّحّة عند جماعة من الأعلام أو للكراهة عندنا، وعند جماعة أُخرى من الأعلام.
ثمَّ إنه يقع الكلام في أمرَيْن:
الأوَّل: في معنى بدوّ الصَّلاح في ثمرة النَّخل.
الثَّاني: في معنى بدوّ الصَّلاح في ثمرة باقي الأشجار.
أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام أنَّ بدوّ الصَّلاح في ثمرة النَّخل هو تلوّنه، أي اصفراره أو احمراره.
وفي الجواهر: (على المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً، شهرةً عظيمةً، بل في محكيّ السَّرائر نسبته إلى أصحابنا، والمبسوط إلى روايتهم...)[5]
وهناك قول آخر للمُحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع، والعلَّامة (رحمه الله) في الإرشاد، وهو أنَّ بدوّ الصَّلاح الاصفرار أو الاحمرار، وأن يبلغ مبلغاً يؤمِّن عليها العاهة.
أقول: أمَّا القول المشهور، فيدلّ عليه جملة من الرٍّوايات:
منها: صحيحة الحسن بن عليّ الوشا في الفقيه المُتقدِّمة (قَاْل: سألتُ الرِّضا عليهالسلام هل يجوز بيع النَّخل إذا حمل؟ قَاْل: لا يجوز بيعه حتَّى يزهو، قلتُ: وما الزَّهو، جُعلت فداك؟ قَاْل: يحمرّ ويصفرّ، وشبه ذلك )[6]
والحسن بن عليّ الوشا هو نفسه الحسن بن عليّ بن بنت إلياس.
نعم، هي ضعيفة في الكافي بعدم وثاقة معلَّى بن مُحمّد.
ومنها: رواية عليّ بن أبي حمزة المُتقدِّمة -في حديث- (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلٍ اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه غيره بُسر أخضر؟ قَاْل: لا، حتَّى يزهوَ، قلتُ: وما الزَّهو؟ قَاْل: حتَّى يتلون)[7]
وهي ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة، وعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهريّ.