الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/02/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التشهّد والتسليم في الصَّلاة(11)

 

قوله: (ووضع اليدين على الفخذَيْن مضمومتي الأصابع)

قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى: (ويضع يديه على فخذيه مبسوطة الأصابع، مضمومة، عند علمائنا، لما روَوه، ورويناه، من فعل النَّبيّ (صلى الله عليه وآله)؛ وتفرّد ابن الجنيد بأنَّه يشير بالسبابة في تعظيمه لله، كما تقوله العامَّة)، وذكر نحوه العلَّامة في التذكرة.

والرِّواية التي أشار إليها المصنِّف رحمه الله ضعيفة بالإرسال.

وعليه، فالحكم مبنيّ على التسامح في أدلَّة السُّنن، وبما أنَّه لم تثبت عندنا هذه القاعدة، فيأتي به حينئذٍ برجاء المطلوبيَّة.

قوله: (والنظر إلى حِجره)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (ويكون نظره حال التشهُّد إلى حِجره، قاله الأصحاب)، وفي المدارك: (ولا بأس به، لِما فيه من الخشوع والإقبال على عبادة الله تعالى).

وفيه: ما لا يخفى، فإنَّ الأحكام الشرعيَّة لا تثبت بهذه التعاليل المستنبطة؛ والظاهر أنَّه لا يوجد نصّ في المسألة.

نعم، في الفِقه الرَّضوي: (وَلْيكن بصرُك في وقت السُّجود إلى طرف أنفك، وبين السَّجدتين في حِجرك، وكذا في وقت التشهُّد).

ولكنك عرفت أنَّ كتاب الفِقه الرضوي ليس روايةً عن الإمام عليه السَّلام ، إلَّا إذا كان بعنوان (روي)، فيكون روايةً مرسلةً.

واستقربنا أنَّ الكتاب المذكور هو فتاوى لابن بابويه رحمه الله.

وعليه، فيأتي به رجاءً.

قوله: (وسبق: باسم الله، وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله، وزيادة الثناء والتحيَّات في التشهُّد الذي يسلِّم فيه، لا في الأوَّل، والزِّيادة في الصَّلاة على النَّبي وآله)

يدلّ على كلّ ما ذُكِر موثَّقة أبي بصير الطَّويلة، وقد ذَكَر الأعلام أنَّ أفضل التشهد ما ورد فيها، فقد روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السَّلام (أنَّه قال: إذا جلستَ في الرِّكعة الثانية، فقل: بسم الله وبالله وخير الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّداً عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي السَّاعة، أشهد أنَّك نِعم الربّ، وأنَّ محمَّداً نِعم الرَّسول، اللّهمّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وتقبَّل شفاعته في أمَّته، وارفع درجته.

ثمَّ تحمد الله مرتين، أو ثلاثاً، ثمَّ تقوم، فإذا جلست في الرابعة، قلت: بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدً عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي السَّاعة، أشهد أنَّك نِعم الرَّب، وأنَّ محمَّداً نِعم الرَّسول، التحيَّات لله، والصَّلوات الطَّاهرات الطَّيبات الزَّاكيات الغاديات الرَّائحات السَّابغات الناعمات لله، ما طاب وزكا وطهر وخلص وسفا فلله، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله، أرسله بالحقِّ بشيراً ونذيراً بين يدي السَّاعة، أشهد أنَّ ربي نعم الربّ، وأنَّ محمَّداً نِعم الرَّسول، وأشهد أنَّ السَّاعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ الله يبعث مَنْ في القبور، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله رب العالمين، اللّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وبارك على محمَّد وعلى آل محمَّد، وسلِّم على محمَّد وعلى آل محمَّد، وترحَّم على محمَّد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت وترحَّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد، اللّهمّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلّاً للذين آمنوا، ربَّنا إنَّك رؤوف رحيم، اللّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وامنن عليَّ بالجنَّة وعافني من النار، اللّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولِمَنْ دخل بيتي مؤمناً، ولا تزد الظالمين إلَا تباراً.

ثمَّ قل: السَّلام عليك أيها النَّبيّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام على أنبياء الله ورسله، السَّلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرَّبين، السَّلام على محمَّد بن عبد الله خاتم النبيين، لا نبيَ بعده، والسَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، ثمَّ تُسلِّم)[1] .

وما فيها من عدم ذكر الشَّهادة بالرِّسالة في التشهُّد الأوَّل فهو على بعض النسخ غير الثَّابتة، وإلَّا ففي النسخ الصَّحيحة تِكرار لفظ الشَّهادة .

ولا يبعد أن يكون هناك سقط في نسخة صاحب الوسائل غير المشتملة على التكرار.

ثمَّ إنَّه قد فسِّرت التحيات: بالعظمة، والملك، والبقاء.

وقيل: التحيات هي أسماء الله تعالى، السَّلام المؤمن المهيمن الحيّ القيّوم، يريد التحية بهذه الأسماء.

وقوله: (الصَّلوات لله)، أي: الرَّحمة لله على العباد، لِقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾.

والغاديات الكائنات: وقت الغدو، والرائحات الكائنة: في وقت الرَّواح، وهو من زوال الشَّمس إلى اللَّيْل ، وما قبله الغدو، والسَّابغات: الكاملات الوافيات، والمراد من الناعمات: ما يقرب من معنى الطيِّبات.

قوله: (والدُّعاء)

قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى: (يجوز الدُّعاء في التشهُّد للدين والدنيا، لعموم الأمر بالدُّعاء، لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ولِما رُوي عن النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله، أنَّه قال لابن مسعود: ثمَّ ليتخيّر من الدّعاء ما أعجبه(2)...).

أقول: قد ورد بعض الأدعية في موثَّقة أبي بصير المتقدِّمة، وكذا غيرها.

وبالجملة، ما ذكره المصنِّف رحمه الله في غاية الصّحة والمتانة .

وأمَّا الرِّواية التي أشار إليها فهي عاميَّة ضعيفة السَّند، كما لا يخفى.

قوله: (وإسماع الإمام مَنْ خلفه)

يدلّ على ذلك صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السَّلام (قال: ينبغي للإمام أن يُسمع مَنْ خلفه كلّ ما يقول، ولا ينبغي لِمن خلفه أن يُسْمِعه شيئاً ممَّا يقول)[2] .

والحجَّال: المذكور في السَّند ينصرف إلى أبي محمَّد الحسن بن علي، أو إلى عبد الله بن محمَّد الأسدي، وكلّ منهما ثقة، وأمَّا غيرهما ممَّا يلقّب بالحجّال، فلا ينصرف إليه عند الإطلاق.

قوله: (ويُكره الإقعاء فيه، كراهةً مغلَّظةً، وقال الصَّدوق والشَّيخ: لا يجوز)

تقدَّم الكلام في تفسير الإقعاء، وحكمه في السُّجود عند قول المصنِّف رحمه الله: (ويكره الإقعاء على الأقوى، وقيل: لا)، وقد ذكرنا المسألة بالتفصيل، ومنها يتضح حكم الإقعاء في التشهُّد، فراجع، ولسنا بحاجة للإعادة.

 

_____________

 

(2) صحيح البخاري: ج، ص212.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص393، أبواب التشهد، باب3، ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص396، أبواب صلاه الجمعه، باب52، ح3، ط آل البيت.