الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التسليم في الصَّلاة(14)

>>خـــبر المــفضل بن عمر.

ولكنَّه ضعيف جدًّا:

أوَّلاً: بمحمَّد بن سنان، والقاسم بن الرَّبيع الصحَّاف.

وثانياً: بجهالة عليّ بن العبّاس، وعدم وثاقة محمّد بن إسماعيل البرمكي، ومحمّد بن أبي عبد الله الأسدي.

وأمَّا المفضل بن عمر فهو ثقة عندنا.

أضف إلى ذلك: أنَّه مخالِف لما ذهب إليه المشهور من الأعلام، ومخالف لِما يظهر من غيره من الأخبار، من ثلاث جهات:

الأُولى: الإيماء بالأنف لمن يصلِّي وحده، مع أنَّ المشهور في كلام الأعلام هو الإيماء بمؤخَّر عينه.

الثانية: الإيماء بالعين للإمام، مع أنَّ المشهور هو الانحراف بالوجه.

الثالثة: التسليم ثلاثاً للمأموم، مع أنَّ المشهور بين الأعلام مرتان.

والخلاصة إلى هنا: أنَّه بناءًَ على صحّة الرّواية الدَّالة على أنَّ المنفرد يسلِّم عن يمينه، فالجمع بين الرِّوايات لا ينحصر بالإيماء بمؤخَّر العين.

بقي في المقام شيء يستحسن معرفته، وهو أنَّ الإيماء بالعين في حقّ الإمام -كما سيأتي إن شاء الله تعالى- لا يتوقَّف على حرف الوجه ولو قليلاً إلى اليمين، بل يحصل بمَيْل العين، وصرف حدقتها إليه.

وأمَّا الإيماء بالأنف أو بطرفه أو بصفحة الوجه، فلا يتحقَّق إلَّا بحرف الوجه قليلاً.

والفرق بينها إنَّما هو بتوجُّه النفس والقصد إلى الإشارة بكلٍّ منها، والله العالم.

المبحث الثاني: في الإمام، ويقع الكلام فيه من جهتَيْن أيضاً كالمنفرد:

الأُولى: أنَّه يستحبّ له تسليمة واحدة، لا أكثر.

الثانية: ما قيل: إنَّه يستحبّ له الإيماء بصفحة وجهه إلى يمينه.

المعروف بين الأعلام أنَّه كالمنفرد، يستحبّ له تسليمة واحدة، ويشهد له جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة منصور بن حازم (قال أبو عبد الله عليه السلام: الإمام يسلِّم واحدةً، ومن ورائه يسلِّم اثنتين، فإن لم يكن عن شماله أحد يسلِّم واحدةً)([1] ).

ومنها: صحيحة الفضلاء -زرارة ومحمَّد بن مسلم ومعمَّر بن يحيى وإسماعيل- كلُّهم عن أبي جعفر عليه السلام (قال: يسلِّم تسليمةً واحدةً، إماماً كان أو غيره)([2] ).

ومنها: رواية الخِصال بإسناده عن أنس (أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسلِّم تسليمةً واحدةً)([3] )، ولكنَّها ضعيفة جدًّا، فإنَّ أغلب رجال السَّند بين ضعيف ومجهول الحال.

ومنها: حسنة عبد الله بن يحيى الكاهلي (قال: صلَّى بنا أبو عبد الله عليه السلام في مسجد بني كاهل، فجهر مرتين ببسم الله الرَّحمان الرحيم، وقنت في الفجر، وسلَّم واحدةً ممَّا يلي القبلة)([4] ).

وأمَّا ما ذكره المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى من أنَّ صحيحة عليّ بن جعفر المتقدِّمة فيها دلالة على استحباب التسليم للإمام، والمنفرد أيضاً، قد عرفت جوابه.

_______________

هذا، وقد نقل المصنِّف في الذكرى عن ابن الجنيد أنَّه قال: (إن كان الإمام في صفّ سلِّم عن جانبيه).

وفيه: أنَّه لا دليل عليه أصلاً.

الجهة الثانية: المعروف بين الأعلام أنَّه يستحبّ للإمام أنَّ يومِئ بصفحة وجهه إلى يمينه.

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (والإمام كذلك -أي يسلِّم تسليمةً واحدةً- إلَّا أنَّه يومِئ بصفحة وجهه لرواية عبد الحميد إن كنت إماماً أجزأك تسليمةً واحدةً عن يمينك([5] )...).

أقول: الرِّوايات الواردة في المقام مختلفة منها أنَّه يسلِّم عن يمينه، كصحيحة عبد الحميد بن عوَّاض التي أشار إليها المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى.

وفي جملة منها يسلِّم تسليمةً واحدةً، وهو مستقبل القبلة:

منها: صحيحة أبي بصير -وهو ليث المرادي- (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا كنتَ إماماً فسلِّم تسليمةً وأنت مستقبل القِبلة)([6] ).

ومنها: روايته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا كنتَ إماماً فإنَّما التسليم أن تسلِّم على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) السَّلام عليك، وتقول: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعتِ الصَّلاة، ثمَّ تُؤذِن القوم، فتقول -وأنت مستقبل القبلة-: السَّلام عليكم...)([7] )، ولكنَّها ضعيفة بمحمَّد بن سنان.

ومنها: حسنة الكاهلي المتقدِّمة([8] ).

ومنها: رواية أبي بكر الحضرمي (قال: قلتُ له: إنِّي أصلِّي بقوم، فقال: سلِّم واحدةً ولا تلتفت، قل: السَّلام عليك أيُّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم )([9] )، وهي ضعيفة بالإضمار .

ومنها: رواية عبد الله بن أبي يعفور (قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن تسليم الإمام -وهو مستقبل القبلة- قال: يقول: السَّلام عليكم)([10] ).

وهي ضعيفة بالإرسال، لأنَّ المحقِّق في المعتبر لم يذكر طريقه إلى جامع البزنطي.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص420، أبواب التسلیم، باب2، ح4، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص420، أبواب التسلیم، باب2، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص422، أبواب التسلیم، باب2، ح14، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص423، أبواب التسلیم، باب11، ح17، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص419، أبواب التسلیم، باب2، ح3، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص419، أبواب التسلیم، باب2، ح1، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص421، أبواب التسلیم، باب2، ح8، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص426، أبواب التسلیم، باب2، ح17، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص421، أبواب التسلیم، باب2، ح9، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص421، أبواب التسلیم، باب2، ح11، ط آل البيت.