الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : النية في الصلاة(6)

قوله : (فروع : الأوَّل : لو نوى الفرض قاعداً - وهو مخاطب بالقيام أو بالعكس - بطلت)[1]

قال المصنِّف قدس سره في الذكرى : (ولا تشترط نيَّة القيام أو القعود، ولو نوى الفرض قاعداً - وهو مخاطب بالقيام أو بالعكس - فالأولى البطلان لتلاعبه) .

أقول : ما ذكره قدس سره من عدم اشتراط نيَّة القيام أو القعود وإن كان صحيحاً إلَّا أنَّ ما ذكره من البطلان فيما لو نوى الفرض قاعداً - وهو مخاطب بالقيام أو بالعكس - فيه تفصيل :

تارة : يكون ذلك من باب الاشتباه في التطبيق كأن يقصد الأمر المتعلِّق به فعلاً، وتخيَّل أنَّه مخاطب بالقيام، فبان أنَّه مخاطب القعود أو بالعكس، فيصحّ حينئذٍ، ولا موجب للبطلان .

وأخرى : على وجه التقييد فلا يصحّ حينئذٍ، كما إذا قصد امتثال الأمر المتعلّق بالقيام فقط، وهو مخاطب بالقعود، أو الأمر المتعلّق بالقعود فقط، وهو مخاطب بالقيام، والله العالم .

قوله : (الثاني : لا بدَّ في النافلة من نيَّة سببها كالعيد ندبا ، وفي الراتبة مشخِّصها كالزَّوال)[2]

المعروف بين الأعلام أنَّه لا بدَّ في النافلة من نيَّة سببها كالاستسقاء والعيد المندوب، ضرورة اشتراكها بينها وبين غيرها، فما ليست بذاتِ سببٍ - مضافاً إلى اشتراك ذوات الأسباب أيضاً ونحوها الموقَّتة - لا بدَّ من تعيُّنها بالإضافة إلى الوقت ونحوه، ضرورة عدم اقتضاء التوقيت نفي مشروعيَّة غيرها كي يُكتفى بقصد وقوع الصَّلاة فيه عن ذلك ، بل هذا الوقت تشترك فيه صاحبة الوقت وغيرها ، فيحتاج إلى التعيين .

ولكن ذهب العلَّامة قدس سره في التذكرة إلى خلاف ما ذهب إليه المشهور، حيث ذكر أنَّ غير المقيَّدة - يعني بسبب وإن تقيدت بوقت كصلاة الليل وسائر النوافل - يكفي فيها نيَّة الفعل، ولا يحتاج إلى قصد القيد .

وقال نحو ذلك في النهاية، قال قدس سره : (أمَّا النوافل : فإمَّا مطلقة - يعني من السبب والوقت - ويكفي فيها نيَّة فعل الصَّلاة، لأنَّها أدنى درجات الصَّلاة، فإذا قصد الصَّلاة وجب أن تحصل له، ولا بدَّ من التعرُّض للنفليَّة على إشكالٍ ينشأ من الأصالة والشَّركة، ولا يشترط التعرُّض لخاصَّتها، وهي الإطلاق والانفكاك عن الأسباب والأوقات .

وإمَّا مطلقة بوقتٍ أو سببٍ، والأقرب اشتراط نيَّة الصَّلاة والتعيين والنفل، فينوي صلاة الاستقساء والعيد المندوب وصلاة الليل وراتبة الظُّهر، على إشكالٍ ... ) .

أقول : ما ذهب إليه المشهور من نيَّة السَّبب في النافلة هو الصحيح، ضرورة اشتراكها بينها وبين غيرها ممَّا ليست بذات سبب .

مضافاً إلى اشتراك ذوات الأسباب أيضاً فلا بدَّ من التمييز فيما بينها .

نعم، إذا أراد أن يأتي بنافلةٍ ليست بذاتِ سببٍ، ولا مقيَّدة بوقتٍ، بل نافلة مطلقة، أي مبتدأة باعتبار أنَّ الصَّلاة خير موضوع ، ففي هذه الحالة لا يحتاج إلى نيَّة الإطلاق، إذ الظَّاهر عدم كون الإطلاق قيداً لها كي يتعرَّض له كباقي الأسباب، بل يكفي في مشروعيَّتها وتحقق كونها مطلقة عدم التعرُّض للسبب، والله العالم .

*** *** ***

قوله : (الثالث : لو نوى الخروج من الصَّلاة، أو فعل المنافي، فالوجه البطلان؛ وكذا لو شكَّ هل يخرج أم لا ؟ ؛ أمَّا ما يخطر في النفس من الوسواس فلا)

يقع الكلام في ثلاثة أمور :

الأوَّل : في نيَّة الخروج من الصَّلاة .

الثاني : في التردُّد في الخروج وعدمه .

الثالث : في نيَّة فعل المنافي، كالتكلُّم والالتفات الفاحش، ونحوهما .

أمَّا الأمر الأوَّل : فتارةً ينوي الخروج، ثمَّ يرجع إلى نيته قبل أن يأتي بشيء من أجزاء الصَّلاة.

وأخرى يرجع إلى النية بعد الإتيان بشيءٍ من أجزاء الصَّلاة بلا نيَّة .


[1] الينابيع الفقهية، علي أصغر مرواريد، ج28، 608.
[2] الينابيع الفقهية، علي أصغر مرواريد، ج28، 608.