الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مستحبّات الصلاة(3)

قوله: (والتأوُّه بحرف)

قال المصنِّف في الذِّكرى: (العاشر : التأوُّه بحرف واحد، والأنين به اختياراً، لقربه إلى الكلام...).

وفي المدارك: (الضَّابط في كراهة التأوُّه والأنين: أنْ لا يظهر منهما ما يعدّ كلاماً، وإلَّا حرما وأبطلا الصَّلاة، لكن يمكن المناقشة في الكراهة، مع انتفاء الكلام، لِعدم الظَّفر بدليله...).

وعلَّل الكراهة في كشف اللثام: بدخولهما في يسير العبث.

أقول: أمَّا تعليل المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى الكراهة بالقرب من الكلام.

ففيه: ما لا يخفى، فإنَّ الكراهة حكم شرعيّ، لا تثبت بهكذا تعليلات واهية.

وأمَّا تعليل صاحب كشف اللثام فأيضاً ليس تامّاً، لانصراف إطلاق العبث عن مثلهما.

وقد يستدلّ لكراهة خصوص الأنين: بما رواه الشَّيخ (رحمه الله) عن طلحة بن زيد بن جعفر عن أبيه عن عليٍّ (عليه السلام) (أنَّه قال: مَنْ أنَّ في صلاته فقد تكلَّم)([1] )؛ ورواها الشَّيخ الصَّدوق مرسلةً([2] ).

والاستدلال للكراهة: مبنيّ على عدم اندراجه في الكلام حقيقةً، فيحمل على إرادة التنزيل مبالغةً في الكراهة.

وفيه: أنَّ الرِّواية بطريق الشَّيخ ضعيفة، لعدم وثاقة طلحة بن زيد، كما أنَّها ضعيفة في الفقيه بالإرسال.

___________

 

أضف إلى ذلك: أنَّ الأصحاب أعرضوا عنها، وهذا يزيدها وهناً.

وعليه، فما ذكره صاحب المدارك من عدم الظَّفر بديل للكراهة في محلِّه.

قال في المدارك: (واستحسن المصنِّف في المعتبر جواز التأوُّه بالحرفين للخوف من الله عند ذكر المخوِّفات، وهو حسن﴿، قال: وقد نُقِل عن كثير من الصُّلحاء التأوُّه في الصَّلاة ، ووصف إبراهيم بذلك([3] )﴾ يؤذِن بجوازه).

أقول: قد يستدلّ للصّحّة بخروجه عن منصرف كلام الآدميين.

وعليه، فلا يشمله ما دلّ على قاطعيَّة الصَّلاة بالكلام الآدمي، والله العالم.

 

قوله: (ومدافعة الحدث، خبثاً كان، أو ريحاً، أو نوماً)

أمَّا كراهة مدافعة البول والغائط فهو المعروف بين الأعلام، قال العلَّامة (رحمه الله) في المنتهى: (يُكره مدافعة الأخبثين، وهو قول من يُحفَظ عنه العلم).

أقول: تدلّ عليه جملة من الأخبار:

منها: صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (لا صلاة لحاقن، ولا لحاقنة، وهو بمنزلة مَنْ هو في ثوبه)([4] ).

قال في الحدائق: (بيان: الموجود في التهذيب، والذي نقله جملة من الأصحاب، هو ما ذكرناه من قوله: ولا لحاقنة، ونقله في الوافي: لحاقن، ولا لحاقنة).

ثمَّ قال (رحمه الله): ﴿كلاهما بالحاء المهملة، وفي آخر الأوَّل نون، وفي آخر الثاني باء موحَّدة ، يعني بالحاقن: حابس البول، وبالحاقب: حابس الغائط.

ثمَّ نقل كلام النهاية بذلك، إلى أن قال: (فما يُوجد في بعض نسخ التهذيب: لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة، بالنون فيهما جميعاً، فلعلَّه تصحيف).

وعن أكثر الأعلام أنَّ الأصحّ ما ذكره في التهذيب.

ويؤيِّده: ما عن البرقي في المحاسن أنَّه رواه هكذا: (فعنه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة، وهو بمنزلة من هو في ثوبه)([5] ).

وقد يؤيِّد ما ذكره صاحب الوافي: ما ورد في رواية إسحاق بن عمَّار (قال: سمعتُ أبا عبد الله الصَّادق (عليه السلام) يقول: لا صلاة لحاقن، ولا لحاقب، ولا لحاذق، فالحاقن الذي به البول، والحاقب الذي به الغائط، والحاذق الذي قد ضغطه الخُفّ)([6] )، ولكنَّها ضعيفة بجهالة يحيى بن المبارك.

ومنها: رواية أبي بكر الحضرمي عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا تصلِّ وأنت تجد شيئاً من الأخبثين)([7] )، وهي ضعيفة بجهالة والد أبي بكر الحضرمي.

ومنها: ما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه بإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمَّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمَّد، عن آبائه (عليهم السَّلام) (في وصية النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلِّي (عليه السلام)، قال: يا عليّ! ثمانية لا تُقبَل منهم الصَّلاة: العبد الآبق حتَّى يرجع إلى مولاه، والناشز وزوجها عليها ساخط، ومانع الزَّكاة -إلى أن قال: - والسَّكران، والزِّبِّين وهو الذي يدافع البول والغائط)([8] ).

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص281، أبواب قواطع الصلاه، باب25، ح4، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص281، أبواب قواطع الصلاه، باب25، ح2، ط آل البيت.
[3] هود/السورة11، الآية20.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص251، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص251، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص252، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح5، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص252، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح5، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص252، أبواب قواطع الصلاه، باب8، ح5، ط آل البيت.