46/03/06
الموضوع: کتاب البیع/بیع الثمار/
أمَّا القول الأوَّل -وهو الحرمة-: فقدِ استدلّ له بجملة من الرِّوايات:
منها: صحيحة سُليمان بن خالد المُتقدِّمة عن الصَّادق (عليه السَّلام) : لا تشترِ النَّخل حولاً واحداً حتَّى يطعم، وإن كان يطعم إن شئت أن تبتاعه سنتَيْن فافعل)[1]
ومنها: رواية أبي الربيع[2] المُتقدِّمة أيضاً.
وهي ضعيفة بجهالة أبي الرَّبيع.
ومنها: رواية عليّ بن أبي حمزة -في حديث- قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلٍ اشترى بُستاناً فيه نخلٌ ليس فيه غيره بُسر أخضر؟ قَاْل: لا، حتَّى يزهو، قلتُ: وما الزَّهو؟ قَاْل: حتَّى يتلون[3]
وهي ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة، وعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهريّ.
ومنها: موثَّقة أبي بصير المُتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليهالسَّلام) أنَّه قَاْل: لا تشترِ النَّخل حولاً واحداً حتَّى يطعم، وإن شِئت أن تبتاعه سنين فافعل[4]
ومنها: صحيحة الحسن بن عليّ الوشَّا في الفقيه قَاْل: سألتُ الرِّضا عليهالسلام هل يجوز بيع النَّخل إذا حمل؟ قَاْل: لا يجوز بيعه حتَّى يزهوَ، قلتُ: وما الزَّهو، جعلت فداك؟ قَاْل: يحمرّ ويصفرّ، وشبه ذلك[5]
والحسن بن عليّ الوشّا هو نفسه الحسن بن عليّ بن بنت إلياس.
نعم، هي ضعيفة في الكافي بعدم وثاقة معلّى بن مُحمّد.
وكذا غيرها من الرِّوايات.
وأمَّا القول الثَّاني -وهو القول بالجواز على كراهة-: فقدِ استدلّ له بجملة من الرِّوايات:
منها: صحيحة يعقوب بن شُعيب قَاْل: سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن شراء النَّخل؟ فقال: كان أبي يكره شراء النَّخل قبل أن تطلعَ ثمرة السَّنة، ولكن السَّنتَيْن والثَّلاث كان يقول: إنْ لم يحمل في هذه السَّنة حَمْل في السَّنة الأخرى، قَاْل يعقوب: وسألتُه عنِ الرَّجل يبتاع النَّخل والفاكهة قبل أنْ يطلعَ سنتَيْن أو ثلاث سنين أو أربعاً؟ قال: لا بأس، إنَما يُكره شراء سنة واحدة قبل أن يطلعَ مخافة الآفة حتَّى يستبين)[6]
وهي واضحة جدًّا في الجواز بناءً على إرادة بدوّ الصَّلاح من الطُّلوع فيها، كما أنَّ المراد من الكراهة هو المعنى المصطلح عليه، كما لا يخفى.
ومنها: حسنة الحلبيّ المُتقدِّمة (قَاْل: سُئل أبو عبد الله عليهالسلام عن شراء النَّخل والكرم والثِّمار ثلاث سنين أو أربع سنين؟ فقال: لا بأس، تقول: إن لم يخرج في هذه السَّنة أخرج في قابل، وإن اشتريته في سنة واحدة فلا تشتره حتَّى يبلغَ، وإنِ اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس،
وسُئل عنِ الرَّجل يشتري الثَّمرة المُسمّاة من أرض فتهلك ثمرة تلك الارض كلّها؟ فقال: قدِ اختصموا في ذلك الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فكانوا يذكرون ذلك، فلمَّا رآهم لا يدعون الخُصومة نهاهم عن ذلك البيع حتَّى تبلغَ الثَّمرة ولم يحرمه، ولكن فعل ذلك من أجل خُصومتهم)[7]
فقوله (عليهالسَّلام): (ولم يحرمه)، قرينةٌ واضحةٌ على أنَّ نهيه السَّابق عن شراء (سنة واحدة حتَّى يبلغَ)، للكراهة؛ إذ هو كعبارة النَّبيّ (صلى الله عليه وآله).
ومنها: صحيحة بريد المُتقدِّمة[8] ، فإنَّها صريحة في الإنكار على توهُّم الحرمة من النَّهي المزبور الَّذي بعينه وقع في كلامهم (عليهمالسَّلام).
وكذا غيرها من الرِّوايات.
ومقتضى الجمع العرفي: حمل النَّهي في الرِّوايات السَّابقة المستدلّ بها للقول الأوَّل على الكراهة.
هذا كلُّه مضافاً إلى إطلاقات الكتاب المجيد، والسُّنّة النَّبويّة الشَّريفة في حلّ البيع، ووجوب الوفاء بالعقود.
ثمَّ لو سلَّمنا التَّعارض بين الرِّوايات، فتكون الرِّوايات النَّاهية المستدلّ بها للقول الأوَّل موافقة للعامَّة؛ لأنَّ العلَّامة (رحمه الله) حُكي في التَّذكرة المنع من المذاهب الأربعة.
وعليه، فتُحمل تلك الرِّوايات على التَّقيّة.
وأمَّا القول الثَّالث المحكيّ عن سلَّار (رحمه الله): فلا دليل له.
والخُلاصة إلى هنا: أنَّ الأقوى هو الجواز على كراهة، والله العالم.