46/03/07
الموضوع: کتاب البیع/بیع الثمار/
قول الماتن: (فرع: على اشتراط بدوّ الصَّلاح لو أدرك بعض البستان جاز بيع الجميع)
إذا أدرك بعض ثمرة البستان الواحد، وبدا صلاحه، ولم يدرك الآخر، بعد أن كان ظاهراً.
فالمعروف بين الأعلام جواز بيع ثمرته أجمع -بناءً على اعتبار بدوّ الصَّلاح في الجواز، وعلى ما ذهبنا لا يشترط بدوّ الصَّلاح في الجواز، بل يجوز بيعها بعد ظُهورها، وإن لم يبدُ صلاحها-.
وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، بل عليه الإجماع، منقولاً مستفيضاً إن لم يكن محصّلاً، سواء كان متّحد النَّوع أو مختلفة...)[1]
وفي الحدائق: (الظَّاهر أنَّه موضع اتِّفاق نصًّا وفتوى؛ لأنَّ بيع ما لم يُدرك جائزٌ معَ الضَّميمة، كما تقدَّم، وما أدرك من الثَّمرة ضميمة هنا لِما لم يُدرك...)[2] .
أقول: يدلّ على ذلك -مضافاً للتَّسالم بين الأعلام قديماً وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار، ومضافاً لأنَّ بيع ما لم يدرك جائزٌ مع الضَّميمة، كما عرفت- جملة من الرٍّوايات:
منها: صحيحة يعقوب بن شُعيب (قَاْل: قَاْل أبو عبد الله عليهالسلام: إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعها جميعاً)[3]
ومنها: معتبرة إسماعيل بن الفضل الهاشميّ (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن بيع الثَّمرة قبل أن تُدرك؟ فقال: إذا كان له في تلك الأرض بيع له غلَّة قد أدركت فبيع ذلك كلّه حلال)[4] .
والمراد من البيع في قوله (عليهالسَّلام): (بيع له غلة)، أي المبيع.
وقوله في السَّند عن غير واحدٍ لا يضرّ في الحُجّيَّة، كما عرفت في أكثر من مناسبة.
ومنها: رواية عليّ بن أبي حمزة المُتقدِّمة[5] .
ولكنَّها ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهريّ.
قول الماتن: (ولو ضمّ إليه بستان آخر منعه الشَّيخ لظاهر رواية عمَّار، والوجه الجواز؛ لرواية إسماعيل بن الفضل، واعتضادها بالأصل)
لو أدركت ثمرة بستان، فهل يجوز أن ينضمّ إليه بستان أُخرى لم يبدُ صلاحها، ويُباع جميعاً -بناءً على اشتراط بدوّ الصَّلاح في الجواز، ولم يكفِ مجرّد الظُهور- .
والمعروف بين الأعلام هو الجواز أيضاً؛ لمكان الضَّميمة.
وتدلّ عليه أيضاً: معتبرة إسماعيل بن الفضل الهاشميّ المُتقدِّمة بناءً على ظاهر إطلاق الأرض فيها، فإنَّه أعمّ من أرض ذلك البستان الَّذي أدرك بعضه أو أرض بستان آخر، وهو الصَّحيح.
خلافاً للشَّيخ (رحمه الله) في الخلاف والمبسوط، حيث ذهب إلى عدم الجواز مدّعيًّا الإجماع على ذلك في الخلاف.
قال في المبسوط: (وإن كان بستانان فبدا صلاح الثَّمرة في أحدهما، ولم يظهر في الآخر لم يجز بيع ما لم يَبِن صلاحه؛ لأنَّ كلَّ بستانٍ له حكم نفسه، سواء كان من جنس ما ظهر صلاحه أو من غير جنسه...)[6] .
وقد يستدلّ له أيضاً: بموثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (سُئل عنِ الفاكهة متى يحلّ بيعها؟ قَاْل: إذا كانت فاكهةُ كثيرةُ في موضع واحد، فأطعم بعضها، فقد حلّ بيع الفاكهة كلّها، فإذا كان نوعاً واحداً فلا يحلّ بيعه حتَّى يطعم، فإن كان أنواع متفرّقة فلا يُباع شيءٌ منها حتَّى يطعم كلّ نوعٍ منها واحدة، ثمَّ تُباع تلك الأنواع)[7] .
ويرد عليه أوَّلاً: صِدْق الضَّميمة لو ضمَّها إلى بستان، ولم يبدُ صلاحها، فيصحُّ حينئذٍ لمكان الضَّميمة.
وثانياً: أنَّ معتبرة إسماعيل بن الفضل المُتقدِّمة تشمل ما نحن فيه؛ لأنَّ ظاهر إطلاق الأرض أعمُّ من أرض ذلك البستان الذي أدرك بعضه أو أرض بستان آخر.
وثالثاً: أنَّ موثَّقة عمَّار مشتملةٌ على ما لا يقول به أحد من الأعلام؛ لأنَّ ظاهرها أنَّ التّفرُّق إنما هو في أنواع الفاكهة، وإن كانت في بستان واحد.
وقد دلَّت على اشتراط اتِّحاد النَّوع بإدراك البعض في صحَّة بيع الجميع في البستان الواحد، مع أنَّه من المتَّفق عليه عدم اشتراط اتِّحاد النَّوع في صحَّة بيع الجميع في البستان الواحد بإدراك البعض.
وممَّا يؤيِّد ذلك: أنَّ غالب روايات عمَّار مشتملةٌ على الغرائب.