الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مستحبّات الصلاة(4)

>> سند رواية الصَّدوق في الفقيه عن حماد

وهي ضعيفة ، لأنَّ في إسناد الصَّدوق إلى حمَّاد بن عَمْرو وأَنَس بن محمَّد عدَّة من المجاهيل، كما أنَّ حماد بن عَمْرو وأَنَس وأباه مجهولون، ورواها أيضاً مرسلة.

والزِّبِين: بوزن سجيل وسكين، والمراد بالسَّكران: هو سُكْر النوم، يعني لا يقوم للصَّلاة متناعساً، كما سيأتي .

ثمَّ إنَّ المراد من لا صلاة لحاقن، هو نفي الكمال، لا الصحَّة.

ومن هنا كانت مكروهةً ، أي بمعنى أقليَّة الثواب.

ويدلَّ على الصّحَّة مع مدافعة الأخبثَيْن -مضافاً للتسالم بينهم- صحيحة عبد الرَّحمان بن الحجَّاج «قال: سألتُ أبا الحسن (عليه السَّلام) عن الرَّجل يصيبه الغمز في بطنه -وهو يستطيع أن يصبر عليه- أيصلِّي على تلك الحال، أو لا يصلِّي؟ قال: فقال: إنِ احتمل الصَّبر ولم يخفْ إعجالاً عن الصَّلاة، فليصلِّ وَلْيصبر»([1] ).

وأمَّا كراهة مدافعة الرِّيح: فقد ذَكَره جماعة من الأعلام، وقد علّلوه بأنّه يسلب الخشوع والإقبال المطلوب في الصَّلاة.

ولا يخفى أنَّ هذا التعليل يصلح للتأييد لا للاستدلال .

نعم، قد يستدلّ له بصحيحة عبد الرّحمان بن الحجَّاج المتقدِّمة، فإنَّ قوله: «يصيبه الغمز في بطنه» يشمل الرِّيح، وإلَّا فلا يوجد ما يدلّ عليه بالخصوص.

وأمَّا مدافعة النوم فتدلّ عليه: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السَّلام) «قال: إِذَا أَقَمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَعَلَيْكَ بِالْإِقْبَالِ عَلَى صَلَاتِكَ، فَإِنَّمَا لَكَ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ، وَ لَا تَعْبَثْ فِيهَا بِيَدِكَ، وَ لَا بِرَأْسِكَ، وَ لَا بِلِحْيَتِكَ -إلى أن قال:- وَ لَا تَقُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَ لَا مُتَنَاعِساً، وَ لَا مُتَثَاقِلًا فَإِنَّهَا مِنْ خِلَالِ النِّفَاقِ، فإنَّ الله سبحانَه نَهَى المؤمنينَ أنْ

يقومُوا إلى الصَّلاةِ وهم سُكَارَى، يعني سُكْر النَّوم، وقالَ للمُنَافقِين: ﴿{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً}»([2] ).

والمراد بكراهة مدافعة النَّوم: الاشتغال بالصَّلاة متناعساً، كما دلَّت عليه الصَّحيحة، فإنَّه بذلك يكون كالسكران، وربَّما دعا على نفسه في أثناء الصَّلاة.

هذا كلُّه إذا عرضت المدافعة للأخبثين قبل الشُّروع في الصَّلاة، قال صاحب الحدائق : «وكيف كان، فإنَّ الحكم المذكور مخصوص بما إذا عرض له ذلك قبل الدُّخول في الصَّلاة، وإلَّا فإن كان بعد ذلك فلا كراهةَ إجماعاً».

وقد يستدل لذلك بأنَّه لا معنى للكراهة لوِ اتَّفق عروضها في أثناء الصَّلاة لحرمة القطع، فلا يعدل المكلَّف إليه كي يخاطب بالكراهة.

ولكن الإنصاف: إنَّه يمكن القول بكراهة الاشتغال بفعل الصَّلاة إذا عرضت المدافعة حتَّى في أثناء الصَّلاة، وذلك لإطلاق الأدلَّة ، فيجوز له القطع حينئذٍ، بل هو الأفضل له.

ولا ينافيه الأمر بالصَّبر في صحيحة عبد الرَّحمان بن الحجَّاج المتقدِّمة، فإنَّه محمول على الإباحة، لأنَّه في مقام توهُّم الحَظْر.

وأمَّا القول: بأنَّه يحرم قطع الصَّلاة.

فيرد عليه: أنَّ عمدة القول بالحرمة هو الإجماع المنقول بخبر الواحد.

ومع قطع النظر عن عدم حجِّيته فإنَّه دليل لُبِّي، يقتصر فيه على القدر المتيقَّن، والمتيقَّن منه غير هذا الفرد، والله العالم.

___________

 

قوله: (ولُبس الخُفّ الضّيِّق)

كما هو المعروف بين الأعلام.

وقدِ استُدل له: برواية إسحاق بن عمّار المتقدّمة «قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السَّلام) يقول: لا صلاة لحاقن، ولا لحاقب، ولا لحاذق، فالحاقن الذي به البول، والحاقب الذي به الغائط، والحاذق الذي قد ضَغَطه الخُفّ»([3] )، ولكنَّها ضعيفة، لجهالة يحيى بن المبارك.

وعلَّل الكراهة في المدارك: «لِما في لُبسه حالة الصَّلاة من سلب الخشوع، والمنع من التمكُّن في السجود».

وفيه: ما عرفته، من أنَّ هذه الأمور لا تصلح مدركاً للحكم الشَّرعي، فالكراهة حينئذٍ غير ثابتة بدليلٍ معتبر.

 

قوله: (والإيماء والإشارة ، إلَّا لضرورة، فيُومِئ برأسه، أو بيده، أو يضرب إحدى يديه على الأخرى، والتنبيه بالتسبيح والتكبير، والقرآن أَولى؛ وفي رواية الحلبي عن الصَّادق (عليه السّلام): «الرَّجل يُومِئ بيديه، ويشير برأسه، والمرأة تصفِّق بيدها»)

تدلّ على ما ذكره المصنِّف ¬ جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) «في الرَّجل يريد الحاجة، وهو في الصَّلاة، قال: فقال: يومِئ برأسه، ويشير بيده، والمرأة إذا أرادت الحاجة تصفِّق»([4] ).

ومنها: صحيحة الحلبي «أنَّه سأَل أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن الرَّجل يريد الحاجة، وهو في الصَّلاة، فقال: يُومِئ برأسه، ويشير بيده، ويسبِّح، والمرأة إذا أرادت الحاجة -وهي تصلي- فتصفِّق بيديها»([5] ).

ومنها: موثَّقة عمَّار بن موسى «أنَّه سأل أبا عبد الله عن الرَّجل يسمع صوتاً بالباب -وهو في الصَّلاة- فيتنحنح لتسمع جاريته وأهله لتأتيه، فيشير إليها بيده، ليعلمها من بالباب، لتنظر من هو، فقال: لا بأس به؛ وعن الرَّجل والمرأة يكونان في الصَّلاة فيريدان شيئاً، أيجوز لهما أن يقولا: سبحان الله؟ قال: نعم، ويؤميان إلى ما يريدان، والمرأة إذا أرادت شيئاً ضربت على فخذها وهي في الصَّلاة»([6] ).

ومنها: رواية أبي الوليد «قال: كنتُ جالساً عند أبي عبد الله ، فسأله ناجية أبو حبيب، فقال له : جعلني الله فداك! إنَّ لي رحًى أطحن فيها، فربّما قمت في ساعةٍ من اللَّيْل، فأعرف من الرَّحى أنَّ الغلام قد نام، فأضرب الحائط لأوقظه، فقال: نعم، أنت في طاعةِ الله عزَّوجل، تطلب رزقه»([7] )، وهي ضعيفة بجهالة الوليد، لاشتراكه بين عدَّة أشخاص، وكذا غيرها من الرِّوايات الكثيرة.

 

قوله: (وكره أبو الصّلاح التجشّي)

وفيه: أنَّه لا دليل عليه.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص251، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص463، أبواب قواطع الصلاه، باب1، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص252، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح5، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص254، أبواب قواطع الصلاه، باب9، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص254، أبواب قواطع الصلاه، باب9، ح2، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص255، أبواب قواطع الصلاه، باب9، ح4، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص256، أبواب قواطع الصلاه، باب9، ح8، ط آل البيت.