46/03/06
الموضوع: الصوم
ومنها: ما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في عيون أخبار الرِّضا، قال: حدثنا مُحمّد بن بكر بن النقَّاش، وأحمد بن الحسن القطَّان، ومُحمّد بن أحمد بن إبراهيم المعاذيّ، ومُحمّد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب، قالوا: حدثنا أبو العبَّاس أحمد بن مُحمّد بن سعيد الهمدانيّ مولى بن هاشم، قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضَّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرِّضا (عليه السَّلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصَّادق جعفر بن مُحمّد، عن أبيه الباقر مُحمّد بن عليّ، عن أبيه زين العابدين عليّ بن الحُسين، عن أبيه سيِّد الشُّهداء الحُسين بن عليّ، عن أبيه سيِّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم الصَّلاة والسَّلام (قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم، فقال: أيُّها النَّاس! إنَّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرَّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشُّهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل اللَّيالي، وساعاته أفضل السَّاعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب.
فسلوا الله ربَّكم بنيَّات صادقة، وقلوب طاهرة أن يوفِّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فإنَّ الشَّقي من حُرم غفران الله في هذا الشَّهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضوا عمَّا لا يحلّ النَّظر إليه أبصاركم، وعمَّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم وتحنّنوا على أيتام النَّاس يتحنَّن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم.
وارفعوا إليه أيديكم بالدُّعاء في أوقات صلواتكم، فإنَّها أفضل السَّاعات ينظر الله عزَّوجلّ فيها بالرَّحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.
أيُّها النَّاس! إنَّ أنفسكم مرهونةٌ بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أنَّ الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذِّب المصلِّين والسَّاجدين، وأن لا يروعهم بالنَّار يوم يقوم النَّاس لربِّ العالمين.
أيُّها النَّاس! مَنْ فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشَّهر كان له بذلك عند الله عِتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه.
قيل: يا رسول الله! وليس كلُّنا يقدر على ذلك.
فقال عليه السَّلام: اتّقوا النَّار ولو بشقّ تمرة، اتّقوا النَّار، ولو بشربة من ماء.
أيُّها النَّاس! من حُسن منكم في هذا الشَّهر خلقه كان له جوازاً على الصِّراط يوم تزل فيه الأقدام، ومَنْ خفّف في هذا الشَّهر عمَّا ملكت يمينه، خفَّف الله عليه حسابه، ومَنْ كفَّ فيه شرَّه كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومَنْ أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومَنْ قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومَنْ تطوَّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النَّار، ومَنْ أدَّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدَّى سبعين فريضة فيما سواه من الشُّهور، ومَنْ أكثر فيه من الصَّلاة عليَّ ثقل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين، ومَنْ تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشُّهور.
أيُّها النَّاس! إنَّ أبواب الجنان في هذا الشَّهر مفتحة، فسلوا ربَّكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النّيران مغلقة فسلوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، والشَّياطين مغلولة فسلوا ربكم أن لا يسلطها عليكم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقمت، فقلت: يا رسول الله! ما أفضل الأعمال في هذا الشَّهر؟
فقال: يا أبا الحسن! أفضل الأعمال في هذا الشَّهر الورع عن محارم الله عزَّوجل.
ثمَّ بكى، فقلتُ: يا رسول الله! ما يبكيك؟
فقال: يا عليّ! أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشَّهر، كأنِّي بك وأنت تصلِّي لربِّك، وقدِ انبعث أشقى الأولين شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلتُ: يا رسول الله! وذلك في سلامة من ديني؟
فقال عليه السلام: في سلامة من دينك...)[1]
وهي بهذا السَّند ضعيفة؛ لأنَّ مشايخه الأربعة، وهم مُحمّد بن بكر بن النقَّاش، وأحمد بن الحسن القطَّان، ومُحمّد بن أحمد بن إبراهيم، ومُحمّد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب، لم يوثَّقوا.
ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الأمالي أيضاً عن مُحمّد بن مَرَّار إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن مُحمّد الهمداني، قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن فضَّال...
ورواها أيضاً في فضائل الأشهر الثَّلاثة بنفس السَّند، ومُحمّد بن إبراهيم، كما عرفت غير موثّقٍ.
نعم، رواها ابن عُقدة أبو العبَّاس أحمد بن مُحمّد بن سعيد في كتاب فضائل أمير المؤمنين (عليه السَّلام)، قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضَّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرِّضا (عليه السَّلام)...
وهي موثَّقة بهذا السَّند، فإنَّ ابن عُقدة، وإن كان زيديّاً جاروديّاً، إلَّا أنَّه ثقة، وابنا فضَّال، وإن كان فطحيَّيْن، إلَّا أنَّهما ثقتان.